موسكو مرتاحة لنتائج قمة أنقرة وتتهم التحالف بإعاقة التسوية

TT

موسكو مرتاحة لنتائج قمة أنقرة وتتهم التحالف بإعاقة التسوية

أبدت موسكو ارتياحا واسعا لنتائج القمة الروسية - التركية - الإيرانية، واعتبرت أوساط أنها «وجهت رسائل واضحة إلى واشنطن» ووضعت رؤية مشتركة تعزز دور البلدان الثلاثة في الملف السوري.
ونقلت وكالة «نوفوستي» الرسمية تعليقات نسبت إلى مصادر قريبة من الكرملين، تصف نتائج قمة أنقرة بأنها «خطوة كبيرة إلى الأمام»، وترى أن «الأطراف الثلاثة أظهروا رؤية وإرادة مشتركة بأنها العامل الأساسي لتثبيت أي تسوية في سوريا، وعلى الولايات المتحدة أن تأخذ ذلك في الاعتبار وهي تناقش ملف الانسحاب أو إرجاء الانسحاب».
وجاء خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي وجه أمس إلى مؤتمر الأمن الدولي الذي تنظمه وزارة الدفاع الروسية في موسكو، ليضع شكوكاً بتأكيدات سابقة حول انتهاء المهمة العسكرية في سوريا بعد إنجاز القضاء على قدرات تنظيم داعش. وقال بوتين في رسالته إن «تنظيم داعش الإرهابي رغم تعرضه لضربات قوية، فإنه لا يزال يحتفظ بقدراته التخريبية وسبل شن هجماته في مختلف بلدان المنطقة والعالم».
ولفت إلى «قدرة كبيرة لدى التنظيم على تغيير تكتيكه بسرعة، وشن الهجمات في مختلف بلدان المنطقة والعالم، ناهيك عن تفاقم خطر التنظيمات المتطرفة الأخرى».
وشن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو هجوما عنيفا على التحالف الدولي، وقال إنه «لم يتعاون مع موسكو في سوريا». ورأى أن نشاطه أسفر عن زيادة تعقيد الوضع في هذا البلد، وإطالة أمد الحرب فيه.
بينما حذر وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي من استفحال الأزمات والتوتر في الشرق الأوسط، بسبب تصرفات واشنطن، بعد ما وصفه بـ«هزيمة سياستها الإقليمية» المتمثلة في دحر «داعش».
وزاد في كلمة أمام المؤتمر، أن «العوامل التي أدت إلى إنشاء (داعش) قائمة، وطالما استمرت الحكومة الأميركية في التهرب من المسؤولية عن تصرفاتها المتهورة في الساحة الدولية، سيزيد المشهد تعقيدا وارتباكا».
ودعا حاتمي إلى وضع نظام أمن شامل لمنطقة غرب آسيا، مشيرا إلى أن التعاون بين روسيا وإيران وتركيا في سوريا يمكن أن يكون نموذجا يحتذى في تحقيق هذا الهدف. وكان وزيرا الدفاع الروسي والإيراني قد أجريا جولة محادثات ركزت على الوضع في سوريا. وأشاد شويغو خلال لقائه أمير حاتمي بـ«مساهمة طهران في محاربة الإرهاب بسوريا».
وزاد أن «الموضوع الرئيسي لهذا المؤتمر يخص بلدينا، وعملنا المشترك في سوريا، الذي أتى بنتائج ملموسة، وسمح بتحرير معظم الأراضي السورية من الإرهاب الدولي».
بينما أكد وزير الدفاع الإيراني استعداد بلاده لمواصلة التعاون «حتى القضاء على آخر إرهابي في سوريا، وإحلال الاستقرار في هذا البلد».
على صعيد آخر، أعلن رئيس غرفة العمليات في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية سيرغي رودسكوي، أن عملية إجلاء المسلحين عن الغوطة الشرقية في ريف دمشق، ستنتهي في غضون أيام.
وقال رودسكوي أمام المؤتمر، إن البدء في عملية إجلاء المسلحين عن دوما، وهي آخر معقل لهم في الغوطة الشرقية، يعني اقتراب الوضع من نهايته. وفي غضون بضعة أيام يجب استكمال العملية الإنسانية في الغوطة الشرقية».
وجدد رودسكوي اتهام الولايات المتحدة بأنها تسعى إلى «تقسيم سوريا، والتأسيس لحرب جديدة في هذا البلد»، وأضاف: «اتخذت واشنطن مسارا جديدا لتقسيم سوريا. هم يبذلون الآن كامل إمكانياتهم لإشعال صراع سيتحول عاجلا أم آجلا إلى حرب جديدة، يقاتل فيها الكل ضد الكل». وفيما يتعلق بتنظيم داعش الإرهابي، قال رودسكوي، إن «النتائج الرئيسية للعمليات الروسية التي أسفرت عن دحر (داعش) في سوريا، وألحقت به أضرارا فادحة، هيأت الظروف المناسبة لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا، وإطلاق التسوية السلمية، واستعادة المؤسسات الحكومية دورها في الأراضي المحررة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.