«مثلث البورصة» في القاهرة الخديوية ينتظر «إعادة الروح»

يعاني من «هدوء قاتل» منذ إغلاق المقاهي

TT

«مثلث البورصة» في القاهرة الخديوية ينتظر «إعادة الروح»

لا يكسر هدوء شارع الشريفين بمثلث البورصة في قلب القاهرة الخديوية، سوى أصوات معدات عمّال شركات الترميم... حيث تحوّلت المنطقة التي كانت شديدة الصّخب قبل ثلاث سنوات إلى منطقة شديدة الهدوء عقب إغلاق المقاهي التي كانت مقصداً مهماً لعشرات الشبان والمواطنين بشكل شبه يومي. وبينما يتسابق عمّال إحدى شركات الترميم الأثري للانتهاء من ترميم عمارات مثلث البورصة التراثية ذات الطّراز المعماري الفاخر والنادر، طبقاً للخطة الحكومية طويلة الأمد التي تقضي بتطوير أكثر من 300 عقار تراثي بالقاهرة الخديوية... يسعى مسؤولو محافظة القاهرة لإعادة الروح إلى المنطقة من جديد من خلال تخصيص أماكن فنية ثابتة ومفتوحة للجمهور، مع تكريس المنطقة التي تعج بالمباني التراثية النادرة والشاهدة على جزء مهم وحيوي من تاريخ مصر المعاصر كمتحف مفتوح أمام المشاة والمارة والشبان المثقفين.
«الشرق الأوسط»، تجولت في مثلث البورصة لرصد أعمال التطوير التي تجري على قدم وساق، بعدد من المباني القديمة، والتقت المسؤولين عن التطوير ومدير شركة الترميم التي سبق لها ترميم مناطق تراثية عدة في القاهرة الخديوية بوسط القاهرة، إضافة إلى تطوير حي روكسي بمنطقة مصر الجديدة.
منطقة البورصة عبارة عن مثلث، رأسه عند ميدان طلعت حرب، وضُلعاه في شارعي قصر النيل وصبري أبو علم وقاعدته في شارع شريف، وداخل هذا المثلث، تتفرع شوارع أخرى مغلقة كممرات للمشاة... هي شوارع الشريفين وشريف الصغير، وأبو بكر خيرت وعلوي، والقاضي الفاضل وشارع البنك الأهلي. ويوجد أيضاً بجوار مبنى البورصة وقاعة التداول التاريخية التي تحولت الآن إلى متحف، ومبنى الإذاعة المصرية العريق، فندق «الكوزموبوليتان» المغلق حالياً للتجديد، وهو مبنى ضخم ذو طراز معماري فريد.
وقال رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري محمد أبو سعدة، إنه تمت الموافقة على مشروع تطوير شارع الشريفين، وتسميته بشارع الفنون. وأضاف في بيان صحافي: «إنه تم الاتفاق خلال الاجتماع على أن تُنفّذ محافظة القاهرة المشروع خلال 4 أشهر، ويضم مركزاً بمثابة نافذة لفناني (الفيديو أرت) للفنانين الشبان، سواء لعرض أحدث أعمالهم، أو لعقد ورش تدريبية متعلقة بهذا الفن، ومركزاً للتصوير الفوتوغرافي، بجانب تنظيم الأحداث المحلية والدولية للفوتوغرافيا، مع إتاحة عرض منتجات الحرف التقليدية مثل الزجاج المعشق والخزف والجبس».
وتتولى شركة «الونش» للمقاولات والترميمات الأثرية، ترميم وتطوير الواجهات الخارجية لعمارات مثلث البورصة، ومن بينها فندق الكوزموبوليتان الذي ستطوّره شركة «إيجوث» المصرية من الداخل، لإعادة تشغيله مرة أخرى أمام السياح والنزلاء الذين يعشقون تراث القاهرة الخديوية. وهو فندق تاريخي يشبه فنادق أوروبا العريقة، وقد جلس على مقاعده عمالقة الأدب والفن، وبدأ تشييد فندق الكوزموبوليتان عام 1923، على يد المعماري الإيطالي ألفونسو ساسوو، وذلك تحت اسم الـ«متروبوليتان»، وهو اسمه الأصلي القديم.
بدوره، قال المهندس سعيد البحر، مدير تطوير مشروع القاهرة الخديوية، لـ«الشرق الأوسط»، التي التقته أثناء تواجده بمنطقة البورصة: «نعمل حالياً على تحويل المنطقة إلى مركز للفنون والتراث؛ إذ تم تخصيص منطقة فضاء لإقامة أنشطة فنية عليها مع عروض موسيقية وكرنفالات تشكيلية ومعارض لمنتجات الحرف اليدوية، بجانب تحويل مبنى الإذاعة في شارع الشريفين إلى متحف، وبخاصة أنّه شهد أحداثاً ووقائع تاريخية مهمة، مثل إذاعة خطاب ثورة 23 يوليو (تموز) 1952». وأضاف: «قبل بدء أعمال التطوير في مثلث البورصة خاطبنا البنوك الموجودة في المنطقة لدفع مبالغ مالية إلى المحافظة من أجل تنفيذ خطة التطوير، وبالفعل استجاب (البنك الأهلي) وبنك (قناة السويس) وشركة (ايجوث)، وجميعها تمتلك عقارات تراثية وأصولاً بمثلث البورصة، ثم بدأنا العمل في 16 عقار، بشارع الشريفين ومثلث البورصة».
ولفت البحر: «سنغيّر أيضاً الأرضيات، بمساحة (12 ألف متر مربع) وتتكون من أحجار البازلت والرخام الأسود مع الحفاظ على الأشجار الموجودة بالمنطقة، ومنع دخول السيارات إليها باستثناء حالات الطوارئ، مثل المطافئ، والإسعاف، والشرطة».
وأوضح مدير مشروع تطوير القاهرة الخديوية، أنّ «لجنة التطوير تأخذ في الاعتبار آراء سكان المنطقة، أثناء عمليات الترميم، بينما نزيل المخالفات الصارخة بشكل فوري قبل إجراء عمليات التطوير».
من جانبه، قال السيد عبد السلام، 40 سنة، أحد سكان المنطقة لـ«الشرق الأوسط»: «البورصة كانت منطقة سياحية، والآن تحولت إلى منطقة هادئة جداً، و(مشلولة) بعد غلق المقاهي التي نعترف بأنّها كانت صاخبة ومصدر إزعاج، لكنّها كانت مصدر دخل ونشاط ورواج سياحي في المنطقة؛ لذلك نطالب بعودة بعضها مع بعض التنظيم أسوة بمقاهي شارعي الألفي والأزبكية.
إلى ذلك، قال عمر فايد، مدير شركة «الونش» للترميمات التراثية: «سبق لنا ترميم عدد من العقارات التراثية في منطقة وسط القاهرة وميدان روكسي بمصر الجديدة، وخلال ذلك اكتسبنا خبرات كبيرة في التعامل مع التصميمات المعمارية الفريدة، ووصلنا إلى مستوى جيد من جودة العمل». ولفت إلى أنّ «فندق الكوزموبوليتان الذي يجري العمل حالياً على ترميمه، هو أحد أهم المباني في المنطقة وأكبرها؛ لأنّ مساحة واجهاته تبلغ نحو 15 ألف متر مربع، بجانب مبنى آخر ضخم ملاصق له». وأوضح فايد «الونش» أن «ترميم العمارات التراثية، في حد ذاته، أصعب من إنشائها لأول مرة؛ لأنّها تتطلب مهارة وفناً؛ للحفاظ على مميزاتها وتصميماتها الجمالية».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.