اتفاقية بين مركز «إثراء» و«ناشيونال جيوغرافيك» لنشر ثقافة السعودية عالمياً

توقيع الاتفاقية بين مركز «إثراء» و«ناشيونال جيوغرافيك» («الشرق الأوسط»)
توقيع الاتفاقية بين مركز «إثراء» و«ناشيونال جيوغرافيك» («الشرق الأوسط»)
TT

اتفاقية بين مركز «إثراء» و«ناشيونال جيوغرافيك» لنشر ثقافة السعودية عالمياً

توقيع الاتفاقية بين مركز «إثراء» و«ناشيونال جيوغرافيك» («الشرق الأوسط»)
توقيع الاتفاقية بين مركز «إثراء» و«ناشيونال جيوغرافيك» («الشرق الأوسط»)

وقّع مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، اتفاقية تعاون مع منظمة ناشيونال جيوغرافيك، مساء أول من أمس خلال مؤتمر الرؤساء التنفيذيين السعودي الأميركي الثاني، في مدينة نيويورك، بهدف التعاون في مجال إنتاج المحتوى وإقامة معارض علمية وعروض حية على مدى خمس سنوات.
ووفقاً لبيان عن المركز فإن الاتفاقية تشمل إنتاج محتوى ثقافي يتم نشره في السعودية ومختلف أنحاء العالم عبر وسائل الإعلام الرقمية والتقليدية، ما يعزز من نشر ثقافة المملكة عالمياً في مجال الصناعات الإبداعية والثقافية، كما تتيح الاتفاقية فرصاً واعدة لابتعاث الشباب السعودي في رحلات استكشافية ضمن برامج تبادلية.
وتتضمن الاتفاقية إعداد أرشيف رقمي حديث للقصص والصور الملتقطة للسعودية منذ عام 1910 وإطلاق برامج تعليمية لتعزيز التواصل الاجتماعي، إضافة إلى إقامة معارض وفعاليات متنقلة لمحتوى ناشيونال جيوغرافيك حول المملكة.
وقال ناصر النفيسي نائب رئيس شؤون أرامكو السعودية: «نعيش في المملكة نهضة شاملة في مختلف المجالات، وكلنا ثقة أن مذكرة التفاهم مع ناشيونال جيوغرافيك ستمكننا من تحقيق أثر إيجابي ملموس ومستدام في المملكة من خلال نشر المعرفة ورعاية الإبداع والثقافة، كما ستقدم الشباب السعودي بقدراته وإبداعاته للعالم وتوفر لهم المهارات والمعارف التي يحتاجونها لمواجهة تحديات المستقبل».
إلى ذلك، قال غاري نيل الرئيس التنفيذي لمنظمة ناشيونال جيوغرافيك إن «هذه الشراكة تعكس الرغبة المشتركة لإمتاع وإلهام الجمهور حول العالم، ونتطلع للتواصل مع الجمهور السعودي وتقديم المملكة وتاريخها وقصص شبابها وتجاربهم الثقافية للعالم، وتقديم تجربة ناشيونال جيوغرافيك الإعلامية ومنصاتها الرقمية للجمهور السعودي».
يذكر أن مؤتمر الرؤساء التنفيذيين، ضم عددا من كبرى الشركات الأميركية والسعودية من مختلف القطاعات بهدف استكشاف فرص التعاون المتوائمة مع رؤية المملكة 2030.



«خيال مآتة»... حارس الحقول يُلهم تشكيلياً

«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
TT

«خيال مآتة»... حارس الحقول يُلهم تشكيلياً

«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)

تُلهم الطبيعة المبدعين، وتوقظ ذاكرتهم ومخزونهم البصري والوجداني، وفي معرض الفنان المصري إبراهيم غزالة المقام بغاليري «بيكاسو أست» بعنوان (خيال مآتة) تبرز هذه العلاقة القديمة المستمرة ما بين ثلاثية الذاكرة والطبيعة والفن، عبر 25 لوحة زيتية وإكريلك تتأمل خيالات وجماليات الحقول في ريف مصر.

و«خيال المآتة» هو ذلك التمثال أو المجسم الذي اعتاد الفلاح المصري أن يضعه في وسط الحقل لطرد الطيور التي تلتهم البذور أو المحصول، وهو عبارة عن جلباب قديم محشو بالقش، يُعلق على عصا مرتفعة، مرتدياً قبعة لمزيد من إخافة الطير التي تظن أن ثمة شخصاً واقفاً بالحقل، فلا تقترب منه، ولا تؤذي النباتات.

والفكرة موجودة ومنتشرة في العديد من دول العالم، ويُسمى «فزاعة» في بلاد الشام، و«خراعة» في العراق.

جسد الفنان إبراهيم غزالة البيئة الريفية في معرضه (الشرق الأوسط)

«تلتقي الذكريات بالمشاعر لتجسد رحلة إنسانية فريدة من نوعها»... إحدى الجمل التي تناثرت على جدران القاعة والتي تعمق من سطوة العاطفة على أعمال المعرض، فمعها كانت هناك كلمات وجمل أخرى كلها تحمل حنيناً جارفاً للطفولة واشتياقاً لاستعادة الدهشة التي تغلب إحساس الصغار دوماً، وهو نفسه كان إحساس غزالة وفق قوله.

«في طفولتي لطالما كان (خيال المآتة) منبعاً للسعادة والبهجة مثل سائر أطفال القرية التي نشأت فيها، فهو بشكله الملون الزاهي غير التقليدي وأهميته التي يشير إليها الكبار في أحاديثهم، كان مثيراً للدهشة والفضول ويستحق أن نجتمع حوله، نتأمله وهو يعمل في صمت، متحملاً البرد والحر، ويترك كل منا العنان لخياله لنسج قصص مختلفة عنه».

يقدم الفنان (خيال مآتة) برؤية فلسفية إنسانية (الشرق الأوسط)

توهج خيال الأطفال تجاه (خيال المآتة) بعد الالتحاق بالمدرسة، وكان الفضل لقصة (خيال الحقل) للكاتب عبد التواب يوسف التي كانت مقررة على طلاب المرحلة الابتدائية في الستينات من القرن الماضي.

يقول غزالة لـ«الشرق الأوسط»: «خلال سطورها التقينا به من جديد، لكن هذه المرة كان يتكلم ويحس ويتحرك، وهو ما كان كافياً لاستثارة خيالنا بقوة أكبر».

ومرت السنوات وظل (خيال المآتة) كامناً في جزء ما من ذاكرة غزالة، إلى أن أيقظته زيارة قام بها إلى ريف الجيزة (غرب القاهرة) ليفاجأ بوجود الكائن القديم الذي داعب خياله منذ زمن، وقد عاد ليفعل الشيء نفسه لكن برؤية أكثر نضجاً: «وقعت عيني عليه مصادفةً أثناء هذه الزيارة، وقمت بتكرار الزيارة مرات عدة من أجل تأمله، وفحصه من كل الجوانب والأبعاد على مدى سنتين، إلى أن قررت أن أرسمه، ومن هنا كانت فكرة هذا المعرض».

أحد أعمال معرض (خيال مآتة)

تناول الفنان (خيال المآتة) من منظور فلسفي مفاده أن مكانة شيء ما إنما تنبع في الأساس من دوره ووظيفته ومدى ما يقدمه للآخرين من عطاء، حتى لو كان هذا الشيء مجرد جماد وليس إنساناً يقول: «لكم تأكد لي أنه بحق له أهمية كبيرة للمجتمع، وليس فقط بالنسبة للفلاح؛ فهو يصون الثروة الزراعية المصرية».

ويعتبر الفنان التشكيلي المصري خيال المآتة مصدراً للسعادة والبهجة؛ إذ «يسمح للمزارعين بالمرور بلحظة الحصاد من دون حسرة على فقْد محصولهم، كما أنه رمز لبهجة الأطفال والإحساس بالأمان للكبار ضد غزوات الطيور على حقولهم». وفق تعبيره.

غزالة استدعى حكايات وأساطير من طفولته (الشرق الأوسط)

في المعرض تباينت أشكال «خيال المآتة»؛ فقد جعله طويلاً مرة وقصيراً مرة أخرى، ورجلاً وامرأة وطفلاً، يرتدي ملابس متعددة، مزركشة أو محايدة خالية من النقوش والتفاصيل: «ظن زائرو المعرض في افتتاحه أنني أنا الذي فعلت ذلك لـ(خيال المآتة)، لكن الحقيقة أنه الفلاح المصري الذي أبدع في إثراء شكله وتجديده مستعيناً بفطرته المحبة للجمال والفرحة، وما فعلته هو محاكاته مع لمسات من الذاكرة والخيال».

ووفق غزالة فإن «المزارع برع في كسوة هذا المجسم بملابس مختلفة ذات ألوان زاهية، وأحياناً صارخة مستوحاة من الطبيعة حوله، إنها الملابس القديمة البالية لأفراد أسرته، والتي استغنى عنها، وأعاد توظيفها تطبيقاً للاستدامة في أبسط صورها».

الفنان إبراهيم غزالة (الشرق الأوسط)

جمعت الأعمال ما بين الواقعية والتجريدية وتنوعت مقاساتها ما بين متر ومتر ونصف، جسدت بعضها الطيور مثل «أبو قردان»، واحتفى بعضها الآخر بجمال المساحات الخضراء الممتدة والنخيل والأشجار الكثيفة، لكنها في النهاية تلاقت في تعبيرها عن جمال الحياة الريفية البسيطة.