الجامعات العراقية ترفض الزج بها في معركة الانتخابات البرلمانية

وزير التعليم العالي لـ {الشرق الأوسط}: لن أكون جزءاً من أجندة سياسية

عراقي يحمل قطعة نقدية قديمة خلال مزاد في أحد مقاهي بغداد أمس (أ.ف.ب)
عراقي يحمل قطعة نقدية قديمة خلال مزاد في أحد مقاهي بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

الجامعات العراقية ترفض الزج بها في معركة الانتخابات البرلمانية

عراقي يحمل قطعة نقدية قديمة خلال مزاد في أحد مقاهي بغداد أمس (أ.ف.ب)
عراقي يحمل قطعة نقدية قديمة خلال مزاد في أحد مقاهي بغداد أمس (أ.ف.ب)

أعلن وزير التعليم العالي والبحث العلمي في العراق، الدكتور عبد الرزاق العيسى، أنه لن يكون «جزءاً من أجندة سياسية أو انتخابية» مع قرب موسم الانتخابات البرلمانية في العراق، المقرر إجراؤها في 12 مايو (أيار) المقبل.
وفيما وجهت وزارة التعليم العالي، الجامعات العراقية كافة، بضرورة عدم جعل الحرم الجامعي ميداناً للتنافس الانتخابي مثلما هو معمول به سابقاً، فقد أقامت جامعة ديالى دعوى قضائية بحق عضو لجنة التعليم النيابية النائبة غيداء كمبش. وقالت الجامعة في بيان لها أمس (الأحد)، إن «مجلس جامعة ديالى برئاسة عباس فاضل الدليمي عقد جلسة طارئة لمناقشة التصريح الإعلامي للنائبة غيداء كمبش لوسائل الإعلام واتهامها جامعة ديالى بإقامة مؤتمرات انتخابية».
وأضاف البيان أن «هذه الاتهامات عارية عن الصحة»، مشيرة إلى أن «مجلس الجامعة استنكر بالإجماع هذا الادعاء»، مشيراً إلى أن «المجلس قرر إقامة دعوى قضائية بحق النائبة غيداء كمبش وفق المادتين (211 - 433) من قانون العقوبات العراقي المرقم (111) لسنة 1969 المعدل».
وكانت كمبش، وهي نائبة عن محافظة ديالى ضمن تحالف القوى العراقية، اتهمت جامعة ديالى بإقامة مؤتمرات انتخابية، داعية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى فتح تحقيق بالموضوع. وكانت وزارة التعليم أصدرت توجيهاً إلى الجامعات العراقية أكدت فيه أنه «حفاظاً على هوية المؤسسات الجامعية ووظيفتها التي رسمت أبعاد استقلالها الأكاديمي ومساحة تعاطيها العلمي والثقافي، فإن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تتابع بجدية الملاحظات التي يؤشرها المعنيون بالشأن الجامعي، ولا سيما أعضاء لجنة التعليم النيابية، وإنها تراقب منذ وقت ليس بالقريب المناخات الاستعراضية السياسية والانتخابية التي يوفرها المتزلفون في بعض الجامعات، محاولة منهم لتجيير تلك المؤسسات لمصالح شخصية ضيقة، وسعياً إلى إيجاد حالة من التخادم النفعي المتبادل على حساب مهمة وسمعة الجامعات العراقية».
وبهذا الصدد، فإن وزارة التعليم العالي لا تكتفي بإجراءات التحقيق الروتيني في مثل هذه الحالات، بل إنها وضعت خطوات إعفاء بعض رؤساء الجامعات غير المؤهلين قيد التنفيذ منذ مدة، وبحسب الصلاحيات القانونية والسياقات المتبعة في عملية الإنهاء والتكليف.
وجددت الوزارة التزامها بالحفاظ على المؤسسات الأكاديمية ومنع مرشحي الانتخابات من ارتياد الجامعات. وفي تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي العراقي، الدكتور عبد الرزاق العيسى، أن «موقف الوزارة واضح منذ البداية، وهو ضد أن تستخدم الجامعات التي لديها هوية علمية أكاديمية محددة من أجل أن تكون طرفاً فيما هو سياسي بما في ذلك مواسم الانتخابات، إذ إن وضع مؤسسات التعليم العالي يتطلب ركائز أساسية تعبر عن هوية المؤسسات الأكاديمية التي تضطلع بمهمات علمية ومعرفية وثقافية يتطلب تسويقها مسارات خاصة».
وأضاف العيسى أن «هذه المهام الأساسية لا تصلح بأي حال من الأحوال أن توظف بطريقة يجري معها استدعاء حالة سياسية أو انتخابية، وهو أمر ليس مرفوضاً فقط من قبلنا، بل سوف نتخذ الإجراءات الخاصة بحق من يثبت تورطه في أن يكون هو، وأقصد هنا بعض رؤساء الجامعات الذين شخصنا بعضهم، بحيث يجعلون من الجامعات التي يتولون رئاستها ميداناً لخدمة حالات سياسية وانتخابية لمرشحين من أحزاب وقوى سياسية مختلفة».
وبين أن «الهدف الذي يسعى إليه هؤلاء هو أن يكونوا ضمن هذه الحالة، وفي المستقبل جزءاً من مناخ سياسي ودعائي معين يوفر لهم فرصاً في البقاء في مناصبهم بسبب ما يقدمونه من خدمات لأطراف سياسية بعيداً عن طبيعة مهمات الجامعة وطبيعتها الأكاديمية الصرفة التي ترفض رفضاً قاطعاً مبدأ التسييس والتخادم بأي طريقة من الطرق وأسلوب من الأساليب».
وأشار العيسى إلى أن «مثل هذه النماذج لن تصلح إلى إدارة مؤسسات أكاديمية مهمتها الأساسية، هي الحفاظ على استحقاق الجامعة الأكاديمي واستقلاليتها، وبالتالي فإننا لن نسمح أن تظهر نتوءات من هذا القبيل». وأوضح العيسى: «إنني قلت منذ تسلمي منصبي إنني لن أكون جزءاً من أجندة سياسية أو انتخابية بأي حال من الأحوال». يذكر أن وزير التعليم العالي والبحث العلمي عبد الرزاق العيسى هو ثاني وزير بعد وزير الموارد المائية الدكتور حسن الجنابي يرفض المشاركة في الانتخابات، في حين دخل الوزراء الباقون ضمن مختلف القوائم والكتل. ويرى المراقبون السياسيون في بغداد أن الهدف الذي يرمي إليه بعض الوزراء من الحصول على مقعد برلماني في الدورة المقبلة هو حصولهم على الحصانة البرلمانية التي تحميهم من الملاحقة القانونية، بسبب ملفات الفساد التي تراكمت خلال تولي بعضهم منصبه الوزاري في الدورة الحالية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.