إجراءات «محكمة الحريري» اقتربت من مراحلها الأخيرة

TT

إجراءات «محكمة الحريري» اقتربت من مراحلها الأخيرة

قدّمت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي تنظر في قضية اغتيال الرئيس الأسبق للحكومة اللبنانية رفيق الحريري و21 من رفاقه، تقريرها السنوي التاسع إلى الأمين العام للأمم المتحدة والحكومة اللبنانية، وأكدت فيه أن إجراءات المحاكمة «اقتربت من مراحلها الأخيرة». وتحدثت رئيسة المحكمة القاضية إيفانا هردليشكوفا عن «إنجازات تشكل معالم رئيسية في عمل المحكمة»، لافتة إلى تسجيل «تقدّم ملموس في الفترة الأخيرة، بما في ذلك اختتام المدعي العام عرض أدلته الرئيسية في قضية عياش وآخرين وتقديم الأدلة بالوكالة عن المتضررين من اعتداء 14 فبراير (شباط) 2005، مما يذكّرنا بأنّ محكمتنا ‏مكرّسة للسعي إلى العدالة للمتضررين من الجرائم التي تقع في إطار اختصاصنا، وللشعب اللبناني عموماً».
ويعرض التقرير السنوي، بحسب بيان صادر عن المحكمة، بالتفصيل أنشطتها في الفترة الممتدة من 1 مارس (آذار) 2017 إلى 28 فبراير 2018، ويعرض أيضاً أهدافها للسنة المقبلة، ويسلّط الضوء على «الإنجازات» التي حققتها أجهزة المحكمة الأربعة: الغرف، ومكتب المدعي العام، ومكتب الدفاع، وقلم المحكمة.
وأشار البيان إلى أنه «عقب صدور قرار غرفة الاستئناف بشأن الأسئلة الأولية التي طرحها قاضي الإجراءات التمهيدية، يقوم قاضي الإجراءات التمهيدية حاليا بمراجعة قرار الاتهام المقدم من المدعي العام».
وأفيد عن «تطور مهم» خلال هذا العام تمثل بتقديم المدعي العام، في 21 يوليو (تموز) 2017، «قرار اتهام سرِّياً إلى قاضي الإجراءات التمهيدية لتصديقه». ويشير التقرير إلى إنشاء المدعي العام «فريقاً منفصلاً متعدد التخصصات لضمان وجود قدرة مخصصة للتركيز على استعراض وتقييم الاعتداءات الإرهابية الأخرى التي وقعت في لبنان ومن المحتمل أن تكون مشمولة باختصاص المحكمة».
من جهته، تحدث مكتب «الدفاع» في التقرير عن دعمه المتواصل لفرقاء «الدفاع» في «قضية عياش وآخرين» وعن أنشطته المتعلّقة بما يقدم من مواد قانونية فيما يتّصل بقرار الاتهام السرّي. وأشار إلى أنّه قدّم «الدعم التشغيلي والمالي والمساعدة القانونية إلى جميع محامي الدفاع وأعضاء أفرقتهم لتمكينهم من تمثيل حقوق ومصالح المتهمين تمثيلاً فعالاً في الإجراءات القائمة». أما «قلم المحكمة» فعرض في التقرير ما يضطلع به من أعمال مستمرة متعددة الجوانب تتعلق بتقديم «دعم فعال وخدمات للإجراءات القضائية من خلال تقديم المساعدة إلى المتضررين المشاركين في الإجراءات، وتقديم الدعم والحماية للشهود، وتأمين الإدارة الفعالة للمحكمة، وتعزيز الوعي بعمل المحكمة وإعلام الجمهور؛ وتأمين دعم مستمر سياسي ومالي وتشغيلي لعملها».
وختمت هردليشكوفا التقرير بتأكيدها أن الهدف الرئيسي للمحكمة الخاصة بلبنان هو «استكمال الأنشطة القضائية بسرعة وكفاءة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».