مقتل 27 عنصراً من «الحشد» غرب كركوك... والبصرة تعلن الحداد

لجنة الأمن النيابية تحدثت عن عملية «غدر» من مصدر استخباراتي

جانب من جنازة عنصر في «الحشد الشعبي» قتل بكمين لـ«داعش» غرب كركوك مساء أول من أمس (أ.ب)
جانب من جنازة عنصر في «الحشد الشعبي» قتل بكمين لـ«داعش» غرب كركوك مساء أول من أمس (أ.ب)
TT

مقتل 27 عنصراً من «الحشد» غرب كركوك... والبصرة تعلن الحداد

جانب من جنازة عنصر في «الحشد الشعبي» قتل بكمين لـ«داعش» غرب كركوك مساء أول من أمس (أ.ب)
جانب من جنازة عنصر في «الحشد الشعبي» قتل بكمين لـ«داعش» غرب كركوك مساء أول من أمس (أ.ب)

في حادثة هي الأولى من نوعها منذ إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي انتهاء العمليات العسكرية ضد «داعش» في 17 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تمكن التنظيم الإرهابي، أول من أمس، من القيام بعملية وصفت بـ«الكبيرة وغير المتوقعة» سقط على أثرها 27 مقاتلا من قوات «الحشد الشعبي» بناحية الرياض في قضاء الحويجة جنوب غربي محافظة كركوك. في غضون ذلك، أعلن مجلس محافظة البصرة الحداد 3 أيام على الضحايا الذين يتحدر نصفهم منها.
وأصدر إعلام «الحشد الشعبي» بياناً جاء فيه أن قوة من الحشد «باشرت منذ أيام بعمليات نوعية لاعتقال عدد من الإرهابيين والخلايا النائمة في منطقة الحويجة والمناطق المحيطة بها، وتمكنت هذه القوة من تحقيق إنجازات مهمة إثر 8 عمليات»، مضيفا أن تلك القوة «تعرضت مساء الأحد إلى كمين غادر من قبل مجموعة إرهابية من المنطقة متنكرة بالزي العسكري مما أدى إلى اشتباكات عنيفة دامت لأكثر من ساعتين، وبسبب كثرة أعداد المهاجمين والأجواء الجوية الصعبة استشهد 27 بطلاً من القوة الخاصة المحاصرة».
بدورها، نقلت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) عن مصادر في «الحشد» أن «القوات العراقية لا تزال تطارد عناصر (داعش) بحثا عن مخطوفين».
ووفق رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، فإن رئيس الوزراء حيدر العبادي أمر بفتح تحقيق في الحادث الذي عزاه رئيس اللجنة الأمنية في البرلمان، حاكم الزاملي، إلى عملية «غدر» من قبل أحد المصادر الاستخباراتية في المنطقة. وقال لـ«الشرق الوسط»: «مصدر استخباراتي يعمل بشكل مزدوج لقوات الحشد و(داعش) أبلغ القوات باختباء عناصر إرهابية في إحدى القرى وأنه ليست لديهم أسلحة، فأخذ القوة حتى من دون أسلحة كبيرة وذهب بهم لاعتقال تلك العناصر فتمت عملية قتلهم».
ويؤكد الزاملي «وجود خلايا نائمة لـ(داعش) في مناطق أطراف كركوك، وهي مناطق واسعة وتتمتع بتضاريس وعرة وغير ممسوكة بشكل كامل من القطعات العسكرية، وتختبئ عناصر (داعش) في مناطقها النائية التي تمكنهم من القيام بعمليات كرّ وفر ضد القوات الأمنية المختلفة».
بدوره، وصف نائب محافظة كركوك السابق إسماعيل الحديدي، مقتل 27 عنصرا من قوات الحشد بـ«الحادث الكبير وغير المتوقع». وقال الحديدي لـ«الشرق الأوسط»: «(داعش) ما زال موجودا في هذه المناطق، وهي مناطق مكونة من جبال ووديان ومزارع ومبازل للمياه، ومنطقة حمرين الجبلية ما زالت غير مطهرة». ويؤكد الحديدي، أن أغلب عناصر «داعش» في هذه المنطقة هم من سكانها، لكنه لا يستبعد «تسلل عناصر من سوريا، لأن الحدود ما زالت غير مؤمنة بشكل دقيق وكامل ويمكن عبورها بقليل من العناء». ويرى أن المنطقة ستبقى بعيدة عن الاستقرار «ما لم تقم القوات الأمنية بحملة عسكرية كبيرة لتطهير المنطقة الشاسعة من خلايا (داعش)».
إلى ذلك، عدّ رئيس «الكتلة التركمانية» النيابية أرشد الصالحي «تبديل قطعات الجيش بالشرطة في مناطق جنوب غربي كركوك خطأ جسيما يتحمله القائمون به». ودعا في بيان أصدره، أمس، رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى «كشف ملابسات وخطر انتشار عناصر (داعش) في تلك المناطق»، مشيرا إلى أن تنظيم داعش «ما زال موجودا داخل كركوك وفي أطرافها، وأبلغنا القائد العام للقوات المسلحة بخطورة الوضع في كركوك وأطرافها». وطالب الصالحي، لجنة الأمن والدفاع البرلمانية بـ«ضرورة التحقيق في الأسباب الكامنة وراء إلغاء دور (عمليات كركوك) وسحب (الفرقة 20) من داخل وأطراف كركوك».
وفي التفاصيل، قال ضابط برتبة عميد في قيادة شرطة كركوك لوكالة الصحافة الفرنسية، طالبا عدم كشف هويته، إن غالبية الجثث كانت مقطوعة الرؤوس. وأشار مسؤول في الحشد الشعبي إلى أن المتطرفين أقاموا حاجزا وهميا على طريق قرب مدينة الحويجة وهم يرتدون بزات عسكرية، وطلبوا من عناصر الموكب التوقف والنزول من آلياتهم قبل إطلاق النار عليهم.
وتعد هذه العملية الأعنف والأكبر منذ أعلنت القوات العراقية في أكتوبر (تشرين الأول) 2017 استعادة الحويجة التي كانت آخر معاقل التنظيم المتشدد في شمال العراق. وأعلنت القوات العراقية الانتصار على تنظيم داعش في كامل البلاد في ديسمبر الماضي.



الحوثيون يعلنون هجوماً ضد إسرائيل ويزعمون إسقاط مسيرة أميركية

زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعلنون هجوماً ضد إسرائيل ويزعمون إسقاط مسيرة أميركية

زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)

بعد نحو 10 أيام من الهدوء وتراجع الهجمات الحوثية ضد السفن، تبنّت الجماعة المدعومة من إيران قصف قاعدة إسرائيلية في منطقة النقب، الجمعة، وزعمت إسقاط مسيرة أميركية من طراز «إم كيو 9»، بالتزامن مع إقرارها تلقي غارتين غربيتين استهدفتا موقعاً في جنوب محافظة الحديدة الساحلية.

وجاءت هذه التطورات بعد يومين فقط من فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية؛ حيث تتصاعد مخاوف الجماعة الحوثية من أن تكون إدارته أكثر صرامة فيما يتعلّق بالتصدي لتهديداتها للملاحة الدولية وتصعيدها الإقليمي.

صاروخ زعمت الجماعة الحوثية أنه «فرط صوتي» أطلقته باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي)

وتهاجم الجماعة منذ أكثر من عام السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحرين الأحمر والعربي، كما تطلق الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، وأخيراً مساندة «حزب الله» اللبناني.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان، إن قوات جماعته نفّذت عملية عسكرية استهدفت قاعدة «نيفاتيم» الجوية الإسرائيلية في منطقة النقب بصاروخ باليستي فرط صوتي من نوع «فلسطين 2»، وإذ ادّعى المتحدث الحوثي أن الصاروخ أصاب هدفه، أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراضه دون الحديث عن أي أضرار.

وتوعّد المتحدث العسكري الحوثي بأن جماعته ستواصل ما تسميه «إسناد فلسطين ولبنان»، من خلال مهاجمة السفن وإطلاق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، زاعماً أن هذه العمليات لن تتوقف إلا بتوقف الحرب على قطاع غزة ولبنان.

حريق ضخم في ميناء الحديدة اليمني إثر ضربات إسرائيلية استهدفت خزانات الوقود (أرشيفية - أ.ف.ب)

وكان آخر هجوم تبنّته الجماعة الحوثية ضد إسرائيل في 28 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إذ أعلن الجيش الإسرائيلي، حينها، أن طائرة مسيّرة أُطلقت من اليمن عبرت أجواء مدينة عسقلان قبل أن تسقط في منطقة مفتوحة.

وخلال الأشهر الماضية تبنّت الجماعة إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو (تموز) الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة؛ وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

12 مسيّرة تجسسية

زعم المتحدث العسكري الحوثي، في البيان الذي ألقاه خلال حشد في صنعاء، أن الدفاعات الجوية التابعة للجماعة أسقطت، فجر الجمعة، «طائرة أميركية من نوع (إم كيو 9) في أثناء تنفيذها مهام عدائية في أجواء محافظة الجوف».

وحسب مزاعم الجماعة، تُعدّ هذه الطائرة المسيرة الـ12 التي تمكّنت من إسقاطها منذ بدأت تصعيدها البحري ضد السفن في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

المتحدث العسكري باسم الحوثيين يردّد «الصرخة الخمينية» خلال حشد في صنعاء (أ.ف.ب)

وتحدّثت وكالة «أسوشييتد برس» عما وصفه شهود، الجمعة، بأنه سقوط مسيّرة في أحدث إسقاط محتمل لمسيرّة تجسس أميركية. وأوردت أن الجيش الأميركي على علم بشأن مقاطع الفيديو المتداولة عبر الإنترنت التي تُظهر ما بدا أنها طائرة مشتعلة تسقط من السماء والحطام المحترق في منطقة، وصفها من هم وراء الكاميرا بأنها منطقة في محافظة الجوف اليمنية.

وحسب الوكالة، قال الجيش الأميركي إنه يحقّق في الحادث، رافضاً الإدلاء بمزيد من التفاصيل، وذكرت أنه «لم يتضح على الفور طراز الطائرة التي أُسقطت في الفيديو الليلي منخفض الجودة».

غارتان في الحديدة

في سياق الضربات الغربية التي تقودها واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة الحوثية على مهاجمة السفن، اعترفت وسائل الجماعة بتلقي غارتين، الجمعة، على موقع في جنوب محافظة الحديدة.

وحسب ما أوردته قناة «المسيرة» الذراع الإعلامية للجماعة، استهدفت الغارتان اللتان وصفتهما بـ«الأميركية - البريطانية» مديرية التحيتا الواقعة في جنوب محافظة الحديدة التي تتخذ منها الجماعة منطلقاً رئيسياً لشن الهجمات البحرية ضد السفن.

قاذفة شبحية أميركية من طراز «بي 2» مضادة للتحصينات (أ.ب)

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تبنّت الجماعة الحوثية قصف أكثر من 200 سفينة، وأدت الهجمات في البحر الأحمر إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، وإصابة آخرين في هجوم رابع ضد سفينة ليبيرية.

يُشار إلى أن الجماعة أقرت بتلقي أكثر من 770 غارة غربية، بدءاً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي؛ سعياً من واشنطن التي تقود تحالف «حارس الازدهار»، إلى تحجيم قدرات الجماعة الهجومية.

وكانت واشنطن لجأت إلى استخدام القاذفات الشبحية لأول مرة في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي في استهداف المواقع المحصنة للجماعة الحوثية في صنعاء وصعدة، في رسالة استعراضية فُهمت على أنها موجهة إلى إيران بالدرجة الأولى.

وتقول الحكومة اليمنية، إن الضربات الغربية ضد الجماعة الحوثية غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانيها، وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

صورة طوربيد بحري وزّعها الحوثيون زاعمين أنه بات ضمن أسلحتهم الجديدة (إكس)

ويتهم مراقبون يمنيون الجماعة الحوثية بأنها وجدت في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية؛ إذ كان الطرفان وافقا أواخر العام الماضي على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

وتترقّب الجماعة، ومعها حلفاء المحور الإيراني، بحذر شديد ما ستؤول إليه الأمور مع عودة ترمب إلى سدة الرئاسة الأميركية؛ إذ يتوقع المراقبون اليمنيون أن تكون إدارته أكثر صرامة في التعامل مع ملف إيران والجماعات الموالية لها، وفي مقدمتها الجماعة الحوثية.

وحاول زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، في خطبته الأسبوعية، الخميس، التهوين من أهمية فوز ترمب بالرئاسة الأميركية، كما حاول أن يطمئن أتباعه بأن الجماعة قادرة على المواجهة، وأنها لن تتراجع عن هجماتها مهما كان حجم المخاطر المرتقبة في عهد ترمب.