ساترفيلد للبنانيين: إسرائيل لا تريد التصعيد

أول وساطة أميركية في عهد ترمب لحل الأزمة الحدودية

عمال إسرائيليون يبنون الجدار الحدودي مع لبنان قرب بلدة الناقورة (رويترز)
عمال إسرائيليون يبنون الجدار الحدودي مع لبنان قرب بلدة الناقورة (رويترز)
TT

ساترفيلد للبنانيين: إسرائيل لا تريد التصعيد

عمال إسرائيليون يبنون الجدار الحدودي مع لبنان قرب بلدة الناقورة (رويترز)
عمال إسرائيليون يبنون الجدار الحدودي مع لبنان قرب بلدة الناقورة (رويترز)

قال مسؤولون من لبنان وإسرائيل أمس الخميس، إن مبعوثا أميركيا أكد للبنان أن إسرائيل لا تسعى لتصعيد بين البلدين في أعقاب حرب كلامية احتدمت بينهما.
ونقل مسؤول لبناني عن القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد ساترفيلد الذي يزور لبنان، تأكيده أن «إسرائيل لا تريد التصعيد»، بينما أمل الرئيس اللبناني ميشال عون في ألا تصعد إسرائيل في هذا المجال. وقال: «التعليمات أعطيت لمواجهة أي اعتداء على لبنان».
وقال مسؤولون لبنانيون وإسرائيليون إن ساترفيلد زار إسرائيل الأسبوع الماضي ولبنان هذا الأسبوع في مهمة وساطة. وأكد مسؤولون أميركيون الزيارتين دون أن يذكروا جدول أعماله بالتفصيل.
وتعتبر هذه الوساطة، أول تحرك من قبل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للتوسط بهدف حل النزاع الحدودي بين لبنان وإسرائيل. وقالت مصادر لبنانية رسمية لـ«الشرق الأوسط»، إن الوساطة لحل النزاع حول الحدود البحرية «ليست جديدة»، و«هي استكمال لوساطات سابقة بدأت في عام 2011». وأكدت في الوقت نفسه أن «التوتر الذي أثارته إسرائيل مؤخراً، استعجل الإدارة الأميركية لإرسال ساترفيلد وتفعيل الوساطة».
وكانت واشنطن أرسلت موفدين قبل ساترفيلد إلى بيروت بمسعى لحل النزاع حول الحدود البحرية الذي استجد في أعقاب ظهور غاز ونفط في شرق البحر المتوسط، وشروع لبنان وإسرائيل بوضع القوانين لبدء التنقيب عنهما، كل في مياهه الإقليمية ومنطقته الاقتصادية الخالصة. وفي عام 2011 زار السفير فريدريك هوف لبنان بغرض بلورة اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، فيما زار نائب وزير الخارجية الأميركية لشؤون الطاقة آموس هوشتاين لبنان في عام 2015، لإعادة تفعيل الوساطة.
وقالت المصادر اللبنانية أمس إن وساطة ساترفيلد «تمثل استمرارية للوساطة الأميركية السابقة، ولا صيغة جديدة لها»، مشددة على أن لبنان متمسك بحقوقه كافة، وهناك آلية وحيدة للحل تكفل حصول لبنان على كامل حقوقه. وأوضحت المصادر أنه في المبادرات التي كانت قائمة قبل انتخاب ترمب: «كان هناك توافق على آلية عمل بإشراف الأمم المتحدة وحضور الولايات المتحدة الأميركية والخبراء من الجانبين لترسيم الحدود، ويأخذ كل طرف حقه بصرف النظر عن الادعاءات الإسرائيلية».
وقال مسؤول لبناني طلب عدم نشر اسمه لـ«رويترز»: «فيما يتعلق بزيارة المبعوث الأميركي فقد أجرى مباحثات تتعلق بالجدار مع إسرائيل، وقال إنه ليس هناك ما يدعو للقلق ولا يوجد اتجاه للتصعيد. وأكد للبنان أن إسرائيل لا تريد التصعيد».
كما نقلت «رويترز» عن مسؤول إسرائيلي طلب كذلك عدم نشر اسمه، قوله إن ساترفيلد كان «ينقل رسائل» لبيروت بشأن عدة قضايا خلافية. وقال المسؤول: «موقفنا دائما أننا لا نريد أن نرى الوضع مشتعلا». وأضاف أن دولتين أوروبيتين على الأقل تتوسطان، فضلا عن الولايات المتحدة.
وبحث ساترفيلد والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، في المقر الرئيسي لليونيفيل في الناقورة، أمس، مع القائد العام لليونفيل اللواء مايكل بيري، آخر المستجدات جنوبا، بالتزامن مع مواصلة جيش إسرائيل بناء الجدار الإسمنتي مقابل رأس الناقورة وعند الخط البحري للمنطقة المتنازع عليها، وسط حركة لافتة لآليات العدو وانتشار واسع لجنوده. كما سجل على الجانب اللبناني استنفارا في صفوف الجيش، فيما راقبت قوات اليونيفيل أعمال الجيش الإسرائيلي.
وقال الناطق الرسمي باسم اليونيفيل أندريا تيننتي: «يمكننا أن نؤكد أن قائد قوة اليونيفيل زار الخط الأزرق اليوم، كما هي الحال في مرات كثيرة، يرافقه فريق الارتباط باليونيفيل». ونقلت «للوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية عنه، تأكيده أن «اليونيفيل تحافظ على وجود مستمر للخط الأزرق بالتنسيق مع القوات المسلحة اللبنانية، لرصد ورفع تقارير عن أي انتهاك لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، وللمساعدة على ضمان عدم تصعيد التوترات أو سوء الفهم بشأن الخط الأزرق وفي منطقة عمليات اليونيفيل». وأشار إلى أن «قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) تعمل بشكل مستمر على التواصل مع مختلف المحاورين والدول الأعضاء في الأمم المتحدة وغيرهم ممن أبدوا اهتماما كبيرا بالتطورات على الخط الأزرق».
في غضون ذلك، أشار الرئيس اللبناني ميشال عون أمس الخميس في جلسة مجلس الوزراء إلى موضوعي «الجدار الإسمنتي والرقعة الرقم 9 في المياه اللبنانية الإقليمية»، وأكد أن «الاتصالات مستمرة لمعالجة الأمرين، لا سيما أن ملكية الرقعة 9 هي للبنان وأي اعتداء عليها هو اعتداء على لبنان». كما تحدث عن اجتماع مجلس الدفاع الأعلى أول من أمس والقرارات التي اتخذها، فأكد «حق لبنان في ممارسة سيادته على أرضه ومياهه ورفض أي اعتداء عليهما». وقال إن «الاتصالات جارية عبر الأمم المتحدة والدول الصديقة لمعالجة هذا الموضوع بالطرق الدبلوماسية، ونأمل في ألا تصعد إسرائيل اعتداءاتها في هذا المجال»، معلناً أن «التعليمات أعطيت لمواجهات أي اعتداء على لبنان».
ووصف لبنان الجدار الحدودي الإسرائيلي بأنه «عدوان»، قائلا إنه يمثل تعدياً على الأراضي اللبنانية. بينما اعتبرت إسرائيل ما يثار في لبنان «زوبعة انتخابية حزبية»، وقالت إن مشروع بناء الجدار سيستمر لعدة سنوات وتنفذه قيادة منطقة الشمال في الجيش الإسرائيلي لأنه مشروع أمني دفاعي. وهذا يعني أن هناك وقتا كافيا للبحث في كلا الادعاءات حول نقاط خلاف حدودية. ونقل الناطق الإسرائيلي على لسان المتحدث باسم قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل)، أندريا تيننتي، قوله، إن إسرائيل بدأت بالعمل جنوب الخط الأزرق، وإن اليونيفيل تجري متابعة لذلك. وإنها «منخرطة بشكل كامل مع الطرفين للوصول إلى حلول مشتركة».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.