في الأسبوع المقبل سيستعيد مشاهدو السينما في دبي وبيروت ولندن وباريس، علاوة على المدن الأميركية كلها، كيف استطاع ركاب القطار المتوجه من أمستردام قاصداً باريس، التغلب على رجل شهر سلاحه في وجه الركاب فيما وُصف بعملية إرهابية من ذئب منفرد ارتكبها مسلح مغربي باسم أيوب الخزّاني.
كان القطار انطلق بعد ظهر يوم الحادي والعشرين من أغسطس (آب) 2015 من أمستردام قاصداً محطة ليون في باريس. في نحو الساعة الثالثة والـ45 دقيقة، مباشرة بعد اجتياز القطار الحدود البلجيكية، دخل أيوب أحد حمامات القطار وخرج بعد دقائق قليلة منه عاري الصدر (على طريقة رامبو) معتمراً بندقية ومسدساً. اعترضه فرنسي بادئ الأمر ودارت بين الاثنين معركة أصيب فيها الفرنسي (تم التعريف عنه باسم داميان وإخفاء باقي الاسم) بجراح من مسدس أيوب، الذي استرد البندقية من داميان ودخل عربة الركاب، حيث حاول إطلاق النار عليهم. لم تشتغل البندقية؛ ما أتاح لثلاثة أميركيين الإمساك به والتغلب عليه وبطحه أرضاً بمساعدة شخص بريطاني. ثم ربط يديه إلى صعدت السلطات الفرنسية القطار وتسلمته. لاحقاً تم تكريم الركاب الذين قاموا بتقويض هذه العملية الإرهابية بمنحهم أعلى أوسمة الجمهورية الفرنسية. كتب عدة صدرت عن الحادثة، بينها كتابان من تأليف جفري ستيرن وآخر من تأليف دوروثي بليسكال قبل أن تلف الأيام الحادثة في طياتها.
بيوغرافي سابع
لكن المخرج والمنتج كلينت إيستوود يستعيد تلك الحادثة ويطبعها على شريط فيلمه السادس والثلاثين الجديد The 15:17 to Paris، طالباً من الجنود الأميركيين الثلاثة الذين شاركوا في التصدي لأيوب تمثيل أدوارهم من جديد. ليس أنه كان في سبيل تحقيق فيلم تسجيلي؛ بل لأنه اعتبر أنه ليس في حاجة إلى اختيار ممثلين ليقوموا بالدور ما دام أن هؤلاء الثلاثة متوفرون لإعادة تجسيد تلك اللحظات الحاسمة التي عاشوها.
هل يمكن لك أن تصدق أن يقوم مخرج من وزن إيستوود أو سكورسيزي بالطلب منك الظهور في فيلم استخلصه من حادثة مررت بها؟ إيستوود كان يبحث عن مشروع وكانت لديه خيارات أخرى غير هذا الفيلم، من بينها فيلمان كان أحدهما مقرراً له أن يأتي مباشرة بعد فيلمه الأخير «صولي» الذي أخرجه حول قائد الطائرة المدنية الذي جازف وحط بها فوق جليد نهر هدسون في حادثة حقيقية أخرى. لكن دخول هذا الفيلم على الخط وتأخر المشروعين الآخرين جعله يندفع في تنفيذ هذا العمل.
«قطار الثالثة و17 دقيقة إلى باريس» (كما يصح تسمية الفيلم بالعربية) هو سابع فيلم بيوغرافي ينجزه إيستوود على التوالي. أولها كان Invictus عن سنوات من حياة نيلسون مانديللا (2009) وبعد ذلك «للأبدية» (2010): «ج. إدغار هوڤر» (2011) و«فتيان جيرسي» (2014) و«قناص أميركي» (2014) ثم «صولي» (2016). بعضها ليس سيرة كاملة، لكنها جميعاً مستقاة من شخصيات وأحداث واقعة.
هذا الفيلم أبرز الأفلام المقبلة علينا هذا الأسبوع وفي الأسبوع المقبل، والوحيد بينها الذي يتحدث عن واقعة حقيقية. لكنه ليس الوحيد الذي يذكر بعبارة إيستوود الشهيرة «هل تشعر بأنك محظوظ يا سقيم؟» (Do You Feel Lucky، Punk?) الذي كان إيستوود رددها قبل 47 سنة في فيلمه Dirty Harry (إخراج دون سيغال) عندما كان إيستوود ما زال مطروحاً كممثل أولاً وقبل كل اعتبار آخر.
العبارة المذكورة ترد في فيلم كوميدي يجمع بين الرسوم المتحركة والصورة الحيّة بعنوان «وودي وودبَكر» (نقّار الخشب الذي عاش على شاشات السينما والتلفزيون بين أطفال تلك الفترة وما قبل) وقد يتوجه مباشرة إلى سوق الـDVD وحده داخل الولايات المتحدة على الأقل.
ليس بالفيلم الكوميدي الوحيد، بل هناك أيضاً فيلم «تشابك» (Entanglement) لجاسون جيمس حول ما يعترض بطله توماس ميدلتيتش من ظروف وتصرفات تذكر بتلك التي وردت في «جمال أميركي» (American Beauty).
مالك بن طلحة
إذا ما استبعدنا الفيلم الكرتوني «مونستر فاميلي»؛ كونه أنيميشن ومعظم هذه الأفلام باتت مصنعاً للضحكات، يبقى لدينا فيلم «إذن» (Permission) من بطولة مجموعة ممثلين، بينهم ربيكا هول ودان ستيفنز، ويدور حول فتاة شابة لا تريد الزواج قبل أن تتعرف على المزيد من الرجال.
النوع الغالب من الأفلام خلال هذه الفترة سيتألف من سيل الرعب. هناك على سبيل المثال الجزء العاشر من سلسلة Hellraiser، حيث يواصل صاحب الرأس المليء بالمسامير النافرة ترويعه للممثلين الآخرين في الوقت الذي يروّع فيه الفيلم المشاهدين بركاكته.
قبله بأيام يصدر الجزء الرابع من Hatchet 4، حيث يهرع الوحش الآدمي بفأسه لقتل المزيد من البشر، بينما - ولسبب غير مبرر - تقرر بطلة فيلم «ونشستر» العودة إلى منزل كان شهد أحداثاً مخيفة لتجد هيلين ميرين بانتظارها. هل نضبت الأدوار أمام الممثلة البريطانية الشهيرة لدرجة أنها ترضى اليوم بتمثيل هذه الأفلام، أم أن الأجر سيساعدها على اقتناء ذلك البيت الكبير في شمالي لندن الذي تفكر فيه؟
للسينما الفرنسية أفلامها السخيفة كذلك، ومنها «تاكسي» الذي يطل الجزء الخامس منه باستيحاء مصادر الترفيه الهوليوودية: سيارات سريعة، إحداها ترتفع عمودياً في السماء... وكل شيء هو لخلق نجاح يؤمه الشباب الراغب في متعة لحظوية.
أحد ممثليه هو مالك بن طلحة الذي زاد نصيبه من الأفلام خلال السنوات الأربع الماضية عبر اختيارات ماهرة، ولو أن غالب ما مثله من أفلام خلال هذه الفترة كان من النوع الكوميدي.
ولعل صالات بيروت هي الصالات العربية الوحيدة التي تعرض حالياً الفيلم الفرنسي - السنغالي «فليسيتيه» بعد نحو سنة على عرضه في مهرجان برلين المنصرم. فيلم لاقى رواجاً لا بأس به في فرنسا يدور حول معاناة تلك الأم السنغالية التي تعمل مغنية في حانة للسكارى لكي تعيل نفسها وابنها المقعد في دارها الصغيرة.