دي ميستورا: لا يمكن لأحد الادعاء بالحسم العسكري

TT

دي ميستورا: لا يمكن لأحد الادعاء بالحسم العسكري

وعد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا بأن يقوم باعتباره الوسيط الدولي في عملية جنيف بتشكيل لجنة دستورية في سوريا تتألف من 45 إلى 50 شخصا من شخصيات من الحكومة والمعارضة والمستقلين «في أسرع وقت ممكن»، من أجل الشروع في تنفيذ كامل قرار مجلس الأمن الرقم 2254 الذي وضعت بموجبه خريطة طريق لإنهاء النزاع الدامي في البلاد.
وبعد انتهاء «مؤتمر الحوار الوطني السوري» في مدينة سوتشي الروسية على البحر الأسود، تحدث المبعوث الدولي عبر دائرة تلفزيونية مغلقة مع الصحافيين في المقر الرئيسي للأمم المتحدة في نيويورك، واعتبر أن «ثمة منجزات رئيسية تحققت» في الإعلان النهائي الذي أقره المشاركون الـ1600 في المؤتمر، إذ إنه «صادق على كل النقاط الـ12 التي اقترحتها الأمم المتحدة في محادثات جنيف».
واعتبر أن النتائج التي توصل إليها المؤتمر «إيجابية وملموسة»، مؤكدا أنه «سيتم العمل على تلك النتائج في (مفاوضات) جنيف». وأضاف أن أهم ما أنجز يتعلق بـ«تشكيل لجنة دستورية من الحكومة والمعارضة والمستقلين لصوغ دستور طبقا لقرار مجلس الأمن الرقم 2254»، مؤكدا أن «الهدف الأسمى عمليا هو التطبيق الكامل للقرار 2254».
ورأى أن اللجنة الدستورية ستصير واقعا في عملية جنيف، متوقعا الموافقة على المقترحات التي سيقدمها المبعوث الخاص في شأن التفويض والمرجعيات والسلطات والقواعد الإجرائية ومعايير الاختيار لتشكيلة اللجنة الدستورية في جنيف. وأضاف أنه كان هناك نداء لعملية الأمم المتحدة في جنيف، من أجل التقدم في هذه المهمة. وكشف أنه كانت هناك مجموعة في لائحة من 150 اسما اقترحت من قبل الدول «الضامنة»، أي روسيا وتركيا وإيران، وسنعتبرهم مرشحين لهذه اللجنة، علما بأن العدد النهائي للأعضاء يرجح ألا يتجاوز من 45 إلى 50 عضواً. وأوضح أن «لائحة الـ150 اسما تعتمد على اتفاق جرى بين تركيا وروسيا وإيران عندما قدمت كل واحدة منها 50 اسما ممن يعتبرونهم ملائمين للمشاركة». ووعد بأنه سيتشاور مع سوريين آخرين، بما في ذلك الذين لم يحضروا مؤتمر سوتشي، وبالاتساق مع القرار 2254 لتحضير لائحة تضم ما بين 45 و50 شخصا استنادا إلى معايير ستعلن قريباً.
وإذ تجنب دي ميستورا تحديد جدول زمني لتشكيل اللجنة الدستورية، وعد بـ«ضرب الحديد حاميا وفي أسرع وقت ممكن من أجل عدم تفويت الفرصة».
وقال ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أن لا أحد في هذا النزاع الرهيب والبشع يمكنه الادعاء أنه يحقق نصرا عسكريا، لأن ما نحتاجه هو الفوز بالسلام»، موضحا أن «النظر إلى ما يحصل على الأرض يشير إلى بلد مقسم، وهناك الكثير من القتال لا يزال دائرا، ولا يوجد أي تأهيل أو إعادة إعمار، وهذا ما لا يمكن أن يتحقق بالنصر العسكري بل بالانخراط في العملية السياسية. كيف نقوم بذلك؟ مثل أي مكان آخر، الدستور والانتخابات».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.