دفعت أشعة الشمس القوية نائب رئيس الوزراء التايلندي براويت وونجسوان لتغطية عينيه أثناء التقاط صورة جماعية لأعضاء مجلس الوزراء؛ مما كشف عن وجود ساعة يد في رسغه من طراز «ريتشارد ميل» تبلغ قيمتها نحو 80 ألف دولار، وخاتم كبير من الألماس.
ثم انتشر بعد ذلك ما لفت أنظار الصحافيين في مقر الحكومة، على وسائل التواصل الاجتماعي. ووجد مستخدمو الإنترنت أن الساعة والخاتم لم يعلن عنهما في إقرار الذمة المالية عندما تولى براويت المنصب رقم 2 في سلم القيادة بعد تولى الجيش السلطة في انقلاب في عام 2014.
لكن هذا الأمر كان مجرد بداية للقصة. فقد تم رصد أكثر من 12 ساعة فاخرة في صور التقطت مؤخرا للجنرال البالغ من العمر 72 عاماً. ولم يعلن عن أي منها ضمن أصوله. وكشفت صفحة على «فيسبوك» مخصصة للكشف عن أصول براويت غير المعلنة الآن ما مجموعه 25 ساعة لم يعلن عنها، بما في ذلك 11 ساعة «رولكس»، وثمانية من طراز «باتيك فيليب»، وثلاثة «ريتشارد ميل»، واثنتان من «أوديمار بيجيه» وواحدة «إيه لانج أند سوين».
وتقدر هذه الصفحة التي يتابعها أكثر من 700 ألف مستخدم، أن القيمة الإجمالية للساعات تصل إلى 24.1 مليون دولار.
وقال مسؤول صفحة «فيسبوك»، الذي يرغب في عدم الكشف عن هويته، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): «لقد قررت تقصي هذا الأمر؛ لأنني رأيت دائماً أن الأغنياء والأشخاص المرتبطين بشخصيات نافذة غالباً لا يلاحقون على جرائمهم».
وقال ناشط الإنترنت المجهول إنه كان يعمل في صناعة المجوهرات؛ ولذا لاحظ عشق براويت للساعات والخواتم على مدار سنوات. وأضاف: «لكن منذ وصوله إلى السلطة، أصبح يضع في يده المزيد من الساعات. كذلك تغير ذوقه أيضاً. الساعات الجديدة أكثر حداثة وأغلى ثمناً».
وتابع: «أصبح الأمر أكثر وضوحاً في عام 2016 عندما كانت الحكومة تتفاوض بشأن مشتريات الغواصات من الصين».
وقال الجنرال لوسائل الإعلام إنه يستعير الساعات من أصدقائه، وإن الخاتم يخص والدته.
ولزم رئيس الوزراء برايوت تشان - أوتشا وزعماء المجلس العسكري الآخرون الصمت حول كل مشاهدة جديدة لساعات براويت. لكن التايلنديين العاديين يشعرون بالغضب.
وقال سريسوان جانيا، وهو ناشط بارز في مكافحة الفساد: «هذه الساعات تصنع من نسخ محدودة. كيف يمكن أن يكون حجم معصم براويت هو نفس حجم معصم أصدقائه؟».
وقال متحدث باسم وكالة مكافحة الفساد في البلاد لوسائل الإعلام: إنه إذا كان لدى الناس علاقات وثيقة مع أصدقائهم، فإنه ليس من غير المألوف أن يستعيروا أشياء من بعضهم بعضاً. ولم يكن من شأن التعليق إلا أن زاد من انعدام ثقة الجمهور في الوكالة الرقابية، التي تقوم بإجراء تحقيق حول الساعات التي لم يعلن عنها.
ويشك الكثيرون في أن الأمر سوف ينتهي ببراويت بالإفلات من أي اتهامات، وبخاصة أن الرئيس الحالي لوكالة مكافحة الفساد اعتاد العمل تحت قيادة الجنرال. ومنذ وصوله إلى السلطة في عام 2014، وعد النظام العسكري باستعادة الاستقرار السياسي في أعقاب صراع دام عقداً من الزمان، وشهد مظاهرات في شوارع رئيسية قامت بتنظيمها معسكرات سياسية معارضة. وقد اتخذ النظام خطوات عدة لردع الفساد، الذي اعتبره أحد أسباب النزاع، بما في ذلك اقتراح تطبيق عقوبة الإعدام على السياسيين الذين يثبت إدانتهم بالفساد.
وقال المنتقدون إن قصة ساعة اليد قلبت الطاولة على المجلس العسكري. وقال بافين تشاتشافالبون، وهو أستاذ في العلوم السياسية معروف بنقده الصريح للمجلس العسكري: «هذه ضربة هائلة لشعبية المجلس العسكري، وهو دليل على أن الرجال العسكريين ليسوا أقل فساداً من نظرائهم المدنيين».
وأوضح بافين «المجلس العسكري محاصر في هذه المعضلة. إذا علق عمل براويت، فإن هذا يعني أن العصبة الحاكمة تقبل بأنه فاسد، وسوف يؤدي ذلك إلى غرق السفينة بالكامل».
وقال ثيتينان بونجسودهيراك، وهو أستاذ العلوم السياسية بجامعة تشولالونجكورن في بانكوك إنه حتى من دون فضيحة الساعات، فإن شعبية المجلس العسكري تشهد تراجعاً، حيث «تجاوزت في استمرارها عملية الترحيب بها» دون النجاح في إصلاح أوضاع البلاد.
وقال ثيتينان: «إن فضيحة الساعات ليست كافية لإنهاء حكومة برايوت، ولكنها قد تكون بداية النهاية»، مستشهداً بحركات مدنية ظهرت مؤخراً ضد قمع المجلس الحاكم لحرية التعبير.
وكان المجلس العسكري قد وعد في البداية بالبقاء في السلطة لمدة عام واحد فقط، وقد أرجأ مواعيد الانتخابات مرات عدة، متعللاً بإصلاحاته التي لم تكتمل، وضرورة ضمان سير عملية الخلافة الملكية بسلاسة. وتوفي الملك التايلندي الراحل بوميبول أدولياديج في أكتوبر (تشرين الأول) 2016 بعد سبعة عقود من الجلوس على العرش. وأعلن ابنه الوحيد مها فاجيرالونجكورن، ملكاً جديداً للبلاد بعدها ببضعة أشهر.
وكان براويت أعلن في العام الماضي أن الانتخابات ستجري في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي، إلا أن خبراء القانون يخشون أنه من الممكن تأجيل الموعد مرة أخرى بسبب تأخر العملية القانونية التي تمهد الطريق إلى مراكز الاقتراع. وأضاف ثيتينان إن «هذه الحكومة استمدت شرعيتها من الانتقال الملكي الذي اكتمل الآن؛ لذلك فإن ما اعتادت الحكومة التذرع به لم يعد قائماً».
ولع نائب رئيس الوزراء التايلندي باقتناء الساعات الفاخرة والخواتم يسبب جدلاً
ولع نائب رئيس الوزراء التايلندي باقتناء الساعات الفاخرة والخواتم يسبب جدلاً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة