يشهد العالم بزوغ فجر الثورة الصناعية الرابعة، التي اقتحمت فيها الثورة الرقمية أسواق العمل في كافة القطاعات الاقتصادية، من خلال ابتكار وظائف جديدة بمهارات جديدة، أصبحت فيها الأتمتة الذكية والروبوتات هي القوة العاملة الجديدة. ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال ارتفاع عدد الروبوتات الصناعية العاملة في جميع أنحاء العالم إلى نحو 1.6 مليون وحدة في عام 2015، هذا فضلا عن احتمالية زيادتها مليون وحدة إضافية بحلول عام 2019.
إلى ذلك، أوضح تقرير بريطاني أن الروبوتات ستسيطر على واحدة من كل خمس وظائف في المدن البريطانية بحلول عام 2030. وستكون التجارة وخدمة العملاء ووظائف المستودعات من بين الأكثر تعرضا للخطر. وحسب صحيفة «ديلي ميل» البريطانية ستكون المدن المتعثرة في الشمال وميدلاندز الأكثر عرضة لخسارة الوظائف من المدن الأكثر ثراء في الجنوب، مما سيزيد من الفجوة بين الشمال والجنوب، فبعض المدن بما فيها مانسفيلد وسندرلاند وأكيفيلد، ستفقد اثنين من بين خمس وظائف، بينما تواجه أكسفورد وكامبريدج خسارة 13 في المائة.وقال التقرير إن هذه التغييرات ستؤدي إلى خلق فرص عمل جديدة أيضا، تزامنا مع الخسارة، لكن ستكون فرص العمل في مدن الشمال وميدلاندز بالمهن منخفضة المهارات إلى حد كبير.
ويتوقع التقرير أن تنمو واحدة من كل 10 وظائف، في حين أن الصناعات الجديدة ستستحدث مناصب غير موجودة حاليا.
وقال أندرو كارتر الرئيس التنفيذي لمنظمة Centre for Cities: «إن الأتمتة والعولمة سيجلبان فرصا هائلة لزيادة الرخاء والوظائف؛ لكن هناك أيضا خطرا حقيقيا من فقدان كثير من الناس والأماكن، إذ يحتاج القادة الوطنيون والمحليون إلى ضمان مشاركة الناس في المدن في جميع أنحاء الشمال وميدلاندز، بالفوائد التي يمكن أن تقدمها هذه التغييرات، وهذا يعنى إصلاح نظام التعليم لإعطاء الشباب المهارات المعرفية والشخصية التي يحتاجون إليها للازدهار في المستقبل، وتحسين المعايير المدرسية، خاصة في الأماكن التي تكون فيها الوظائف أكثر عرضة للخطر».
وأضاف كارتر: «نحن بحاجة أيضا إلى مزيد من الاستثمار في التعلم مدى الحياة والتعليم التقني، لمساعدة البالغين على التكيف مع تغيير سوق العمل، وإعادة تدريب أفضل للأشخاص الذين يفقدون وظائفهم بسبب هذه التغييرات. والتحديات والفرص المتاحة أمام مدينة بلاكبيرن مختلفة جدا عن تلك التي تواجه برايتون، لذا تحتاج الحكومة إلى إعطاء المدن مزيدا من الصلاحيات والموارد لمعالجة المشكلات التي ستقدمها الأتمتة والعولمة، والاستفادة القصوى من الفوائد التي ستجلبها».
وكان تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي قد كشف أن أكثر من خمسة ملايين وظيفة سوف تتلاشى وتختفي وتتبخر بحلول عام 2020، أما السبب في ذلك فيعود إلى التطور التكنولوجي الهائل الذي يشهده العالم.
ويقول المنتدى إن الإنسان الآلي (الروبوت) سوف يحل مكان البشر في هذه الملايين الخمسة من الوظائف خلال ثلاث سنوات فقط من الآن، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع في نسب البطالة وأعداد العاطلين عن العمل، على أن الوظائف المهددة بالإنسان الآلي ليست سوى وظائف متدنية لا تحتاج إلى كثير من الذكاء والإبداع والابتكار، ويمكن تكليف «الروبوت» بالقيام بها.
وبحسب التقديرات فإن ثورة التكنولوجيا التي يشهدها العالم والتطور الهائل في علم «الذكاء الصناعي» جعل من الممكن تكليف «الروبوت» بالقيام بكثير من المهام المعقدة التي لم يكن في السابق من الممكن أن يقوم بها.
ويشار إلى أن تقريراً سابقاً صدر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD) كان قد حذر من تأثير انتعاش «الروبوت» على الوظائف التي لا تتطلب مهارات عالية في البلدان النامية، ومن انتفاء الحاجة إلى العمالة الرخيصة، حيث قال إن «من الممكن الاستعاضة عن ثلثي مجموع فرص العمل في العالم النامي، من خلال الاعتماد على النظم الأوتوماتيكية التي أصبحت أكثر انتشارا في مجال صنع السيارات والإلكترونيات».
في ظل التقدم اللافت الحاصل في مجال الذكاء الاصطناعي، يزداد القلق بشأن احتمالية أن تشكل الروبوتات تهديدا أو خطرا على الإنسان. وحسب البروفسور ستيوارت راسل، المختص بعلوم الكومبيوتر في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، فإن الحل لتجنب هذا الخطر المحتمل يتمثل في تحويل القيم الإنسانية إلى كود برمجي.
ونشرت مؤسسة «كاليفورنيا ريبورت» الإعلامية مقابلة مع راسل قال فيها إن «الفلسفة الأخلاقية ستشكل قطاعا صناعيا مهما في المستقبل القريب». وأضاف: «أصبحت الروبوتات اليوم تقوم بمهام معقدة لم نكن لنتخيل أن يقوم بها أحد غيرنا نحن البشر، الأمر الذي بات يقتضي منا التفكير جديا في ترجمة قيمنا وأخلاقنا إلى لغة ذكاء اصطناعي نستطيع تلقينها لتلك الآلات الذكية».
وفي هذا الصدد يقول خبراء وكالة «ماكينزي» البحثية السوقية، إن ما بين 400 و800 مليون موظف حول العالم قد يجبرون على البحث عن وظيفة بديلة، نتيجة الاعتماد على الروبوتات في القطاعات الإنتاجية والصناعية والتجارية.
أضف لذلك، فقد شهد عام 2015 ارتفاع مبيعات الروبوتات الصناعية بنسبة 15 في المائة عن العام السابق له، وكانت الحصة الأكبر من نصيب الصين التي بلغت نسبة مبيعاتها نحو 27 في المائة من إجمالي مبيعات الروبوتات الصناعية للعام ذاته، تليها دول الاتحاد الأوروبي بنحو 20 في المائة. وبشكل عام، يتبين لنا أن 75 في المائة من إجمالي حجم مبيعات الروبوتات الصناعية في عام 2015 ذهبت إلى خمس دول، هي: الصين، وكوريا الجنوبية، واليابان، والولايات المتحدة الأميركية، وألمانيا، وذلك وفقاً لأحدث تقرير صادر عن الاتحاد الدولي للروبوتات لعام 2016.
ولعل ذلك يثير تساؤلات كثيرة حول مستقبل أسواق العمل والوظائف، وكيفية مواجهة تداعيات انتشار الروبوتات والأتمتة الذكية عليها، خاصة مع ما قد تسفر عنه من بطالة تكنولوجية، أي تلك التي تنتج عن الاستخدام الكثيف للتقنية في المجتمعات.
بريطانيا: الروبوتات تستولي على واحدة من كل 5 وظائف خلال 12 عاماً
المستقبل الذي تحل فيه الآلات مكان العمالة البشرية قد يصبح واقعاً
بريطانيا: الروبوتات تستولي على واحدة من كل 5 وظائف خلال 12 عاماً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة