موسكو تشدد على الرعاية الدولية لمؤتمر سوتشي

بوتين يبحث مع مجلس الأمن الروسي آفاق التسوية السورية

نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف
نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف
TT

موسكو تشدد على الرعاية الدولية لمؤتمر سوتشي

نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف
نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف

أكد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أن التحضيرات لمؤتمر الحوار السوري في سوتشي مستمرة، وأن الدول الضامنة تواصل مشاوراتها مع جميع الأطراف، مشدداً على ضرورة الرعاية الدولية للمؤتمر.
وقال بوغدانوف في تصريحات أمس لوكالة «ريا نوفوستي»، إن روسيا وتركيا وإيران، الدول الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار في سوريا، تجري مشاورات حول المسائل التي سيجري بحثها خلال مؤتمر سوتشي، وجدول الأعمال والكلمات خلاله، وأكد أن المشاورات تجري حاليا بين الدول الضامنة، لافتاً إلى «لقاءات منفصلة مع الأسد»، وإلى «اتصالات مع الشركاء الغربيين، بما في ذلك مع الولايات المتحدة»، وقال إن روسيا مستعدة لدعوة الأميركيين للمشاركة في مؤتمر سوتشي، إن عبروا عن رغبة في المشاركة، كما تحدث عن الاستعداد لتوجيه دعوات إلى «كل دولة تبدي اهتماماً بالمشاركة بصفة مراقب»، مشدداً على أن الدعوات ستوجه قبل كل شيء لممثلي الأمم المتحدة «ليكون واضحاً أن كل هذه العمليات تجري برعاية الأمم المتحدة، وتلاقي دعماً من المجتمع الدولي».
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد بحث آفاق التسوية السورية، والتحضيرات لمؤتمر الحوار السوري في سوتشي، خلال جلسة طارئة أمس، مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن القومي الروسي، الذي يضم قادة السلطات التنفيذية والتشريعية، فضلاً عن الدفاع والخارجية، وقادة الأجهزة الأمنية.
وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الكرملين، إن المشاركين في الاجتماع بحثوا بالتفصيل آفاق التسوية السورية، وقبل كل شيء «أخذ نتائج الجولة الأخيرة من المفاوضات في آستانة بالحسبان»، ولفت إلى أن «المجتمعين تبادلوا وجهات النظر حول التحضيرات لمؤتمر الحوار السوري في سوتشي».
ونقلت وكالة «إنترفاكس» عن بيسكوف، قوله إنه حضر الاجتماع كل من سيرغي شويغو وزير الدفاع، وفياتشيسلاف فولودين رئيس مجلس «الدوما»، وفالنتينا ماتفيينكو رئيسة مجلس الاتحاد الروسي، وألكسندر بورتنيكوف رئيس جهاز الأمن الفيدرالي الروسي وغيرهم من كبار المسؤولين.
وأضاف بيسكوف: «تحدث المجتمعون بالتفصيل عن مستقبل التسوية في سوريا، في ضوء الجولة الأخيرة من مفاوضات السوريين في آستانة، وتبادلوا وجهات النظر حول التحضير لمؤتمر الحوار الوطني السوري المزمع في سوتشي. كما بحثوا القضية الشرق أوسطية، وجملة من القضايا الاجتماعية والاقتصادية الروسية».
إلى ذلك، تستمر في روسيا عملية المصادقة أصولاً على اتفاقية توسيع القاعدة البحرية الروسية في طرطوس، حيث باشرت لجان مجلس الاتحاد جلساتها للموافقة على الاتفاقية، كي يقوم المجلس بالمصادقة عليها. وقدم مدير قسم التعاون العسكري الدولي في وزارة الدفاع الروسية، ألكسندر زينيتشينكو، عرضاً أمام لجنة الشؤون الدولية في المجلس حول اتفاقية طرطوس، كشف فيه أن الوزارة ستنفق سنويا 3.2 مليار روبل روسي على توسيع القاعدة، وأكد أن هذا المبلغ مدرج على ميزانية الوزارة. وأعلنت لجان فرعية من مجلس الاتحاد الموافقة على اتفاقية طرطوس، وينتظر أن يعلن المجلس خلال جلسته اليوم الثلاثاء المصادقة عليها. وقال السيناتور فرانتس كلينتسيفيتش، إن اتفاقية قاعدة طرطوس «أهم اتفاقية مرتبطة بالسياسة الدفاعية لبلدنا»، وأوصى بالمصادقة عليها.
وكان رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف قد وقع يوم 5 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، اتفاقية قاعدة طرطوس، وأحالها للرئاسة كي يوقعها الرئيس فلاديمير بوتين، ويحيلها بدوره إلى مجلسي البرلمان (مجلس الدوما) ومن ثم (مجلس الاتحاد) للمصادقة عليها. وتسلم مجلس الدوما أو (مجلس النواب)، وهو (الغرفة السفلى) من البرلمان، الاتفاقية من الكرملين يوم 13 ديسمبر، وصادق عليها يوم 21 من الشهر نفسه.
ووقعت الحكومة الروسية اتفاقية طرطوس مع النظام السوري في 18 يناير (كانون الثاني) 2017، التي يحق للروس بموجبها استخدام القاعدة لمدة 49 عاما، قابلة للتمديد 25 عاما أخرى. وتسمح الاتفاقية بتوقف 11 سفينة حربية روسية في القاعدة في آن واحد، بينها غواصات نووية.
وحصلت روسيا بموجب اتفاقية طرطوس، كما وبموجب اتفاقية حميميم قبلها، على حصانة تامة للعسكريين الروس أمام القضاء السوري، إذ تنص الاتفاقية على أن القاعدة «تتمتع بحصانة تامة أمام الولاية القضائية المدنية والإدارية في سوريا. وتتمتع ممتلكاتها الثابتة والمتنقلة بحصانة من التفتيش والبحث، والحجز وغيره من تدابير تنفيذية». فضلا عن ذلك تمنح الاتفاقية حصانة مطلقة أمام القوانين السورية للعسكريين الروس العاملين في القاعدة وعائلاتهم، وأعضاء طواقم السفن وعائلاتهم، ويتمتع هؤلاء بحصانة وأفضليات كالتي يتمتع بها الدبلوماسيون، وتشمل الحصانة الذاتية، وحصانة المسكن، والممتلكات.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.