الأمم المتحدة: مقترحات لبدء إصلاحات في سوريا

مجلس الأمن يقرر تمديد العمل على إيصال المساعدات

TT

الأمم المتحدة: مقترحات لبدء إصلاحات في سوريا

قال ستيفان دي ميستورا وسيط الأمم المتحدة في محادثات السلام السورية المتعثرة، أمس، إنه يعتزم اقتراح سبل لبدء إصلاحات انتخابية ودستورية يمكن أن يتفق عليها الطرفان المتحاربان.
وأردف قائلا لمجلس الأمن الدولي بشأن الجولة الأخيرة من المحادثات بين السوريين التي اختتمت لتوها في جنيف: «أعتقد أن الوقت حان كي تقدم الأمم المتحدة بعض التفاصيل المحددة... ومن ثم تشجيع إجراء حوار أوسع. الأمم المتحدة وفرت دعما في مجال الانتخابات لغالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة... ولذلك فلدينا خبرة». بحسب ما نقلت وكالة «رويترز».
وقال دي ميستورا إن الجولة كانت فرصة ذهبية لم يتم استغلالها بالطريق الأفضل، مطالبا روسيا وإيران وتركيا بالضغط على الأطراف للانخراط بجدية أكثر في المفاوضات.
وبطريقة غير مباشرة، أشار دي ميستورا إلى فشل الأمم المتحدة، بإجراء مفاوضات مباشرة بين الطرفين، واضعا اللوم أيضا بطريقة غير مباشرة، على الطرف الحكومي، عندما أشار إلى أن المعارضة كانت على استعداد للدخول بها.
وأكد دي ميستورا على أهمية القرار رقم 2254 وعلى السلات الأربع التي قدمها والمتعلقة بالانتخابات ومكافحة الإرهاب والانتقال السياسي بالإضافة إلى صياغة الدستور.
إلى ذلك، قرر مجلس الأمن الدولي، أمس الثلاثاء، تمديد العمل بقرار يجيز إيصال مواد الإغاثة عبر الحدود لمدة سنة كاملة. وأيد القرار 12 دولة وامتنعت عن التصويت عليه كل من روسيا والصين وبوليفيا.
ويمدد القرار الجديد الفقرتين الثانية والثالثة من القرار السابق رقم 2165 الذي أصدره المجلس عام 2014 الخاص بإدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا، عبر أربع نقاط، اثنتان منها في تركيا (باب السلام وباب الهوا) وواحدة في العراق (اليعروبية) وواحدة في الأردن (الرمثا).
وطلب القرار الجديد الذي حمل الرقم 2393 من السلطات السورية «الاستجابة عاجلا لجميع الطلبات التي تقدمها الأمم المتحدة وشركاؤها المنفذون لإيصال المساعدات عبر خطوط النزاع، والنظر إيجابيا في تلك الطلبات».
وطلب القرار الجديد من الأمين العام إجراء استعراض مستقل، في غضون ستة أشهر، للعمليات الإنسانية التي تقوم بها الأمم المتحدة عبر الحدود وأن يتضمن الاستعراض توصيات بشأن سبل زيادة تعزيز آلية الأمم المتحدة للرصد ويأخذ بعين الاعتبار آراء الأطراف المعنية بما فيها السلطات السورية والبلدان المعنية المجاورة والوكالات الإنسانية.
وكرر القرار التأكيد على أن تدهور الأوضاع سيتواصل ويتفاقم ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي للنزاع السوري. وأشار إلى مطالبته بالتنفيذ الكامل والفوري للقرار 2254 من أجل تيسير إجراء الانتقال السياسي بقيادة سوريا في ظل عملية يمتلك زمامها السوريون وفقا لبيان جنيف.
يذكر أن مشروع القرار أعدته مصر واليابان والسويد. وفي هذا الصدد، رحب السفير السويدي باعتماد القرار وقال إنه يمثل شريان حياة إنسانيا حيويا لثلاثة ملايين شخص في سوريا وإن ذلك سينقذ الأرواح ويخفف المعاناة.
على الصعيد نفسه، استمع المجلس، إلى إحاطة من رئيس الشؤون الإنسانية مارك لوكوك، حول الحالة الإنسانية في سوريا، الذي أشار إلى الوضع الحرج في منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة التي شهدت زيادة في القتال، وتفاقما في الظروف المعيشية لما يقرب من 400 ألف شخص.
في القاهرة، أعرب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، المستشار أحمد أبو زيد، عن «ترحيب مصر بنجاح مجلس الأمن في اعتماد مشروع القرار المقدم من كل من مصر والسويد واليابان، لتمديد العمل بالقرار رقم 2165 المعني بإيصال المساعدات الإنسانية العابرة للحدود إلى سوريا، لمدة عام آخر».
وأوضح أبو زيد في تصريحات، أمس، أن «القرار يعبر عن استجابة المجتمع الدولي للوضع الإنساني المتأزم في سوريا، حيث ينظم عملية نفاذ المساعدات الإنسانية عبر المنافذ الحدودية إلى داخل الأراضي السورية، التي يستفيد منها ما يقرب من 2.8 مليون سوري شهرياً».
وأشار أبو زيد، إلى أن «مصر باعتبارها العضو العربي في مجلس الأمن، وإحدى الدول الثلاث المسؤولة عن صياغة قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالموضوعات الإنسانية، لعبت دوراً، بالتنسيق مع وفدي السويد واليابان، في تقريب مواقف أعضاء مجلس الأمن من أجل التوصل إلى التوافق المطلوب حول مشروع القرار، وبما يضمن عدم إعاقة أو تعطيل وصول المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها من أبناء الشعب السوري الشقيق في أسرع وقت».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.