إسرائيل تضرب مواقع «حماس» في غزة... وخلافات تواجه مسيرة المصالحة

الحركة اعتبرت القصف {محاولة فاشلة لإرغام الجماهير على وقف الانتفاضة}

TT

إسرائيل تضرب مواقع «حماس» في غزة... وخلافات تواجه مسيرة المصالحة

استهدفت غارة جوية إسرائيلية، فجر أمس، موقعاً لحركة حماس في غزة، بعيد إطلاق صاروخين من القطاع على جنوب إسرائيل، بحسب ما أعلنه الجيش الإسرائيلي الذي أكد استهداف مجمع تدريبي لحركة حماس في شمال قطاع غزة، ما أسفر عن تدمير 3 مبانٍ وبنى تحتية أخرى في المجمع.
وأنهت هذه الهجمات 3 أيام من الهدوء، بعد سلسلة هجمات صاروخية فلسطينية، رداً على اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل، في وقت تواصلت فيه المواجهات الشعبية على الحدود الشمالية والشرقية للقطاع لليوم الثاني عشر على التوالي.
وشنت طائرات حربية إسرائيلية 3 غارات جوية على موقع البحرية التابع لكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، في منطقة الواحة (شمال بلدة بيت لاهيا)، ما تسبب في حدوث خسائر فادحة بالموقع، وتضرر عدد من المرافق القريبة جراء القصف العنيف الذي سبب حالة هلع في أوساط المواطنين الذين أفاقوا على أصوات الانفجارات في ساعات الفجر الباكر.
وقال متحدث عسكري إسرائيلي إن القصف استهدف موقعاً عسكرياً لحركة حماس، رداً على إطلاق صاروخين، مساء أول من أمس، باتجاه منطقتي حوف ساحل عسقلان ونتيف هعستراة المجاورتين للحدود الشمالية للقطاع، محملاً الحركة مسؤولية أي أحداث أمنية في غزة، باعتبارها الجهة التي ما زالت تبسط سيطرتها على القطاع.
من جهتها، اعتبرت حركة حماس القصف الإسرائيلي «محاولة فاشلة لدفع الجماهير الفلسطينية لوقف الانتفاضة وثورتها عقب قرار ترمب»، إذ قال حازم قاسم، الناطق باسم الحركة، إن القصف يأتي في إطار استمرار الجرائم التي يرتكبها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية ومدينة القدس، وأضاف أن «الاحتلال يحاول من خلال القصف الضغط على (حماس) بسبب دعمها المتواصل، ومشاركتها في كل فعاليات انتفاضة القدس، بكل الأراضي الفلسطينية»، ودعا الفلسطينيين إلى مواصلة الانتفاضة «حتى تحقق أهدافها، بإفشال قرار ترمب».
تأتي هذه التطورات في ظل مخاوف الفلسطينيين بقطاع غزة، وحتى الإسرائيليين الذين يعيشون في المستوطنات المحاذية للقطاع، من اندلاع معركة عسكرية جديدة، على غرار حرب 2014.
وقال وزير الجيش الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، إن إطلاق الصواريخ من غزة يتم بسبب نزاعات وخلافات بين حماس ومنظمات فلسطينية أخرى، موضحاً أنه لا يتعلق بقوة الردع الإسرائيلية. وفور ذلك، هاجم مسؤولون في المعارضة الإسرائيلية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير جيشه ليبرمان، إذ قال آفي غاباي، زعيم المعارضة في كلمة له خلال اجتماع لكتلة المعسكر الصهيوني في الكنيست: «نحن بالفعل نعيش الأسبوع الثالث لإطلاق صواريخ القسام باتجاه البلدات في الجنوب، ويجب على دولة إسرائيل ألا تقبل بهذا الوضع»، داعياً إلى تشديد الضربات ضد حماس حتى يتم وقف إطلاق الصواريخ، وإعادة الهدوء إلى البلدات المحاذية للقطاع.
وهاجم غاباي وزير الجيش أفيغدور ليبرمان بالقول: «لقد أصبح وزير الدفاع معلقاً عسكرياً يوضح للجمهور أن ما يجري من إطلاق للصواريخ هو بسبب الخلافات الواقعة بين حماس والفصائل الإرهابية... نحن بحاجة لوزير دفاع، وليس إلى معلق عسكري».
من جهة ثانية، ما زالت السلطات المصرية تواصل فتح معبر رفح البري لليوم الثالث على التوالي أمام حركة المسافرين في كلا الاتجاهين، وسط مطالبات بتمديد عمله للسماح لأكبر عدد ممكن من الفلسطينيين بمغادرة القطاع، خصوصاً من المرضى والطلاب والحالات الإنسانية.
وتدير إدارة المعبر حكومة الوفاق الوطني، بتنسيق مع وزارة الداخلية في غزة التي لا يزال مسؤولون في حكومة حماس سابقاً يديرونها، وذلك على الرغم من الخلافات التي ما زالت تسيطر على مسيرة المصالحة الفلسطينية، بعد طرد موظفين يتبعون للسلطة الفلسطينية من مقر وزارة الثقافة في غزة على أيدي مسؤولين من نقابة موظفي حماس سابقاً، وهو ما أثار الخلافات من جديد في ظل خلافات ما زالت متواصلة بشأن عملية تسلم ملف هيئة القضاء الشرعي وهيئات فلسطينية أخرى لحكومة التوافق.
وتحاول المخابرات المصرية الوصول إلى حلول جذرية للأزمات المتجددة بهذا الشأن، وذلك في ظل مطالبات من حماس للحكومة بتحمل مسؤولياتها، وصرف رواتب موظفي غزة التابعين لها، أسوة بموظفي السلطة، وفق اتفاق القاهرة في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لحل الأزمة القائمة.
وأصدر حراك «وطنيون لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة» بياناً له عقب اجتماع استثنائي عقده بشأن تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، دعا فيه إلى الاستمرار في مسيرة المصالحة، وتعزيز صمود الفلسطينيين، والعمل على توحيد الموقف الفلسطيني لمواجهة القرار الأميركي بشأن القدس.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.