الجنرال حسني بنسليمان يتقاعد بعد 43 سنة على رأس الدرك الملكي المغربي

الملك محمد السادس يعين الجنرال محمد حرمو خلفاً له

الملك محمد السادس يمنح الجنرال حسني بنسليمان وساماً رفيعاً (ماب)
الملك محمد السادس يمنح الجنرال حسني بنسليمان وساماً رفيعاً (ماب)
TT

الجنرال حسني بنسليمان يتقاعد بعد 43 سنة على رأس الدرك الملكي المغربي

الملك محمد السادس يمنح الجنرال حسني بنسليمان وساماً رفيعاً (ماب)
الملك محمد السادس يمنح الجنرال حسني بنسليمان وساماً رفيعاً (ماب)

بعد 43 سنة على تسلمه قيادة الدرك الملكي المغربي، أحيل الجنرال دو كور دارمي (الفريق أول) حسني بنسليمان إلى التقاعد، ليكون بذلك آخر جنرالات الملك الراحل الحسن الثاني الكبار، الذين عملوا مع الملك محمد السادس.
وخلف الجنرال بنسليمان (82 عاما) على رأس الدرك الجنرال دو ديفيزيون (فريق) محمد حرمو، القائد الحالي لسرية فيالق الشرف التابعة للدرك الملكي.
وشكل الجنرال بنسليمان إلى جانب الجنرال الراحل عبد العزيز بناني، والجنرال بوشعيب عروب، والجنرال عبد الحق القادري (المدير العام السابق لمديرية الدراسات والمستندات مخابرات خارجية)، والمفتش العام السابق للقوات المسلحة الملكية، الذي توفي قبل أسبوعين، الأعمدة الأربعة الأساسية في الجيش الملكي المغربي، الذين كانوا موضع ثقة الملك الراحل الحسن الثاني وخلفه الملك محمد السادس.
وذكر بيان صدر مساء أول من أمس عن الديوان الملكي أن الملك محمد السادس بصفته القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، استقبل أول من أمس بالقصر الملكي بالرباط الجنرال دو كور دارمي بوشعيب عروب، والجنرال دو كور دارمي حسني بنسليمان، وكذا الجنرال دوديفزيون محمد حرمو.
وشكر الملك محمد السادس الجنرالين عروب وبنسليمان على الخدمات التي أسدياها للأمة.
وعين الملك محمد السادس في وقت سابق الجنرال دو كور دارمي عبد الفتاح الوراق في منصب المفتش العام للقوات المسلحة الملكية، خلفا للجنرال عروب المفتش العام السابق للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، الذي خلف أيضا الجنرال بناني.
وذكر البيان أن الجنرالين عروب وبنسليمان أمضيا مسارهما المهني تحت قيادة الملك الراحل الحسن الثاني، والملك محمد السادس، بحس عال من التفاني والولاء، خدمة للمصالح العليا للأمة، مع نكران تام للذات في تأديتهما لمهامهما.
ووشح الملك محمد السادس الجنرالين عروب وبنسليمان بالحمالة الكبرى لوسام العرش.
وارتبط اسم بنسليمان في المغرب بالسلطة وكرة القدم أيضا. ورغم أنه شخصية مألوفة لدى المغاربة بقامته الطويلة وهيئته الرياضية، وحاضرة في الفضاء العام بحكم المنصب الحساس الذي كان يشغله، فإنه لم يسبق له أن أدلى بتصريحات أو حوارات صحافية عن جهاز الدرك الملكي، الذي يعتبر من أهم الركائز الأمنية والعسكرية في البلاد. ويجسد الدرك سلطة الدولة خارج نطاق المدن الكبرى، حيث يتولى الأمن بشكل مباشر على سائر التراب الوطني، ويراقب الطرق وحركة السير، وتحرس دورياته مداخل المدن والقرى. ويتمتع رجال الدرك الملكي في المغرب بصفة ضباط الشرطة القضائية، الشيء الذي يجعل منهم امتدادا للنيابة العامة، ويكلفون مهام التحقيق في الملفات الكبرى والجرائم الشائكة.
ويتوفر الدرك الملكي على مختبرات متطورة. وفوق كل ذلك يعتبر الدرك الملكي آخر حزام أمني مسلح حول الملك، إذ يتولى حراسة الإقامات والقصور الملكية وخفر المواكب الملكية وحراستها برا وبحرا وجوا. كما يشرف الدرك الملكي على أمن ومراقبة الجيش بكل أصنافه، وهو الدور الذي تعزز بعد محاولات الانقلاب الفاشلة التي تعرض لها الملك الراحل الحسن الثاني في بداية السبعينات، والتي عين على أثرها بنسليمان قائدا للدرك الملكي (1974).
ولعب الجنرال بنسليمان دورا أساسيا في فشل المحاولة الانقلابية بالصخيرات، إذ استطاع من خلال إذاعة طنجة أن يعلن عن فشل الانقلاب، بعدما سيطر الانقلابيون على مبنى الإذاعة والتلفزيون بالرباط.
وكان بنسليمان يشغل آنذاك محافظ إقليم طنجة. ورغم أن مياها كثيرة جرت تحت الجسر منذ ذلك الحين، وما تلا ذلك من إطلاق الملك الراحل الحسن الثاني المسلسل الديمقراطي في منتصف السبعينات، وإطلاق مسلسل التناوب التوافقي خلال التسعينات، وانتقال الحكم في صيف 1999 إلى الملك محمد السادس بعد وفاة والده، ودخول المغرب عهدا جديدا برجالات ووجوه وتوجهات جديدة، إلا أن بنسليمان ظل صامدا في موقعه الحساس ممسكا بزمام أقوى جهاز أمني في البلاد، بدعم من الملك محمد السادس.
ورغم أنه ظل حريصا على التحرك في الظل وبعيدا عن الأضواء، فإن الجنرال بنسليمان كان دائما قريبا من قلب القرار السياسي. وتكفي الإشارة إلى أن المائدة العائلية لحسني بنسليمان، عندما تجتمع، كانت تضم حولها خاله الراحل الدكتور عبد الكريم الخطيب، أحد أعمدة المقاومة وجيش التحرير المغربي، المقرب من الملك الراحل الحسن الثاني، وأحد مهندسي إدماج الإسلاميين في المنظومة السياسية، بالإضافة إلى قريبه مولاي إسماعيل العلوي، الأمين السابق لحزب التقدم والاشتراكية (الحزب الشيوعي سابقا). كما كانت تضم إدريس البصري وزير الداخلية القوي في عهد الحسن الثاني، بحكم علاقات المصاهرة التي جمعته مع عائلة حصار النافذة والمتصاهرة أيضا مع عائلة بنسليمان.
ولد الجنرال بنسليمان سنة 1935 بمدينة الجديدة (جنوب الدار البيضاء) من عائلة عريقة، إذ كان عمه الفاطمي بنسليمان رئيسا لمجلس العرش في سنة 1955، والتحق بالجيش المغربي في سنة 1957 عقب تخرجه في مدرسة «سانت سير» العسكرية بفرنسا. وبرز اسمه نهاية الخمسينات بصفته حارس مرمى في فريق «الجيش الملكي» الفائز بكأس العرش في سنة 1959 الذي حصل على ألقاب، من بينها بطولة القسم الأول سنة 1961 قبل أن يتفرغ للعمل العسكري.
وترقى بنسليمان إلى رتبة قبطان (نقيب) في الجيش المغربي سنة 1965، قبل أن يلتحق بديوان الجنرال محمد أوفقير، الذي عينه على رأس وحدات التدخل السريع (وحدات مكافحة الشغب) المعروفة اختصارا بـ«السيمي»، ثم في منصب المدير العام المساعد بمديرية الأمن الوطني سنة 1967، قبل أن يتولى عدة مناصب منها عامل (محافظ) القنيطرة ومكناس وطنجة.
وترقى بنسليمان إلى رتبة كولونيل (عقيد) سنة 1976، ثم إلى درجة جنرال دو كور دارمي (وهي أعلى رتبة عسكرية معتمدة حتى الآن بالمغرب) سنة 1994. ورغم انشغالاته العسكرية والأمنية ظل بنسليمان قريبا من كرة القدم، وتولى رئاسة الجامعة الملكية لكرة القدم بين 1994 و2009، إلى جانب مهامه الجسام في الدرك الملكي.



محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
TT

محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات موسعة تتجه لها محادثات حركتي «حماس» و«فتح» بالقاهرة، بعد اتفاق أولي على تشكيل لجنة إدارة لقطاع غزة، واختلاف بشأن وضع إطار مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية يشمل فصائل فلسطينية جديدة، ضمن مساعٍ مصرية جادة لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وعقد اجتماع قريب للفصائل لحسم تفاصيل بشأن اللجنة ومسار ما بعد الانتخابات الأميركية المقررة الثلاثاء.

جاء ذلك بحسب مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، كاشفة عن أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس المتواجد بالقاهرة لديه اعتراض على أي تغييرات حالية في منظمة التحرير الفلسطينية، تؤثر على أي مسار مستقبلي للقضية الفلسطينية، لافتين إلى أن اللجنة المؤقتة تم التوافق الأولي عليها خلال محادثات القاهرة، وتنتظر اجتماع الفصائل لحسم التفاصيل وإصدار مرسوم رئاسي.

واختتمت محادثات بين حركتي «حماس» و«فتح» يومها الثالث بالقاهرة، عقب الاستمرار في نقاش استمر بشأن ملفين اثنين، هما: تفاصيل إعلان اللجنة المجتمعية لإدارة قطاع غزة، ومساعي وضع إطار مؤقت لـ«منظمة التحرير الفلسطينية» يضمن مشاركة «حماس» و«الجهاد» وباقي الفصائل، وفق مصدر فلسطيني مطلع على مسار المباحثات تحدث إلى «الشرق الأوسط»، أكد أن المحادثات ستجدد بشكل موسع عقب الاتفاق الأولي على تشكيل اللجنة واختلاف بشأن الإطار لم يحسم بعد.

وكانت «اجتماعات حركتي (فتح) و(حماس) بالقاهرة انطلقت السبت، بشأن إنشاء (لجنة الإسناد المجتمعي) المعنية بإدارة شؤون غزة، والسعي لتحقيق الوحدة الفلسطينية، وعدم فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة»، وفق مصدر أمني مصري، تحدث لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، لافتاً إلى أن «الحركتين لديهما نظرة إيجابية تجاه التحركات المصرية بشأن تشكيل (لجنة الإسناد المجتمعي) رغم التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية».

ووفق المصدر الأمني «تتبع (لجنة الإسناد المجتمعي) السلطة الفلسطينية، وتتضمّن شخصيات مستقلة، وتصدر بمرسوم رئاسي من الرئيس محمود عباس وتتحمّل اللجنة إدارة قطاع غزة».

وبحسب تصريحات للقيادي في «حماس» أسامة حمدان، مساء الاثنين، فإن «أجواء اللقاء مع حركة (فتح) في القاهرة كانت إيجابية وصريحة»، لافتاً إلى أنه «تم النقاش مع (فتح) حول تشكيل هيئة لمتابعة أمور غزة واحتياجاتها»، دون تفاصيل أكثر.

وكشف القيادي في حركة «فتح»، أستاذ العلوم السياسية، الدكتور أيمن الرقب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «المعلومات المتوفرة تشير إلى أن المحادثات انتهت في يومها الثالث دون غلق الباب أو إصدار نتائج لحين مشاورات موسعة ستجري وتشمل كل الفصائل في اجتماع قد يكون هذا الشهر بالقاهرة».

وبحسب الرقب «تم تأجيل النقاش بشأن الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتم الاتفاق المبدئي على تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي، وينتظر الأمر مرسوماً رئاسياً من الرئيس الفلسطيني واجتماع الفصائل المرتقب لبحث أسماء أعضاء اللجنة وتشكيلها وعملها»، لافتاً إلى أن «هذا التأجيل لا يقلل من مسار القاهرة، ولكنه مسعى لتعزيز الاتفاق على تشكيل اللجنة بعد اجتماع الفصائل».

وشهدت محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة، تجاوز خلافات بشأن مرجعية عمل اللجنة هل تتبع الحكومة الفلسطينية أم لا، بـ«التوافق على أنها تتبع»، وفق معلومات الرقب، مستدركاً: «بالنسبة لملف الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، فأبو مازن وحركة (فتح) رفضا ما كانت (حماس) تريد إنجازه بشأن وضع إطار مؤقت وتأجل لنقاشات لاحقة».

وأكد الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أن الاجتماع أسفر عن «الاتفاق مبدئياً على تشكيل لجنة إدارة غزة بعد خروج إسرائيل، ولها 4 مهام، وهي أنها تدير الناحية الإدارية بغزة، ومسؤولة عن توزيع المعونات الإغاثية، وتعد خطة إعمار القطاع، وأن يصدر قرار رئاسي بشأنها من السلطة».

وهناك محاولات لتقريب وجهات النظر بشأن وضع الإطار المؤقت بشأن منظمة التحرير الفلسطينية، وخاصة المنظمة تعترف بحل الدولتين و«هناك اعتراضات من (حماس) على ذلك»، وفق فرج، مؤكداً أن مساعي مصر مستمرة في توحيد الموقف الفلسطيني ودعمه بشكل مطلق.

وفي هذا الصدد، أكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الاثنين، في لقاء بالقاهرة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، «دعم مصر قيادة وشعباً للقضية الفلسطينية، ورفض كل أشكال التصعيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة أو الضفة الغربية، مع استمرار الجهود المصرية المكثفة، الهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإنسانية، والعمل، في الوقت ذاته، على حماية حق الشعب الفلسطيني المشروع في إقامة دولته المستقلة».

وشدد الرئيس المصري على «دعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذلها جهوداً كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية في هذا الظرف التاريخي الدقيق»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

وهذا الموقف المصري هو استمرار لتأكيد دعم القضية الفلسطينية، بحسب اللواء سمير فرج، مؤكداً أن القاهرة يهمها بكل السبل وقف الحرب بغزة وترتيب البيت الفلسطيني وتوحيده ليكون قوياً أمام التحديات الموجودة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، أن «مصر تستشرف الخطر وتريد ترتيب الأوراق الفلسطينية، خاصة مع اقتراب إعلان الفائز بانتخابات الرئاسة الأميركية، بما يسهم من تقوية موقفها التفاوضي والتوصل لحل جاد».ويتوقع أن تكون هناك عراقيل محتملة ستواجه اللجنة، منها الرفض الإسرائيلي، وعدم الاتفاق على ترتيبات بين الفصائل في أسرع وقت، مثمناً الجهود المصرية المتواصلة لإيجاد حلول سريعة وتحقق المزيد من الحقوق الفلسطينية.