اختبار لبنان أمام الجامعة العربية رهن الساعات الأخيرة

عون ينتظر نتائج جولة باسيل ويوفده إلى الاجتماع

سائق يدخن داخل مخزن الحقائب في حافلة سياحية في بيروت أمس (رويترز)
سائق يدخن داخل مخزن الحقائب في حافلة سياحية في بيروت أمس (رويترز)
TT

اختبار لبنان أمام الجامعة العربية رهن الساعات الأخيرة

سائق يدخن داخل مخزن الحقائب في حافلة سياحية في بيروت أمس (رويترز)
سائق يدخن داخل مخزن الحقائب في حافلة سياحية في بيروت أمس (رويترز)

يقف لبنان أمام اختبار صعب في «اجتماع وزراء الخارجية العرب» يوم الأحد الذي بات عنوانه معروفا وهو بحث التدخلات الإيرانية في الدول العربية، لا سيما أنه يأتي في مرحلة مصيرية نتجت عن استقالة رئيس الحكومة على خلفية القضية نفسها وتحديدا مشاركة «حزب الله» في حروب المنطقة.
وحسب مذكرة وزعتها الأمانة العامة للجامعة العربية على الدول الأعضاء، تقرر عقد الاجتماع بطلب من السعودية وبموافقة البحرين والإمارات، وبعد التشاور مع جيبوتي التي تترأس الدورة الحالية لمجلس الجامعة.
وفي وقت تؤكد المعلومات أن موقف لبنان النهائي في هذا الإطار لم يتبلور بشكل نهائي لغاية الآن وهو متعلق بمجريات الأمور في الساعات القليلة التي تسبق موعد الاجتماع العربي ومنها عودة الحريري إلى لبنان ونتائج جولة وزير الخارجية جبران باسيل إلى عدد من الدول، كان رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون قد أعلن أن لبنان تلقى دعوة إلى اجتماع وزراء الخارجية العرب لمناقشة شكوى السعودية ضد إيران، وأنه سيلبي الدعوة مبدئيا، مشيرا إلى أنه «إذا أثير موضوع الأزمة التي نشأت عن تقديم الحريري استقالته وما تلاها، فسنواجه ذلك بالحجج».
وأوضحت مصادر رئاسة الجمهورية لـ«الشرق الأوسط»، أن القرار لغاية الآن هو أن وزير الخارجية سيشارك في الاجتماع، مشيرة في الوقت عينه إلى أن القرار النهائي بهذا الشأن يتّخذ بعد اتضاح الصورة بشكل كامل، بما يتعلّق بمستوى تمثيل ومشاركة الدول العربية الأخرى أو بنتائج جولة باسيل، من دون أن تستبعد أي تعديل في مستوى التمثيل اللبناني. وعن موقف لبنان بشأن أي قرارات أو إجراءات قد يتم اتخاذها خاصة تلك المتعلقة بـ«حزب الله»، تقول المصادر: «هذا كله مرتبط بما سيطرح في الاجتماع مع تأكيدنا على أن الأولوية تبقى لمصلحة لبنان ووحدته وسلمه الأهلي». وجدّدت المصادر تأكيدها على موقف رئيس الجمهورية الذي أعلنه أمس لناحية النأي بالنفس، قائلة: «عندما تختلف الدول العربية فيما بينها، فقرارنا هو النأي بالنفس، أما موقفنا في أي أمور أخرى فسيحدّد على ضوء أي من النقاشات والقضايا التي ستطرح».
ومع ترقب الأطراف اللبنانية مستجدات الأمور لتبني مواقفها عليها، وهو ما بدا واضحا من خلال مواقف عدد كبير من السياسيين الذين رفضوا التعليق على الموضوع، مع تأكيدهم على أهمية التضامن العربي والتفاهم والحوار، يرى سفير لبنان السابق لدى واشنطن، رياض طبارة أنّ «ما طالب به الحريري في مقابلته التلفزيونية الأخيرة لجهة ربطه حل الأزمة اللبنانية بتطبيق سياسة (النأي بالنفس) سيكون عنوان المرحلة المقبلة بعد سقوط التسوية السابقة التي ارتكزت على (ربط النزاع) ووضع الأمور الخلافية جانبا، ما يحمّل لبنان مسؤولية التعامل مع هذا الموضوع بدبلوماسية بعيدا عن المواجهة». وهذا ما سبق أن لفت إليه وزير التربية المحسوب على «الحزب التقدمي الاشتراكي»، مروان حمادة، داعيا إلى ضرورة تلقّف مبادرة الحريري المليئة بالمسالك نحو الحلّ، مؤكدا أنه «في حال لم نحتط من محاولات البعض تخريب علاقات لبنان العربية، فالأحد المقبل سيكون يوم الانفجار الكبير في علاقات لبنان مع الدول الخليجية».
وتوقف طبارة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عند تصعيد الموقف اللبناني في الأيام الأخيرة الذي من شأنه أن ينعكس سلبا على لبنان»، وقال: «الواضح أن هناك قرارا من الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية بمواجهة حاسمة لإيران، ما يحتم على لبنان مقاربة الأمور ودراستها عبر مفاوضات داخلية وعربية وإقليمية، وهو من المفترض أن يكون وزير الخارجية جبران باسيل يقوم به في جولته الخارجية، لاتخاذ الموقف المناسب بهذا الشأن»، معتبرا أيضا أن «الكرة اليوم في ملعب حزب الله بشكل أساسي ومدى تجاوبه مع هذا المطلب الذي قد تتفاوت نسبته بين التهدئة الكلامية وعدم التصعيد وبين سحب مقاتليه من سوريا واليمن، وهي الخطوة التي لا يبدو أنها سهلة التطبيق في الوقت الحالي». من هنا يرى طبارة، أن لبنان الذي بات اليوم أمام مأزق حقيقي وقدرته التفاوضية محدودة، عليه اتخاذ موقف تهدئة وشرح موقفه الذي تتفهمه معظم الأطراف المعنية تمهيدا للوصول إلى حل نهائي في المرحلة اللاحقة، مضيفا: «أما إذا لم يتجاوب واختار التصعيد خاصة مع المملكة، فعندها قد نصل إلى نتيجة غير مطمئنة، لأنه وبكل واقعية لن يكون قادرا على تحمّل نتائج هذه المواجهة خاصة في ضوء الحديث عن إجراءات قد تطال ليس فقط الحزب، إنما أيضا لبنان».
وفي حين أشارت بعض المعلومات إلى إمكانية قبول «حزب الله» الذي يعتمد سياسة الصمت في المرحلة الأخيرة، ببحث مشاركته في الحرب في اليمن عبر دعم الحوثيين، رفضت مصادره البحث في خروجه من سوريا، وقالت لـ«وكالة الأنباء المركزية»: «إنه لا بحث في مسألة خروجنا من سوريا، والحل بالإبقاء على التسوية الحالية القائمة على مبدأ أساسي، وهو ترك المسائل الخلافية جانبا والانصراف إلى معالجة المشاكل اليومية الحياتية التي تهمّ اللبنانيين كافة، والرئيس عون (مُقتنع) بهذا الموضوع»، مبدية «الاستعداد للذهاب نحو طاولة حوار لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية وليس السلاح وذلك بعد عودة الرئيس الحريري».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.