تشهد شوارع بيروت الضيقة وأزقتها القديمة انتفاضة اجتماعية بعنوان «روح بيروت واشتري حد البيت» والتي تنطلق من «متحف سرسق» في الأشرفية في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي. هذه المبادرة التي ينظمها عدد من الجمعيات الناشطة في مجال الحفاظ على تراث بيروت تهدف إلى تفعيل دور المحلات التجارية الصغيرة المنتشرة في أحياء وشوارع ضيقة والتي تعاني من تراجع في نسبة استقطاب الزبائن.
وتشمل هذه المبادرة أحياء معروفة في بيروت كـ«مار مخايل» و«الجميزة» و«ساحة ساسين» و«قصقص» إضافة إلى قسم من «شارع الحمراء»، والتي صار بالكاد يتذكرها أهالي تلك المناطق بعد أن راحوا يقصدون المراكز التجارية الكبرى في المدينة (مول وسوبر ماركت) لأن عملية التسوق فيها أكثر سهولة لا سيما أنها تؤمن لهم مواقف خاصة لسياراتهم. ويشير مارك أيوب أحد أعضاء جمعية «لوغوس» المنظمة للحدث إلى أنّ هذه المبادرة ترتكز على ثلاث مراحل أساسية، من شأنها أن تروّج لتلك المحلات وتساعد أصحابها على التقاط أنفاسهم في ظل الركود الاقتصادي الذي يتخبطون فيه.
وتابع خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «هناك إهمال ملحوظ تعاني منه تلك المحلات التي تتنوع ما بين محلات السمانة والألبسة الجاهزة والأنتيكا وغيرها. ولذلك قررنا أن نسهم في إعادة إحيائها كونها تمثل روح بيروت ورمزا من رموزها التراثية، لا سيما أن بعضها يعود تاريخه إلى أكثر من مائة عام». وتتمثل هذه المبادرة التي يشارك فيها نجوم من أهل الفن كراغب علامة باتباع خطوات متلاحقة من شأنها أن تعزز مكانة هذه المحلات، فتشجع أهالي المناطق المنتشرة فيها على زيارتها والتبضع منها.
وفور إطلاق المبادرة سيتوزع متطوعون من جمعيات مختلفة (عيش بيروت، وأشرفية ستيل، وبيروت سيركل، ولوغوس) وغيرها، على مناطق محددة بحيث يجولون على المحلات التجارية الصغيرة والدكاكين وصالونات الحلاقة ومحلات الخياطة وغيرها لتعليم أصحابها على كيفية استقطاب الزبون في المرحلة الأولى من خلال الواجهات الزجاجية لها. «سنقوم معهم بتمرينات حثيثة حول كيفية إضاءة تلك الواجهات وتحسين عرض البضاعة فيها بشكل جذاب، والاستفادة من مناسبات الأعياد المقبلة من أجل تزيينها بما يتناسب معها». يوضح مارك أيوب في سياق حديثه.
أمّا المرحلة الثانية التي تعوّل عليها الجمعيات المشاركة آمالا كبيرة فهي تتعلّق بوسائل التواصل الاجتماعي وكيفية استخدامها من قبل أصحاب تلك المحلات، خصوصا أن غالبيتهم غائبون عنها بشكل تام. فبرأي مطلقي مبادرة «روح بيروت اشتري حدّ البيت» أنّ هذه الوسائل ستسهم في تعريف الناس على تلك المحلات كما ستصبح بمتناول المغتربين اللبنانيين من ناحية والسياح العرب والأجانب من ناحية ثانية، بعد اطلاعهم عليها من خلال الصفحات الإلكترونية «فيسبوك» و«إنستغرام».
وفي المرحلة الثالثة التي تسبق عشية أعياد الميلاد ورأس السنة فسيتم تطبيق المرحلتين السابقتين فعليا على الأرض، بإشراف متطوعين من الجمعيات المشاركة بالمبادرة لتقف على مدى تفاعل أصحاب تلك المحلات مع تعليماتهم.
ويقول إيلي بولس صاحب محلات ألبسة في شارع قديم (أديب إسحق) في الأشرفية بأنّه متحمس جداً لهذه المبادرة ويأمل أن تمحو الركود الاقتصادي الذي يعيش فيه مع جيرانه. «نأمل أن تحرك هذه المبادرة عجلة البيع من ناحية وتسهم في التعريف بنا لأكبر عدد ممكن من أهل المنطقة من ناحية ثانية». يقول إيلي الذي أشار إلى أنّ أحوال هذا النوع من المحلات التجارية تراجعت حركته العادية منذ عام 2005 حتى اليوم.
أما ناجي وهو صاحب محل أنتيكا في شارع الجميزة (الأشرفية) فيؤكد أنّ السياح تستقطبهم الأغراض القديمة التي يعرضها في محله أكثر من أهل المنطقة أنفسهم، وبأنّه يأمل في أن تشيع هذه المبادرة أجواء الفرح وتحرك عمليات الشراء من قبل سكان الأحياء المحيطة بمحلّه الذي يملكه منذ 30 عاما.
ويرى ميشال عزيز صاحب دكان سمانة في شارع مار مخايل أن المشكلة الأكبر التي يواجهها أصحاب هذه المحلات الصغيرة وهو استسلامهم للمستثمرين الذين يدورون على هذه المحلات ويقنعون أصحابها ببيعها من أجل تحويلها إلى مقاه ومطاعم. قائلاً: «هذه الأحياء تعد من تراث بيروت ويصيبنا الأسى كلما عرفنا بأنّ زميل لنا تخلّى عن محله». ومن المتوقع أن يبادر المتطوعون في الجمعيات المشاركة في التقاط صور فوتوغرافية ينشرونها على الصفحات الإلكترونية للترويج عمليا لها في مسألة استقطاب الزبائن: «سندوّن تحت هذه الصور عبارات تشجع الناشطين على تلك الصفحات في التوجه إلى تلك المحلات، لا سيما أن أصحابها لا يملكون ميزانيات خصوصا لتحسين أوضاعهم وشراء كميات كبيرة من البضاعة في ظل غياب اليد الشرائية المطلوبة لاستمراريتهم» يختم مارك أيوب.
مبادرة «روح بيروت» من أجل الحفاظ على تراث أزقة العاصمة ودكاكينها
تنطلق من «متحف سرسق» ويساندها مشاهير من أهل الفن
مبادرة «روح بيروت» من أجل الحفاظ على تراث أزقة العاصمة ودكاكينها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة