تنديد دولي بـ«الباليستي الحوثي» وتضامن مع السعودية

أوروبا انتقدت «التصعيد الخطير»... وباريس حذرت من مخاطر الصواريخ على المنطقة

TT

تنديد دولي بـ«الباليستي الحوثي» وتضامن مع السعودية

واصلت عدد من الدول والمنظمات إدانتها واستنكارها الشديدين لإطلاق ميليشيات الحوثي في اليمن صاروخاً باليستياً باتجاه مدينة الرياض، وأكدت وقوفها ودعمها التام للسعودية في اتخاذ كافة الإجراءات لمحاربة الإرهاب.
وأدان مجلس الوزراء البحريني هذا العمل الذي وصفه بـ«الإجرامي المشين»، مؤكداً أنه يمثل جريمة إنسانية ومخالفة لكافة الأديان والشرائع السماوية، ويظهر بوضوح النزعة الإرهابية لدى الحوثيين، والخطر الذي يمثلونه، مما يؤكد ضرورة ردع هذه الجماعات ولجم إرهابها. وأكد المجلس برئاسة الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء، وقوف البحرين وتضامنها الكامل ودعمها التام مع السعودية في الحفاظ على أمنها واستقرارها، كما أعرب عن تأييده لخطوات المملكة لمحاربة الإرهاب في اليمن الشقيق، والقبض على الإرهابيين، برصد مكافآت مالية للقبض على المسؤولين عن تخطيط وتنفيذ ودعم الأنشطة الإرهابية المختلفة في جماعة الحوثي الإرهابية.
من جانبه, شدد الدكتور أنور قرقاش وزير دولة للشؤون الخارجية في دولة الإمارات، على أهمية «تعزيز الموقف الخليجي الموحد» لمواجهة «الخطر الإيراني وعميله الحوثي», واعتبر في تغريدات على موقع التواصل الاجتماعي «توتير» أمس أن «خطر التمدد الإيراني هو التحدي الأول» أمام دول المنطقة، وأن «‏خطر تحويل الحوثي إلى حزب الله جديد ماثل أمامنا، ورفضه الحل السياسي خلال الفترة السابقة يؤكد أن المرونة معه ليس هذا وقتها».
بدورها، أعربت ليبيا أمس عن إدانتها الشديدة لهذا العمل، وقال رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق الوطني» الليبية فايز السراج في تصريح له أمس: «إننا ندين بأشد العبارات عملية إطلاق ميليشيا الحوثي صاروخاً باليستياً من داخل الأراضي اليمنية باتجاه مدينة الرياض». وأكد السراج وقوف بلاده وتضامنها الكامل مع حكومة وشعب المملكة العربية السعودية «الشقيق» فيما تتعرض له من تهديد وما تتخذه من إجراءات في مواجهة هذا الاعتداء المدان حفاظاً على أمنها وسلامة مواطنيها، مؤكداً أن أمن السعودية جزء لا يتجزأ من أمن المنطقة وأمن الأمة العربية والإسلامية كلها.
ومن العاصمة الرياض، أدان سفير باكستان لدى السعودية خان هشام بن صديق عملية إطلاق صاروخ باتجاه مدينة الرياض، وأعرب عن قلق بلاده إزاء العملية التي استهدفت حياة المدنيين، مشيداً بالرد الدفاعي الفعال من القوت الجوية الملكية السعودية.
كذلك، أدان الاتحاد الأوروبي إطلاق ميليشيات الحوثي في اليمن صاروخاً باليستياً باتجاه مدينة الرياض، ووصفت المتحدثة باسم خدمة العمل الخارجي للاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس، هذا الاعتداء بـ«التصعيد الخطير»، وقالت: «إن هذا الاستهداف العشوائي غير مقبول ومخالف للقانون الدولي».
من جهتها، أدانت فرنسا على لسان وزير خارجيتها جان إيف لودريان «بأشد العبارات» الاعتداء الصاروخي الذي استهدف العاصمة السعودية، متهمة «المتمردين الحوثيين» بمحاولة ضرب منطقة آهلة بالسكان «عمداً». وجاء في بيان صادر عن لودريان ليل الأحد ــ الاثنين أن باريس «تقف إلى جانب المملكة السعودية وتعيد تأكيد دعمها الكامل لسلامتها بوجه التهديدات التي تستهدفها». بيد أن الدبلوماسية الفرنسية لم تتوقف عند هذا الحد، إذ اعتبر الوزير لودريان، في إشارة واضحة إلى برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، أن قيام الحوثيين باستهداف الرياض بصاروخ بعيد المدى «يبين مرة أخرى الخطر الذي يمثله انتشار الصواريخ الباليستية على مجمل المنطقة». وسيكون هذا الموضوع من بين الملفات التي سيبحثها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع القيادة الإماراتية بمناسبة زيارة اليومين التي سيقوم بها غداً وبعد غد إلى أبوظبي بمناسبة تدشين متحف اللوفر ـ أبوظبي. وسيرافق وزير الخارجية رئيس الدولة في هذه الزيارة.
ويأتي «الاعتداء الجديد» على السعودية، كما وصفه لودريان في بيانه المشار إليه، ليبين خطورة الملف الصاروخي الذي ينوي مناقشته مع المسؤولين الإيرانيين في الزيارة التي سيقوم بها إلى طهران بتكليف من الرئيس ماكرون. ولا يخفي الوزير الفرنسي «القلق» الذي ينتاب باريس من استمرار طهران في تطوير ترسانتها الصاروخية والباليستية تحت حجج مختلفة. وقالت مصادر فرنسية رسمية لـ«الشرق الأوسط» إن باريس «متمسكة» بضرورة منع الانتشار الصاروخي لما يحمله من تهديدات للاستقرار والأمن في المنطقة، مضيفة أن حجة إيران القائلة بأن قرارات مجلس الأمن الدولي لا تمنعها من تطوير قدراتها الصاروخية «واهية». كذلك، ترى باريس أن تبرير إيران لبرنامجها الصاروخي بأنه لتطوير قدراتها العلمية وإرسال أقمار اصطناعية، وبالتالي لا أهداف عسكرية من وراء ذلك كله «غير مقنعة بسبب الرابط العضوي بين ما هو عسكري وما هو مدني». وتتهم الرياض إيران بأنه تهرب الصورايخ الباليستية إلى الحوثيين وتساعدهم على استخدامها ضد أراضيها، لا بل إطالة مداها لتصل إلى العاصمة الرياض.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».