محاكمة جنرال جزائري بتهمة محاولة إضعاف معنويات الجيش

TT

محاكمة جنرال جزائري بتهمة محاولة إضعاف معنويات الجيش

أعلن أمس بالجزائر العاصمة عن محاكمة ضابط عسكري كبير الاثنين المقبل، اشتهر مطلع تسعينات القرن الماضي بحربه ضد المتشددين المسلحين. وسيجري لأول مرة وقوف عسكري سام مارس مسؤوليات بارزة أمام محكمة مدنية، وذلك للرد على تهمة «محاولة إضعاف معنويات الجيش».
وقال خالد بورايو، محامي الجنرال المتقاعد حسين بن حديد، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «سيرد أمام المحكمة بالعاصمة على تهمة سياسية، مرتبطة بمواقفه السياسية من إدارة شؤون الحكم، وخاصة موقفه من تسيير المؤسسة العسكرية من طرف نائب رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع الفريق أحمد قايد صالح». وأوضح المحامي أن بن حديد يعاني من سرطان المثانة، وأنه متعب ولن يستطيع الصمود أمام أسئلة القاضي والنيابة يوم المحاكمة.
ويستفيد الجنرال بن حديد من دفاع أشهر المحامين في البلاد، ممن سبق لهم أن رافعوا لصالح أبرز معارضي الحكومة من السياسيين المدنيين، غير أن قضية الاثنين المقبل تعد فريدة من نوعها لأنها تتعلق بمستشار وزير الدفاع سابقا، خاض في شؤون السياسة وهاجم رئيس أركان الجيش، الذي تتحاشى الصحافة وقادة الأحزاب الحديث عنه سلبا خوفا من انتقامه.
واعتقل رجال الدرك بن حديد في صيف 2015، بينما كان يقود سيارته في الطريق السريع بالعاصمة. وتم اقتياده مباشرة إلى السجن، وبعدها بأيام استمع قاضي التحقيق لأقواله، ووجه له تهمة «محاولة إضعاف معنويات الجيش»، ثم أمر بإيداعه الحبس الاحتياطي.
وكان بن حديد قد أطق قبل أيام من اعتقاله تصريحات وصفت بـ«الخطيرة» ضد مسؤولي المؤسسة العسكرية، وعلى رأسهم الفريق صالح، حيث قال عند استضافته بإذاعة خاصة تبث برامجها على الإنترنت، إنه يختلف معه سياسيا «لأنه ينتمي لمحيط الشخصيات النافذة في السلطة، التي تدعم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة».
وخاض بن حديد على أمواج الإذاعة في «سمعة الجنرال قايد صالح»، وتحدث عنه بأوصاف سيئة، وذكر أنه «مسؤول لا يحترمه لا الضباط ولا الجنود». كما صرح لصحيفة محلية بخصوص مدى حقيقة الصراع بين قيادة الأركان الموالية للرئاسة وجهاز المخابرات، وقال للصحافي صاحب السؤال «دع عنك هذه التسمية.. لا ينبغي أن تسميها قيادة أركان. هل تسمي قايد صالح قائدا لأركان الجيش؟ هذا الشخص عديم المصداقية ولا أحد يحبه في الجيش، وإنما يخشونه بحكم الصلاحيات التي بين يديه»، مضيفا أن «الجيش طالته الرشوة والفساد مثل الكثير من الأطراف.. وبعض مسؤوليه تورطوا في الفساد، لكن ليس بحجم وخطورة ما شهدته شركات حكومية. ورغم ذلك ما زال محافظا على تماسكه وانسجامه. والمؤسسة العسكرية في الحقيقة صورة مصغرة لما يجري في البلاد. هي صورة للجامعة عرف التكوين فيها ضعفا».
وقال بن حديد أيضا: «ينبغي أن نفرق بين صالح وأركان الجيش، فهذا الشخص لا وزن له. ما ينبغي أن تعرفه أن نفسية الانضباط العسكري متحكمة في أفراد الجيش، بمعنى أنهم مجبرون على تنفيذ أوامر قايد صالح، ولكن عندما يصل الأمر إلى المساس باستقرار البلاد فلن يجد في الجيش من يدعمه».
وتفيد مصادر من المؤسسة العسكرية أن صالح ثارت ثائرته لما قرأ وسمع ما قاله عنه بن حديد. وأكثر من هذا اتهم بن حديد بـ«إفشاء أسرار عسكرية»، تعود إلى تعاطيه إعلاميا مع مفاوضات جرت بين المخابرات والإسلاميين المسلحين، منتصف تسعينات القرن الماضي. كما تناول قضايا حساسة تتعلق باختراق صفوف الجماعات الإسلامية المسلحة من طرف المخابرات. والشائع أن صالح يريد أن يترشح لانتخابات الرئاسة المرتقبة في 2019.
وأفرجت السلطات عن بن حديد بعد 10 أشهر قضاها في سجن مدني بالضاحية الشرقية للعاصمة، وجاء ذلك بعد صرخة أطلقها محاموه وعائلته بخصوص اكتشاف إصابته بمرض السرطان. وقال بورايو إنه كان يتوقع تخلي وزارة الدفاع عن متابعته بعد أن اتضح أنه مصاب بداء خطير.
يشار إلى أن وزارة الدفاع حاكمت جنرالا مطلع التسعينات بالمحكمة العسكرية، هو مصطفى بلوصيف. وكانت التهمة مرتبطة بقضايا فساد، غير أنه غادر السجن قبل أن يكمل العقوبة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».