مشاهد دامية من أضخم تفجير في تاريخ العاصمة الصومالية

نقل مصابين في تفجيرات مقديشو للعلاج خارج الصومال («الشرق الأوسط»)
نقل مصابين في تفجيرات مقديشو للعلاج خارج الصومال («الشرق الأوسط»)
TT

مشاهد دامية من أضخم تفجير في تاريخ العاصمة الصومالية

نقل مصابين في تفجيرات مقديشو للعلاج خارج الصومال («الشرق الأوسط»)
نقل مصابين في تفجيرات مقديشو للعلاج خارج الصومال («الشرق الأوسط»)

«بالنسبة لي وربما للعالم بأسره، هذه هي المرة الأولى التي يلقى فيها أكثر من 300 شخص مصرعهم في عمل إرهابي واحد...» هكذا قال عبد القادر عبد الرحمن مؤسس ومدير خدمة «أمان للإسعاف المحلي» في العاصمة الصومالية مقديشو لـ«الشرق الأوسط» بينما ما زال يكافح مع عشر سيارات إسعاف يمتلكها ويعمل فيها 35 من الطواقم الطبية والإدارية، لمساعدة الجرحى والمصابين في أضخم عملية إرهابية تشهدها البلاد في تاريخها.
لم يدر في خلد عبد القادر عام 2008، عندما وضع جميع مدخراته في صفقة لشراء أول عربة إسعاف لشركته التي تقدم للمرة الأولى الإسعاف الطبي بالمجان لمواطني العاصمة مقديشو، أنه سيشاهد كل هذه الجثث والأشلاء في مكان واحد بالإضافة إلى مئات الجرحى.
وقال عبد القادر لـ«الشرق الأوسط»: «لم يحدث مطلقا أن عرف العالم سقوط هذا العدد من القتلى والجرحى في مكان واحد، وبسبب عمل إرهابي واحد».
لا يعرف عبد القادر من هي الجهة المسؤولة عن هذا الحادث الدموي، الذي هز مقديشو كلها ودمر أبنية وفنادق ومكاتب حكومية وسيارات، السبت الماضي، وأسفر عن مقتل أكثر من 300 شخص وإصابة ما لا يقل عن 400 آخرين، في واحد من أحد أسوأ الهجمات التي تشهدها الصومال.
وأضاف «ليس سهلا أن تتهم أحداً في عمل ضخم كهذا، لم تعلن أي جهة بعد مسؤوليتها، لكن المؤكد أن هناك أيادي كثيرة تقوم بدور قذر في البلاد لإشاعة الفوضى والعنف».
حصلت «أمان لخدمات الإسعاف» على سيارتها الثانية من منظمة الصحة العالمية، بينما تبرع طلاب ورجال أعمال بثماني سيارات، لكن مؤسسها عبد القادر يقول في المقابل إن هناك حاجة لمزيد من السيارات.
ويضيف عبد القادر لـ«الشرق الأوسط» نحن نستخدم سيارات قديمة نوعا ما، ونحتاج إلى سيارات متقدمة قادرة على تقديم خدمة طبية أفضل، كما نحتاج لتدريب طاقمنا على عمليات الإسعاف والإنقاذ، ناهيك عن التنسيق بين الإسعاف والمستشفيات».
لكن بالنسبة إلى حجم الخسائر البشرية والمادية المهولة التي نجمت عن تفجير السبت الدامي، تبدو طموحات عبد القادر متواضعة للغاية، حيث كشف أمس وزير الإعلام الصومالي، عبد الرحمن عمر عثمان أن الصومال ليس لديه بنك للدم وإن ضعف نظام الرعاية الصحية يعرقل جهود الاستجابة الطبية.
وقال عثمان أمس، لوكالة «رويترز»: «نطلب الدم، نحتاج مساعدة للتعرف على القتلى لإبلاغ ذويهم»، وأضاف أن أكثر من مائة جثة دُفنت وأنها كانت في حالة «تعذر معها التعرف على أصحابها» وعبر عن أمله في إمكانية التعرف على بقية الجثث.
وصل أطباء أتراك، معظمهم جراحون ومتخصصون في إصابات العمود الفقري، ومعهم وزير الصحة التركي، وقال عثمان إنهم «يعالجون المصابين في مستشفيات مقديشو»، مضيفا أن جيبوتي وكينيا أرسلتا أدوية جوا كما أن «طائرة إسعاف» في الطريق قادمة من قطر، لنقل 25 مصابا إلى أحد مستشفيات السودان.
وانفجرت شاحنة ملغومة بجوار شاحنة صهريج لنقل الوقود فأحدثت كرة هائلة من النار وانتشرت أشلاء الجثث على الطريق، في حدث قال مسؤولون إنه يحمل بصمات جماعة الشباب المتحالفة مع تنظيم «القاعدة» لكنها لم تعلن مسؤوليتها عنه.
وتشابه التفجيران مع تفجيرات أخرى أعلنت المسؤولية عنها حركة الشباب المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، رغم أن الحركة لم تعلن حتى الآن أنها المسؤولة.
ويقول خبراء إنه ربما كان هدف العملية مباني حكومية على مقربة غير أن التفجير وقع قبل الأوان.
ومع اتضاح حجم الهجوم أمر الرئيس محمد عبد الله فرماجو بإعلان الحداد الوطني ثلاثة أيام وأطلق الأطباء نداءات للتبرع بالدم وبعد أن بذل العاملون المرهقون في خدمة الإسعاف جهودا كبيرا لإنقاذ الجرحى وجدوا أخيرا الوقت لنقل الموتى إلى المشرحة.


مقالات ذات صلة

الغرب يحذّر سوريا من تعيين «مقاتلين أجانب» في الجيش

المشرق العربي مقاتلون من «هيئة تحرير الشام» في دمشق (رويترز)

الغرب يحذّر سوريا من تعيين «مقاتلين أجانب» في الجيش

حذّر مبعوثون أميركيون وفرنسيون وألمان الحكام الجدد في سوريا من أن تعيينهم لـ«مقاتلين أجانب» في مناصب عسكرية عليا يمثّل مصدر قلق أمني ويسيء لصورتهم.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية احتجاج أمام بلدية أكدنيز في مرسين على اعتقال رئيسيها المشاركين (إعلام تركي)

تركيا: اعتقالات جديدة لرؤساء بلديات كردية... وتفاؤل بحقبة ترمب

عبّرت تركيا عن تفاؤلها بالعلاقات مع أميركا في عهد الإدارة الجديدة للرئيس المنتخب دونالد ترمب ووجهت انتقادات حادة للاتحاد الأوروبي واتهمته بـ«العمى الاستراتيجي».

سعيد عبد الرازق
أفريقيا وحدة خاصة من قوة عسكرية شكلتها نيجيريا وتشاد والكاميرون والنيجر وبنين لمواجهة «بوكو حرام» (القوة العسكرية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام»)

نيجيريا تتحدث عن «دول» تمول الإرهاب وتدعو إلى «تحقيق» أممي

أعلنت دول حوض بحيرة تشاد القضاء على المئات من مقاتلي جماعة «بوكو حرام» الموالية لتنظيم «داعش»، ورغم ذلك لم تتوقف الهجمات الإرهابية في المنطقة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال مؤتمر صحافي في إسطنبول الجمعة (رويترز)

تركيا تنسّق مع أميركا في سوريا وتطالب فرنسا باستعادة «دواعشها»

أعطت تركيا إشارة إلى تنسيقها مع الولايات المتحدة بشأن التحرك ضد القوات الكردية في شمال سوريا، وانتقدت بعنفٍ موقف فرنسا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا يقف مسؤولون أمنيون باكستانيون حراساً عند نقطة تفتيش في كويتا عاصمة إقليم بلوشستان بباكستان يوم 6 يناير 2025 حيث تشهد باكستان موجة من عنف المتمردين خصوصاً في المقاطعات الغربية في إقليم خيبر بختونخوا (إ.ب.أ)

الشرطة الباكستانية: اختطاف 17 موظفاً على يد عناصر إرهابية شمال غربي البلاد

أعلنت الشرطة الباكستانية أن مسلحين من العناصر الإرهابية اختطفوا 17 موظفاً مدنياً في منطقة قبول خيل، الواقعة على الحدود بين إقليم البنجاب وإقليم خيبر بختونخوا.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)

الاحترار يتخطى عتبة 1.5 درجة مئوية في 2023 و2024

آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)
آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)
TT

الاحترار يتخطى عتبة 1.5 درجة مئوية في 2023 و2024

آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)
آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)

تجاوز الاحترار خلال العامين الأخيرين في المتوسط عتبة 1.5 درجة مئوية التي حدّدتها اتفاقية باريس، ما يؤشر إلى ارتفاع مستمر في درجات الحرارة غير مسبوق في التاريخ الحديث، بحسب ما أفاد، الجمعة، مرصد «كوبرنيكوس» الأوروبي. وكما كان متوقعاً منذ أشهر عدة، وأصبح مؤكَّداً من خلال درجات الحرارة حتى 31 ديسمبر (كانون الأول)، يُشكّل 2024 العام الأكثر حرّاً على الإطلاق منذ بدء الإحصاءات سنة 1850، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مرصد «كوبرنيكوس» الأوروبي. ومن غير المتوقع أن يكون 2025 عاماً قياسياً، لكنّ هيئة الأرصاد الجوية البريطانية حذّرت من أن هذه السنة يُفترض أن تكون من الأعوام الثلاثة الأكثر حراً على الأرض.

اتفاقية باريس

وسنة 2025، العام الذي يعود فيه دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، يتعيّن على الدول أن تعلن عن خرائط الطريق المناخي الجديدة، التي تُحَدَّث كل خمس سنوات في إطار اتفاقية باريس. لكن خفض انبعاث الغازات الدفيئة المسبّبة للاحترار يتعثر في بعض الدول الغنية؛ إذ لم تستطع الولايات المتحدة مثلاً خفض هذا المعدّل سوى بـ0.2 في المائة في العام الماضي، بحسب تقرير «كوبرنيكوس». ووفق المرصد، وحده عام 2024 وكذلك متوسط عامي 2023 و2024، تخطى عتبة 1.5 درجة مئوية من الاحترار، مقارنة بعصر ما قبل الصناعة، قبل أن يؤدي الاستخدام المكثف للفحم والنفط والغاز الأحفوري إلى تغيير المناخ بشكل كبير.

احترار المحيطات

خلف هذه الأرقام، ثمّة سلسلة من الكوارث التي تفاقمت بسبب التغير المناخي؛ إذ طالت فيضانات تاريخية غرب أفريقيا ووسطها، وأعاصير عنيفة في الولايات المتحدة ومنطقة البحر الكاريبي. وتطال الحرائق حالياً لوس أنجليس، وهي «الأكثر تدميراً» في تاريخ كاليفورنيا، على حد تعبير الرئيس جو بايدن.

قال علماء إن عام 2024 كان أول عام كامل تتجاوز فيه درجات الحرارة العالمية عتبة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة (أ.ب)

اقتصادياً، تسببت الكوارث الطبيعية في خسائر بقيمة 320 مليار دولار في مختلف أنحاء العالم خلال العام الماضي، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن شركة «ميونيخ ري» لإعادة التأمين. من شأن احتواء الاحترار عند عتبة 1.5 درجة مئوية بدلاً من درجتين مئويتين، وهو الحد الأعلى الذي حدّدته اتفاقية باريس، أن يحدّ بشكل كبير من عواقبه الأكثر كارثية، بحسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي. وتقول نائبة رئيس خدمة التغير المناخي (C3S) في «كوبرنيكوس»، سامانثا بيرجس: «إنّ كل سنة من العقد الماضي كانت أحد الأعوام العشرة الأكثر حرّاً على الإطلاق».

ويستمرّ الاحترار في المحيطات، التي تمتصّ 90 في المائة من الحرارة الزائدة الناجمة عن الأنشطة البشرية. وقد وصل المتوسّط السنوي لدرجات حرارة سطح المحيطات، باستثناء المناطق القطبية، إلى مستوى غير مسبوق مع 20.87 درجة مئوية، متجاوزاً الرقم القياسي لعام 2023.

«النينيا»

التهمت حرائق غابات الأمازون في شمال البرازيل سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

بالإضافة إلى التأثيرات المباشرة لموجات الحرّ البحرية على الشعاب المرجانية أو الأسماك، يُؤثّر الاحترار الدائم للمحيطات على التيارات البحرية والجوية. وتطلق البحار التي باتت أكثر احتراراً مزيداً من بخار الماء في الغلاف الجوي، مما يوفر طاقة إضافية للأعاصير أو العواصف. ويشير مرصد «كوبرنيكوس» إلى أن مستوى بخار الماء في الغلاف الجوي وصل إلى مستوى قياسي في عام 2024؛ إذ تجاوز متوسطه لفترة 1991 - 2020 بنحو 5 في المائة. وشهد العام الماضي انتهاء ظاهرة «النينيو» الطبيعية التي تتسبب بالاحترار وبتفاقم بعض الظواهر المتطرفة، وبانتقال نحو ظروف محايدة أو ظاهرة «النينيا» المعاكسة. وكانت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية حذرت في ديسمبر من أنّ ظاهرة «النينيا» ستكون «قصيرة ومنخفضة الشدة»، وغير كافية لتعويض آثار الاحترار العالمي.