نقاط الاشتباك العصبي في المخ التي لا يستخدمها الإنسان تتلاشى

ثلث المخ مخصص لتحويل الخلايا الضوئية إلى رؤية

نقاط الاشتباك العصبي في المخ التي لا يستخدمها الإنسان تتلاشى
TT

نقاط الاشتباك العصبي في المخ التي لا يستخدمها الإنسان تتلاشى

نقاط الاشتباك العصبي في المخ التي لا يستخدمها الإنسان تتلاشى

نفكر ونخطط ونتذكر، ولا نُولي اهتماماً كبيراً بالآلة الحاسبة الهائلة التي تمكننا من ذلك كله.
ظهر أخيراً كتاب رائع عن شبكة عجيبة في أدمغتنا، كتبه عالم الأعصاب ديفيد إيغلمان.
وكتاب «المخ» واضح جداً، وهو يصيغ المعايشة الخاصة للإنسان، ويركز عليها، وليس على آليات المخ المجردة التي تقف وراء ذلك.
ويوضح إيغلمان، في مستهل كتابه، أن هذا الكتاب «لن يقدم معلومات أولية، بل سيثير الفضول والرغبة في بحث الذات».
ويقول المؤلف إن المخ البشري لا يكون جاهزاً عند الميلاد، إذا ما قورن بعالم الحيوانات الآخر «إذ إن لوحة التحكم لا تكون موجودة عندئذ، وبدلاً من ذلك فإن الجينات توفر إرشادات تقريبية عن بناء هذه الشبكة، وتسمح للمخ بالتكيف مع المعطيات»، في حين أن الكثير من الحيوانات تبصر نور الحياة، حسب المؤلف، بغرائز وسلوكيات ثابتة، أي بشيء يشبه مخاً متشابكاً.
ويقول إيغلمان إن الإنسان استطاع أن يستوطن كل نظام حيوي للأرض، وأن يبدأ رحلته للفضاء بفضل قابلية مخه للتشكل.
وأوضح أن مخ الطفل الصغير يتكون فيه كل ثانية ما يصل إلى مليوني اتصال، ما يسمى بنقاط الاشتباك العصبي «وعندما يصبح سن الطفل عامين، يكون لديه أكثر من 100 تريليون من هذه التشابكات العصبية، أي ضعف ما لدى إنسان بالغ».
ويوضح إيغلمان أن تشابكات المخ التي لا يستخدمها الإنسان تتلاشى بشكل يشبه ممرات الغابة التي لا تستخدم.
ويوضح المؤلف من خلال أمثلة، مثل مثال أطفال الملاجئ، كيف تصنعنا بيئتنا خلال النمو لنصبح ما نحن عليه، وقال إن عملية تكوين المخ تستمر نحو 25 عاماً «وفي الشباب، تحدث عملية إعادة التشكيل بشكل شامل يجعل لهذه الفترة تأثيراً حاسماً على كينونتنا».
ويتطرق الباحث، في التحقيق الذي نشرته وكالة الأنباء الألمانية، إلى مدى خداع الذكريات، وكيف أن تذكر حدث ما يمكن أن يختلف باختلاف المرحلة العمرية، والأحداث التي تفصل الإنسان عن الذكريات التي يريد استرجاعها «إذ إن الذكرى لا تكون مقطعاً مصوراً دقيقاً للحظة بعينها، بل حالة مخ حساسة لمرحلة سابقة يضطر الإنسان لمعايشتها مرة أخرى لتذكرها».
ويشرح المؤلف بشكل مفصل حواس الإنسان، بدءاً من الحاسة السائدة، وهي الرؤية، ويقول إن جهازاً عملاقاً يكون ضرورياً لكي تظهر لنا الأمور بشكل طبيعي تماماً، ويضيف: «نحو ثلث المخ منشغل بتحويل خلايا الضوء إلى وجه أمك وقطتك وأريكتك».
ويقول المؤلف إن سجناء الزنازين الانفرادية يعيشون أحلام يقظة تبدو لهم وكأنها حقيقية تماماً، وإن ذلك دليل على أن المخ ينتج واقعه الخاص به، قبل أن يتلقى معلومات من العينين وغيرها من حواسه.
كما يوضح الكاتب أننا لا ندرك سوى مقطع صغير من الحقيقة، وأن ذلك لا يختلف عن شأن حشرة قراد عمياء صماء، ولكنها تستطيع في مقابل ذلك الشعور بدرجة جسم ورائحته، أو عن خفاش يعرف وجهته بالاعتماد على الموجات الصوتية. ويقول المؤلف إنه ليس هناك حيوان ولا إنسان يعيش الحقيقة العملية «فالكل يتلقى فقط ما تعلم تلقيه على مدى تطوره».
ثم يتطرق باحث الأعصاب إلى السبب وراء قول الناس إن الوقت يمر ببطء عندما يمر الإنسان بموقف خطير على حياته، كأن يتعرض لحادث سيارة أو سطو، ويقول إنه عندما يتعرض الإنسان لموقف حرج، فعليه أن يغلق عينيه ويصم أذنيه لأن ذلك سيجعله يتذكر الأحداث بشكل أكثر تفصيلاً عما يحدث في ظروف عادية «فهذا هو دور الذاكرة، إنه تسجيل الأحداث الحاسمة حتى تصبح المعلومات الحيوية بالنسبة للإنسان جاهزة، في حالة ما احتاجها الإنسان عندما يمر بموقف مشابه».
ويرى المؤلف أن التأثير الجانبي المهم لذلك هو أن المخ المتعود على استرجاع الذكرى بتفاصيل أقل بكثير يحلل كثافة التفاصيل، وكأن الموقف احتاج وقتاً أطول بكثير «أي أننا لا نعيش الأحداث المفزعة بالإعادة البطيئة، بل لا نحصل على الانطباع إلا عندما نحاول استرجاعها، أي عندما نحلل ذكرياتنا».
وفي مواضع أخرى من الكتاب، يصف المؤلف السبب وراء حقيقة أن ما يحول بين الإنسان واتخاذ القرارات الجيدة للمستقبل هو أن الخيارات الموجودة أمامه مباشرة تقيم بشكل أعلى من الخيارات التي يتم محاكاتها، كما يوضح السبب في أن الشريكين المتزوجين منذ فترة طويلة يبدوان أشبه ببعضهما بعضاً مع مرور الوقت، وما هي الطرق الغريبة التي أصبحت موجودة لنقل المعلومات المرئية عبر طريق غير معهود إلى المخ، مثل اللسان أو الظهر على سبيل المثال.
ويتطرق المؤلف بشكل مفصل إلى تمدد قدرات جسم الإنسان عبر مستشعرات، وعبر وسائل تقنية مساعدة «فربما أصبح لدينا نحن بشر اليوم عوامل مشتركة مع أجدادنا في العصر الحجري أكثر مما سيربطنا بأحفادنا من بعدنا».
ويصف إيغلمان نظرية أن الوعي يتكون تلقائياً من تفاعل المليارات الكثيرة من أجزاء المخ.
ويلقي المؤلف نظرة على المستقبل، وهو الوقت الذي ربما استطاع الإنسان فيه ترك جسمه خلفه.
ويقدم الكتاب، إلى جانب التفسيرات المثيرة والمصاغة بشكل مفهوم، رسوماً بيانية وصوراً.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.