قتل أكثر من ثلاثة آلاف شخص بينهم نحو ألف مدني خلال سبتمبر (أيلول)، في حصيلة شهرية هي الأكبر خلال العام الحالي، جراء احتدام المعارك وتكثيف الغارات على مناطق تحت سيطرة تنظيم داعش في شمال وشرق البلاد.
ويأتي ارتفاع حصيلة القتلى في وقت يوشك تنظيم داعش على خسارة معقله في الرقة (شمال) ويتصدى لهجومين منفصلين في دير الزور (شرق)، من دون أن يشل ذلك قدرته على شن هجمات مباغتة، أدى أحدها فجر الأحد إلى سيطرته على مدينة القريتين في وسط البلاد.
وأفاد مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن وكالة الصحافة الفرنسية أمس، عن توثيق «مقتل أكثر من ثلاثة آلاف شخص بينهم نحو ألف مدني خلال شهر سبتمبر في حصيلة قتلى شهرية هي الأعلى خلال العام 2017».
وأوضح، أن بين القتلى المدنيين 207 أطفال على الأقل، لافتا إلى أن «أكثر من 70 في المائة من المدنيين قتلوا جراء ضربات جوية».
وأحصى «المرصد» في الشهر ذاته مقتل 790 عنصراً من قوات النظام والمقاتلين الموالين لها مقابل 738 مقاتلاً من التنظيمات المتطرفة، ولا سيما «داعش». كما قتل 550 عنصراً من الفصائل المعارضة و«قوات سوريا الديمقراطية» العربية - الكردية.
وأوضح «المرصد»، أن ارتفاع حصيلة القتلى مرده إلى «احتدام المعارك تحديداً ضد تنظيم داعش وتكثيف طائرات التحالف الدولي وروسيا غاراتها على معاقله في الرقة ودير الزور، إضافة إلى تكثيف الطيران السوري والروسي غاراته على مناطق تحت سيطرة الفصائل المعارضة».
ويدعم التحالف الدولي بقيادة أميركا هجوماً تشنه «قوات سوريا الديمقراطية» على مدينة الرقة التي باتت تسيطر على أكثر من 90 في المائة من أحيائها. كما تقود هذه القوات هجوماً يستهدف التنظيم في ريف دير الزور الشرقي.
وتدعم روسيا من جهتها هجوماً تشنه قوات النظام في مدينة دير الزور لطرد الجهاديين من أحيائها الشرقية ومناطق في ريفها الغربي.
وفي الأسبوعين الأخيرين، كثف الطيران السوري والروسي غاراتهما على مناطق تحت سيطرة الفصائل المعارضة في محافظة إدلب (شمال غرب) الواقعة بمجملها تحت سيطرة «هيئة تحرير الشام» التي تعد «جبهة النصرة» سابقا أبرز مكوناتها.
وقتل 34 مدنياً على الأقل، بينهم ثمانية أطفال ليل الجمعة - السبت جراء غارات جوية شنتها طائرات لم يعرف إذا كانت سورية أم روسية على بلدة ارمناز في إدلب، بحسب «المرصد». كما قتل 21 مدنيا على الأقل جراء قصف مدفعي لقوات النظام على منطقة الغوطة الشرقية لدمشق.
وتعرضت المنطقتان للقصف رغم أنهما تشكلان اثنتين من أربع مناطق شملها اتفاق خفض التوتر الذي تم التوصل إليه في إطار محادثات آستانة برعاية كل من روسيا وإيران حليفتي النظام السوري وتركيا الداعمة للمعارضة في مايو (أيار) بهدف إفساح المجال أمام وقف دائم لإطلاق النار.
ومنذ إقرار الاتفاق، تراجعت وتيرة قصف قوات النظام وحلفائها لهذه المناطق قبل أن تتكثف في الأسبوعين الأخيرين.
ويستثني اتفاق خفض التوتر كلاً من «هيئة تحرير الشام» و«داعش»، الذي تمكّن فجر الأحد بحسب «المرصد» من «السيطرة على كامل مدينة القريتين الواقعة جنوب شرقي حمص على أطراف البادية السورية، إثر هجوم مباغت ضد قوات النظام» المتمركزة داخل المدينة.
وبحسب «المرصد»، تسللت مجموعات من مقاتلي التنظيم من منطقة البادية إلى القريتين، حيث كان يتواجد عدد قليل من قوات النظام؛ ما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة. وتحاصر قوات النظام المدينة في الوقت الحالي.
وتمكنت قوات النظام من السيطرة في بداية أبريل (نيسان) 2016 على مدينة القريتين التي تعد رمزاً للتعايش الديني بين المسيحيين والمسلمين في سوريا، بعد سبعة أشهر من سيطرة التنظيم عليها.
وخلال سيطرته على المدينة، أقدم التنظيم على تدمير دير مار آليان الأثري وعلى إحراق كنيستين أخريين، كما خطف عشرات من سكانها المسيحيين قبل أن يطلق سراحهم بعد أسابيع عدة.
وقبل اندلاع النزاع، كان عدد سكان القريتين نحو ثلاثين ألف شخص بينهم 900 مسيحي، لا يزال عشرات منهم موجودين في المدينة.
وأفاد عبد الرحمن عن معارك عنيفة تدور بشكل متزامن بين الطرفين على محاور عدة في بادية السخنة، حيث تمكن التنظيم أيضا من السيطرة على بلدة وجبل استراتيجي يشرف على طريق حيوية.
وأسفرت هجمات شنها التنظيم على حواجز لقوات النظام والموالين لها جنوب مدينة السخنة منذ الخميس عن سقوط 128 عنصرا على الأقل في صفوفها، بينهم 20 مقاتلاً على الأقل من «حزب الله» اللبناني. كما قتل تسعون متطرفاً على الأقل، بحسب «المرصد».
ويوضح عبد الرحمن، أن التنظيم الذي يتلقى خسائر ميدانية على جبهات عدة يحاول عبر هذه الهجمات المباغتة أن «يثبت أمام الرأي العام المحلي والدولي أنه ما زال يحتفظ بقدرته على الهجوم والمباغتة، وإيقاع خسائر بشرية كبيرة في صفوف خصومه».
وتزامن بدء هذه الهجمات مع بث التنظيم الخميس تسجيلاً صوتياً نسب إلى زعيمه أبو بكر البغدادي، دعا فيه أنصاره إلى «الصبر والثبات» في وجه «الكفار» المتحالفين ضدهم في سوريا والعراق. ودعا عناصر التنظيم إلى تكثيف «الضربات» في كل مكان، واستهداف «مراكز إعلام» الدول التي تحارب التنظيم.
ومُني «داعش» بخسائر متتالية، في سوريا على أيدي قوات النظام السوري المدعومة من إيران وروسيا، و«قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من واشنطن، وفي العراق على أيدي القوات العراقية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة أميركية.
ثلاثة آلاف قتيل الشهر الماضي... و«داعش» يفتح جبهات جديدة
ثلاثة آلاف قتيل الشهر الماضي... و«داعش» يفتح جبهات جديدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة