أحياناً كثيرة تولد بيننا وبين الطبيعة علاقة وطيدة تنبع من تعلّقنا بمياه بحر أو بنجوم السماء، فنحاكيها في وحدتنا ونسألها النصيحة أثناء حيرة تصيبنا.
إلّا أنّ القصة التي ترويها مسرحية «يوميات توتة» لنادين أبو زكي تدور ما بين بطلتها «أم حليم» وشجرة توت بعد أن ربطتهما علاقة إنسانية خلال الحرب اللبنانية. فـ«بيرام» (اسم شجرة التوت) فرحت مع أم حليم كما عاشت أحزانها وهي لم تتوان أيضا عن تسديد النصائح لها في ظروف خاصة. فتعلّقت بها أم حليم إلى حدّ جعلها تتخّذ منها صديقة وفية لها.
«الفكرة خطرت على بالي عندما كنت أحضّر لموضوع بيئي ركّزت خلاله على علاقة الإنسان بالطبيعة وبالتحديد الشجرة. فصرت أستمع إلى حكايا بهذا الخصوص يرويها على مسمعي الناس من هنا وهناك، فلفتتني واحدة من هذه القصص وقررت أن أترجمها بمسرحية يجتمع فيها النصّ الخيالي مع لوحات راقصة تعبيرية». تشرح نادين أبو زكي مخرجة العمل لـ«الشرق الأوسط».
إلى جانب شجرة التوت «بيرام» تقف شجرة زنزلخت «تيسبي» التي شهدت أيضاً على علاقة بطلة المسرحية مع صديقتها الشجرة. فهي كانت كاتمة لأسرار صديقتها والحضن الذي تفضفض له عندما يصيبها الحزن على صديقها الإنسان.
وتقول المخرجة في سياق حديثها: «لقد وجدت صعوبة في إيجاد لغة خاصة بالأشجار إذ أردتها مختلفة عن لغة الإنسان»، ولقد استعنت بالراقص الكوريغرافي الفرنسي جان بيار ميهانسيو، ليحكي بلوحاته الراقصة عن مراحل من المعاناة والفرح والحزن والدهشة لعلاقة استمرت لسنوات طويلة بين شخصية «أم حليم» و«شجرة التوت».
استوحت نادين أبو زكي أسماء الشجرتين من أسطورة حبّ يونانية «لقد تصوّرت هذه العلاقة بين الشجرة والإنسان قصة حبّ ولكن من نوع آخر».
تبدأ عروض هذه المسرحية في 14 الحالي وتستمر حتى 16 منه على خشبة «مسرح المدينة» في شارع الحمرا، ويشارك فيها كلّ من رويدا الغالي (أم حليم) ودانا مخايل (شجرة التوت). وتبلغ مدة عرضها نحو 60 دقيقة.
وتقول أبو زكي التي تدرّس مادة الفلسفة في إحدى الجامعات اللبنانية، إن «عملية تجسيد نص كامل بلوحات رقص تعبيرية مع الحفاظ على هوية الرواية كانت من التحديات الكبيرة التي واجهتها في هذا المسرحية». مضيفة: «أردت أن أوصل رسالة مباشرة إلى مشاهدها تدور حول أهمية حفاظنا على بيئتنا من ناحية وعلى السلام بين بعضنا من ناحية أخرى. وسيلمس المشاهد قدسية هذه العلاقة من خلال لوحات تدعو إلى السلم على الرغم من أنّها تتناول حقبة من الحرب اللبنانية». وتوضح: «انطلاقا من حرب السبعينات التي اندلعت في لبنان، استخرجت النصّ الذي كتبته، ولكن أن نعود إلى الوراء فهو لا يعني أن نبقى سجناء مرحلة معينة بل أن نأخذ العبر منها، فنستنكر جريمة الحرب وانطلاقا منها نقضي على باقي أنواع الجرائم وحتى البيئية منها».
وقف إطلاق نار في ساعة متأخرة سيفرح قلب شجرة التوت «بيرام» وفقدان أحد أبناء الحي الذي تنتصب به سيدفعها إلى البكاء، فالشجرة حسب نصّ نادين أبو زكي تملك من المشاعر والأحاسيس ما يجعلها بمثابة كائن حي يتنفس الأكسجين ويزفر أكسيد الكربون تماما كالإنسان.
وتختم أبو زكي حديثها لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «تملك شجرة التوت رمزيات عدة تتعلق بلونها وثمرتها وحياكة دودة القزّ على أوراقها خيوط الحرير، كما أنّ هناك أغنيات اتخّذت منها عنوانا لها، وقد لعبنا على هذه العناصر مجتمعة واستوحينا منها الأزياء الخاصة بالمسرحية التي صممها لنا بشارة عطا الله بعد أن غاص في النصّ واستوعب روحيته».
6:26 دقيقه
«يوميات توتة»... حقبة الحرب اللبنانية بعيون شجرة توت
https://aawsat.com/home/article/1025101/%C2%AB%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D9%88%D8%AA%D8%A9%C2%BB-%D8%AD%D9%82%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%B9%D9%8A%D9%88%D9%86-%D8%B4%D8%AC%D8%B1%D8%A9-%D8%AA%D9%88%D8%AA
«يوميات توتة»... حقبة الحرب اللبنانية بعيون شجرة توت
مسرحية «يوميات توتة» تتناول علاقة الإنسان بالطبيعة ضمن قصة استوحيت من حقبة الحرب اللبنانية
«يوميات توتة»... حقبة الحرب اللبنانية بعيون شجرة توت
مسرحية «يوميات توتة» تتناول علاقة الإنسان بالطبيعة ضمن قصة استوحيت من حقبة الحرب اللبنانية
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة

