تقوم «فاطمة علي» بتعديل حجابها ذي اللون الفيروزي الساطع، وتغطي تنورة ملونة ساقيها حتى كاحليها، حيث تجلس بحرص على سجادة حمراء بالية. وقالت فاطمة (17 عاما) بهدوء لوكالة الأنباء الألمانية: «كان يجب في الحقيقة أن أكون ميتة». منذ 3 أعوام، هاجم مقاتلو حركة «بوكو حرام» الإرهابية المدججين بالسلاح بلدة باما في شمال شرقي ولاية بورنو، وداهم المتمردون المنزل الذي تعيش فيه فاطمة مع والديها وإخوتها. وقالت فاطمة: «كنت أختبئ وراء الباب، ولكنهم عثروا علي وقاموا بسحبي لخارج المنزل. ولم يكن للدموع والتوسلات أي جدوى». تعرضت فاطمة للضرب، وتم اقتيادها هي ونساء أخريات وأطفال لركوب عدة سيارات. ولدى وصولهم لمعسكر الإرهابيين، في عمق غابة سامبيسا، التي تغطي منطقة بحجم سويسرا، طلب من المخطوفين إنكار القيم الغربية. وأعلن أحد قادة الحركة، الذي كان يحرسه مقاتلون مسلحون بأسلحة آلية، أنه سوف يتم تقديم أزواج للفتيات والسيدات، ولكن فاطمة قالت إنها رفضت الانصياع للإرهابيين. وأضافت الفتاة المسلمة الشابة: «قلت إنني مخطوبة، وإنه تم تحديد موعد الزفاف بالفعل». وأثارت فاطمة بإجابتها غضب القائد، الذي أمر بعزلها عن بقية المخطوفين.
وتقول فاطمة إنها كانت كل يوم تتعرض للإساءة البدنية والنفسية، مع مطالبتها بإنكار «العدو، وهو القيم الغربية».
ويعني اسم «بوكو حرام»، حسب ترجمته: «التعليم الغربي خطيئة» بلغة الهوسا المحلية. ومنذ عام 2009، لقي ما لا يقل عن 20 ألف شخص حتفهم على أيدي الأصوليين السنيين في نيجيريا وتشاد والكاميرون والنيجر. وتهدف الحركة لتطبيق التفسير المتشدد للشريعة. وقامت «بوكو حرام» باختطاف الآلاف من النساء والفتيات، حيث يتم احتجازهن بصورة أساسية من أجل الجنس أو في بعض الأوقات يتم إجبارهن على القيام بتفجيرات انتحارية، وذلك بحسب ما ذكرته منظمة العفو الدولية. ومن أشهر وقائع الاختطاف التي قامت بها الحركة، اختطاف أكثر من مائتين من تلميذات المدارس من بلدة شيبوك بشمال شرقي نيجريا في أبريل (نيسان) 2014، مما أثار غضبا دوليا.
وبعدما رفضت فاطمة الانصياع للإرهابيين لأيام، تم اعتبارها «حالة ميئوس منها». وأشارت فاطمة إلى أنه تم إبعادها عن الآخرين وتعليمها كيفية تفجير قنبلة. وقال أحد الإرهابيين لها إن الله اختارها لأداء مهمة خاصة. وفي صباح يوم ما، تم تخدير فاطمة ولف حزام ناسف حول خصرها، وأمرها المقاتلون بالسير نحو نقطة تفتيش عسكرية، وهي تمسك بيد فتاة صغيرة، وتفجر القنبلة. وقالت فاطمة لوكالة الأنباء الألمانية: «في هذه اللحظة أدركت أنه يتم إرسالي لمهمة انتحارية»، مضيفة: «كل من حولي كانوا مدججين بالسلاح. لم يكن لدي فرصة للدفاع عن نفسي». وقام 4 مسلحين بنقل فاطمة والفتاة الصغيرة على متن دراجات نارية لموقع قريب من نقطة تفتيش عسكرية نيجيرية. وقام المسلحون بالاختباء بين الأشجار، بينما كانت الفتاتان تسيران نحو مجموعة من الجنود. وصاح جندي عندما رأى الفتاتين: «توقفا! إلى أين تذهبان؟». استجمعت فاطمة كل شجاعتها. وقالت لدى اقترابها من الجنود: «أنا طالبة، هناك شيء ما على جسمي لا تلمسوني». وتحدثت فاطمة باللغة الإنجليزية بدلا من لغتها الأم «الكانورية» لتوضح أنها إنسانة متعلمة، تختلف عن أي إرهابي، ثم جاءت الطلقات الأولى. وتعتقد فاطمة أن المقاتلين ارتابوا عندما رأوها تتبادل كلمات مع الجنود، وحاولوا تفجير القنبلة عن بعد.
فتاة نيجيرية: «بوكو حرام» أجبرتني على أن أصبح انتحارية
فتاة نيجيرية: «بوكو حرام» أجبرتني على أن أصبح انتحارية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة