شيع آلاف السودانيين جثمان الناشطة السياسية فاطمة أحمد إبراهيم، التي توفيت في العاصمة البريطانية لندن السبت الماضي، بعد صراع مع المرض دام طويلاً، والتي انطوت برحيلها صفحة من صفحات الكفاح من أجل حقوق المرأة والطفل والمهمشين.
وشهدت عملية التشييع المهيب إلى مقابر البكري بمدينة أم درمان أمس، أجواء مشحونة، بين المعارضين وأنصار الحزب الشيوعي والنشطاء الذين رددوا هتافات مناوئة لنظام الحكم، رفضوا خلالها قبول عزاء رئيس الوزراء السوداني، ونفر من المسؤولين الحكوميين.
وشارك في التشييع قادة الحزب الشيوعي وجماهيره وقواعد وقيادات المعارضة، فضلاً عن عدد لافت من النساء، ورفرفت أعلام الحزب الشيوعي الحمراء، وأعلام حزب الأمة القومي بألوانها الحمراء والسوداء والخضراء، وأعلام الحزب الاتحادي الديمقراطي بألوانها الزرقاء والخضراء والصفراء، على ساحة دفن الجثمان.
وكان لافتاً في التشييع الحضور النسائي في المقابر، وهو من المشاهد النادرة في تقاليد دفن الموتى السودانيين، إضافة إلى حضور عدد لافت من التلاميذ والتلميذات بأزيائهم المدرسية، وحضور معظم رموز المجتمع السياسي والثقافي والفني، مراسم الدفن.
ووصل جثمان فاطمة مطار الخرطوم صباح أمس من لندن، وهناك استقبلته حشود كبيرة، تدفقت إلى المكان منذ الصباح الباكر، ومر الجثمان من أمام دار الحزب الشيوعي السوداني في الخرطوم، ثم واصلت الحشود مرافقته إلى مدينة أم درمان، ثم أقيمت عليه صلاة الجنازة في «ميدان الربيع» أحد أشهر الميادين في العاصمة القومية، ونقل الجثمان إلى مقابر «البكري»، وهناك كان الآلاف ينتظرونه إلى أن ووري الثرى.
وأثناء سير الجثمان والتشييع والدفن، ردد مشيعون هتافات أشادت بالسيرة النضالية للراحلة، ودورها النضالي من أجل حرية المرأة والحريات بشكل عام، وامتدحت نشاطها السياسي الذي تواصل لأكثر من نصف قرن.
وقابل الناشطون المسؤولين الحكوميين لحظة وصولهم للمكان الذي أقيمت فيه مراسم صلاة الجنازة، بهتافات عدائية، بل حاول بعضهم إلقاء قوارير المياه الفارغة عليهم، فانسحبوا من المكان، بيد أن بعض رموز الحكم، وبينهم الرئيس الأسبق إبراهيم سوار الذهب، شوهد بالقرب من المقبرة أثناء الدفن.
وتعد الراحلة من أشرس معارضي نظام الحكم الحالي، لكنها شاركت في البرلمان بعد توقيع اتفاقية السلام السودانية «نيفاشا» 2005، وفقاً لاتفاقية القاهرة بين حكومة الخرطوم و«التجمع الوطني المعارض»، ممثلة للحزب الشيوعي، ثم استقالت لأسباب صحية، وانتقلت بعدها إلى بريطانيا للعيش هناك مع ابنها وأسرته.
يشار إلى أن الراحلة ولدت في الخرطوم عام 1932، ثم نشطت في العمل السياسي، وانتمت للحزب الشيوعي السوداني، ثم تزوجت من القيادي العمالي الشهير الشفيع أحمد الشيخ، الذي أعدم في أيام النميري.
وتعد إبراهيم من أقدم البرلمانيات العربيات والأفريقيات، والقيادة النسوية الوحيدة التي حصلت على جائزة «ابن رشد» الألمانية لحرية الفكر، وكرمتها الأمم المتحدة بجائزة لحقوق الإنسان، كما تعد المرأة العربية والأفريقية الوحيدة التي ترأست اتحاد النساء العالمي. كما ترأست الاتحاد النسائي السوداني، وأصدرت مجلة «صوت المرأة» النسوية، وتولت رئاستها كأول رئيسة تحرير عربية.
في جنازة مهيبة... السودانيون يودعون السياسية فاطمة إبراهيم
في جنازة مهيبة... السودانيون يودعون السياسية فاطمة إبراهيم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة