سعيد بنسعيد العلوي
كاتب واكاديمي مغربي

نهاية الآيديولوجيات

بعد مضي أسابيع قليلة على حركة 25 يناير (كانون الثاني) في مصر وفي حين كنت أنشد الفهم في معرفة ما يحدث وفي الوقوع على الدلالة الحق للحركة كتبت متسائلا: ما الآيديولوجيات التي يجوز القول فيها إن «ميدان التحرير» قد كشف عن موتها؟! والواقع أنني كنت أقصد بالساحة الشهيرة في العاصمة المصرية الدلالة الرمزية للميدان من حيث إنه تعبير عما يعتمل في الوعي العربي برمته من مشاعر وأفكار.

استراتيجية النهضة العربية الثانية

ما النهضة العربية الثانية، وعلى أي أساس تتميز عن النهضة العربية الأولى؟ بل وما النهضة أولا وما شروط تحققها ثانيا؟ ثم ما هذه الاستراتيجية التي نود أو نزعم الحديث عنها؟ توصف حركة التنوير التي عرفها الفكر العربي الإسلامي في الفترة التي تقع بين العقود الثلاثة الأخيرة من القرن التاسع عشر والعقود الأربعة الأولى من القرن الماضي بعصر «النهضة» عند البعض أو «عصر اليقظة» عند البعض الآخر.

اللغة العربية والنهضة الثانية

هل نقف اليوم، نحن العرب، عند مشارف نهضة عربية ثانية شبيهة من حيث توجهاتها وأهدافها بتلك التي عرفها الفكر العربي الإسلامي بين تسعينات القرن التاسع عشر وأربعينات القرن الماضي؟ هل في وجودنا العربي الراهن ما يحمل على المقارنة أو يغري بها على الأقل؟

سجال المعرفة والجهالة

قليلة هي البرامج التلفزيونية المغربية التي تشد إليها انتباه المشاهد في المغرب، ومن النادر أن نشاهد في القنوات المغربية سجالا يقابل، وجها لوجه، شخصين يمثلان وجهتي نظر متعارضتين تعارضا كليا. وفي الأسبوع الماضي استطاعت إحدى تلك القنوات أن «تصنع الحدث»، كما يقال في لغة الإعلام، ذلك أنها تمكنت، من جهة أولى، أن تستقدم مفكرا مغربيا كبيرا هو الأستاذ عبد الله العروي، مع حرصه على الابتعاد عن الأضواء وميله الشديد إلى التقليل من الكلام ما وسعه الجهد.

أفق المغرب العربي

قد يقال إنه يلزم التوفر على قدر هائل من التفاؤل حتى يمكن للمرء أن يتحدث الآن عن المغرب العربي أفقا للتفكير والعمل. والحق أن هذا الرأي لا يدل بالضرورة على جنوح إلى التهويل، بشهادة ما تشهده المنطقة في الوقت الحالي من أحداث جسام. فمن جانب أول نرى أن ليبيا تتخبط في أصناف من الفوضى تتهدد الوحدة الوطنية بكل ألوان الشر، ولا تزال نشرات الأخبار تحمل إلينا، يوميا، أنباء مؤسفة عن التقتيل والاختطاف والإرهاب، ولا تزال الدولة في حال من الغياب ولا يبدو في الأفق المنظور سبيل للخروج من النفق. ولا تزال تونس ما بعد زين العابدين بن علي تترنح بين سطوة الإسلام السياسي وتئن تحت دواعي الفرقة والاختلاف.

حديث التعليم في المغرب

منذ خطاب الملك، في الصيف الأخير، الذي جعل التعليم في المغرب «حصيلة وآفاقا»، وكان بحق قرعا لجرس الإنذار بفساد المنظومة التعليمية في المغرب وتوجيه العناية إلى وجوب الانكباب الجدي على الأخذ بالإصلاح الشامل لتلك المنظومة سبيلا إلى الخروج من الأزمة.. منذ ذلك الخطاب عاد حديث التعليم ليملأ الساحة المغربية.

الدارجة لغة للتدريس في المغرب؟

منذ بضع عشرة سنة تشهد الشوارع الكبرى والطرق الرئيسة في المغرب ظاهرة لم يألفها المغاربة من قبل، بل الحق أنها لا تزال - حتى اليوم - تثير الاستغراب وتحمل على الدهشة: ظاهرة الإعلانات التجارية الضخمة في لافتات ضخمة، زاهية الألوان، تروج لمأكولات جاهزة، ولمطاعم الأكلات السريعة، وللهواتف النقالة، والثلاجات، والسيارات والدراجات النارية، وكذا للقروض الاستهلاكية في مناسبات الأعياد ومواسم الدخول المدرسي.. وكل ما يتصل بدعوات الاستهلاك الموجهة للقطاعات الواسعة من الناس وخاصة الشرائح الشعبية وفئات ذوي الدخل المحدود.

الإسلام واللائكية ثانية

لم أكن واهما إذ كتبت في الأسبوع الماضي أن مصطلح اللائكية يحيط به في ثقافتنا العربية الكثير من سوء الفهم، ومن ثم فهو مدعاة للغط شديد، والنتيجة أننا إذ نذكر هذا اللفظ فنحن لا نتحدث عن أمر لا نعرفه فحسب، بل الأدهى والأمر أننا ننسب إليه ما ليس فيه، إن لم نقل إنه يكون في بعض الأحيان نقيضا تاما لما هو عليه. إلى أي شيء يمكن أن نعزو هذا الواقع؟

الأحزاب السياسية.. اللائكية والإسلام

ما العلاقة الموجودة أو الممكنة التي يفترض العنوان وجودها بين الأطراف الثلاثة المذكورة؟ لنوضح، في سبيل الإجابة عن السؤال، أن السؤال يتعلق تحديدا بالحياة السياسية التي يصح نعتها بالحياة السياسية الطبيعية، أي تلك التي تفرضها طبيعة الوجود الاجتماعي للبشر في زمن معلوم وفي مكان معلوم وفي شروط تاريخية محددة.

حكومة «العدالة والتنمية» في المغرب

من ثوابت المشهد السياسي في المغرب، منذ أربعة عقود على الأقل، غياب قوة سياسية (أو تكتل سياسي يجمع بين مكوناته حدا أدنى من الانسجام المذهبي) قادرة على تشكيل الحكومة القوية. وبعبارة أخرى، يشي المشهد السياسي هذا بحال من العجز عن التمييز الواضح بين قوتين (أو قوى موحدة) تتمكن إحدى القوتين من الاستحواذ على السلطة التنفيذية وتجعل الأخرى في موقع المعارضة على النحو الذي تعرفه الديمقراطيات العريقة ويقره مبدأ الوضوح الآيديولوجي الذي يسهم في قيام الحياة السياسية الطبيعية.