نوح سميث

نوح سميث
كاتب في «بلومبيرغ»

أميركا لن تتمكن من منافسة الصين تقنياً بالانغلاق على الذات

ليس من المتوقع أن يؤدي انتخاب جوزيف بايدن رئيساً للولايات المتحدة إلى إنهاء حالة الحرب التجارية بينها وبين الصين. وقد تعهد بايدن بالفعل المحافظة على الرسوم الجمركية التي أقرها الرئيس المنتهية ولايته الرئاسية دونالد ترمب، لتكون ورقة من أوراق الضغط في المفاوضات. ويشير ذلك الأمر إلى بزوغ فجر حقبة جديدة دائمة من المنافسة الاقتصادية بين القوتين الكبيرتين. ولكن وراء قضية الرسوم الجمركية والصفقات التجارية التي طالما تصدرت عناوين الصحف وأخبار وكالات الأنباء، يجري صراع اقتصادي آخر أكثر أهمية بالنسبة إلى الولايات المتحدة، يتمثل في المعركة الرامية إلى السيطرة على الصناعات التكنولوجية.

أميركا وكبح الثراء المجحف

يبدو أنَّ الولايات المتحدة قد اعترفت أخيراً بالمشكلة التي يمثلها عدم المساواة. وكانت التأكيدات أنَّ الموجة العالية التي من شأنها رفع كل القوارب دفعة واحدة، قد أثبتت فراغ مضمونها إثر سلسلة من فترات الركود المتتالية التي خلفت كثيراً منهم عالقين في الوحل. ويدرك خبراء الاقتصاد راهناً أنَّ السماح بقدر أكبر من عدم المساواة لا يؤدي في غالب الأمر إلى تعزيز النمو. كما أن القضية الأخلاقية لعدم المساواة - فكرة أنَّ الأثرياء يتلقون التعويضات المنصفة عن خلق فوائض هائلة من القيمة الاقتصادية - قد انهارت بدرجة كبيرة.

الصين و«الحزام والطريق»... ما الاستراتيجية المحتملة؟

لن يكون من السهل التغلب على النموذج الاقتصادي الصيني. وفي حين أن النظام الشيوعي المختل وظيفياً في الاتحاد السوفياتي تحول في نهاية المطاف إلى مجرد نمر من ورق، فإنَّ الصين تبني نظاماً رأسمالياً مملوكاً للدولة سوف يُثبت أنَّه أكثر قوة ورسوخاً ومقدرة على المنافسة.

أميركا وتحديات إنقاذ الاقتصاد

عندما يصل الرئيس المنتخب حديثاً إلى أعتاب البيت الأبيض، سوف يتحتم عليه مواجهة التحديين الأكثر ضرورة وأهمية في البلاد: جائحة فيروس كورونا المستجد، والأضرار الاقتصادية المترتبة عليها. بيد أنه سوف يخوض غمار معركة بالغة القسوة والمشقة من أجل تمكين هذا النوع من الأجندات السياسية الجريئة للغاية والتي يتطلع إليها الكثير من أنصاره ومؤيديه. يعاني اقتصاد الولايات المتحدة الأميركية من علتين أساسيتين متزامنتين. العلة الأولى تتمثل في الخوف المستمر من وباء كورونا المستجد، الذي بلغ لتوه منتصف الموجة الثالثة المدمرة.

الإدارة الأميركية الجديدة والسياسة التجارية

إذا انتهى الأمر بمواجهة عدائية مع مجلس الشيوخ، فإن الرئيس المنتخب جو بايدن سيجد صعوبات كبيرة في عمل تغييرات شاملة في سياسة البلاد. وسواء كانت للأفضل أو للأسوأ، فقد توسعت السلطة التنفيذية بالدرجة التي تجعل بايدن قادراً على إحراز تقدم على عدد من الجبهات من دون معارضة «الحزب الجمهوري» لذلك. أحد مجالات تلك الفرص هي التجارة، حيث سيكون لبايدن القدرة على تغيير العديد من السياسات لإدارة دونالد ترمب لتعزيز التجارة مع الحلفاء والحلفاء الجدد، مع الحفاظ على المنافسة التكنولوجية مع الصين. سيكون أول مطلب تجاري هو إزالة كل التعريفات الجمركية على البلدان المتقدمة مثل كندا واليابان، وكذلك في أوروبا.

العجز المتصاعد ليس أسوأ مشاكل الاقتصاد الأميركي

من المنتظر لوباء كورونا أن ينحسر في خاتمة المطاف، غير أن التبعات الاقتصادية الباقية من الركود الذي تسبب فيه الوباء سوف تكون طويلة وموجعة. ومع ارتفاع النداءات إلى مزيد من التدخل والإنفاق الحكومي من أجل ضبط الأداء الاقتصادي وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، يتزايد الضجيج الصادر عن صقور العجز الاقتصادي اعتراضاً على ذلك.

أميركا المثالية... بين الأحلام والأوهام

للمرة الأولى تضم قائمة صحيفة «نيويورك تايمز» للكتب الأكثر مبيعاً رواية أوكتافيا بتلر الكلاسيكية «أمثولة الزارع»، التي تتناول أحداثاً مستقبلية وتتصور انهيار أميركا بسبب العنف، والتراجع الاقتصادي، وانعدام كفاءة الحكومة. مع ذلك ورغم الفوضى، تقضي بطلة الرواية «لورين أولامينا» جلّ وقتها في التفكير بشأن استكشاف الفضاء. وفي ظل الفساد الموجود على كوكب الأرض تجد هي وأتباعها في الحلم بالنجوم دافعاً للبقاء. لم تنهر أميركا بعد، لكن انتشار وباء (كوفيد - 19)، والاضطرابات الاجتماعية، والفوضى السياسية، وحرائق الغابات، والركود الاقتصادي يسرّع وتيرة ما كان بالفعل تراجعاً للأمة يثير القلق.

أميركا وإنقاذ الاقتصاد سريعاً

يستمر تفشي المرض في الولايات المتحدة مع ظهور عشرات الآلاف من الحالات الجديدة وحوالي ألف حالة وفاة يومياً، وهو ما يجلب معاناة اقتصادية بسبب بقاء الناس في منازلهم خوفا من الفيروس. لكن بحلول الخريف القادم ستتاح للولايات المتحدة فرصة أخرى.

التركيز على الشركات الرقمية العملاقة ومقتضيات المنافسة والاحتكار

حضر رؤساء أربع أكبر شركات تكنولوجية في الولايات المتحدة – شركة «ألفابيت»، وشركة «فيسبوك»، وشركة «أبل»، وشركة «أمازون» – أمام الكونغرس مؤخراً من أجل الرد على الانتقادات الموجهة إليهم بشأن استحواذهم على قوة سوقية هائلة للغاية. وعكست جلسات الاستماع أن المشرعين في الولايات المتحدة قد بدأوا في إدراك ما هو مهم وما هو غير مهم عندما يتعلق الأمر بتنظيم أعمال هذه الشركات العملاقة.

أميركا: الثورة المعاكسة... الأغنياء والمتميزون

سيخبرك الكثير من الناس أن جذور الاضطرابات التي اجتاحت الولايات المتحدة تنبع من عدم المساواة التي أثارت استياء 99 في المائة من الشعب. لكن ماذا لو لم يكن الأمر بهذه البساطة، أي أنَّ هناك معركة مهمة تستحق النظر إليها تدور رحاها بين فئة واحد في المائة المتبقية من الشعب. لا شك أنَّ الناس يبدون غاضبين، فوفق استطلاع أجرته مؤسسة «بياو» البحثية مؤخراً، فإن 78 في المائة من الأميركيين غير راضين عن الطريقة التي تسير بها الأمور في البلاد. فالعداء الحزبي يتصاعد منذ عقود وقد بلغ الآن ذروته مع انتشار الخطاب المثير للفتنة في «تويتر» وفي غيره من منصات التواصل الاجتماعي.