غسان الإمام

غسان الإمام
صحافي وكاتب سوري

«حماس»: خطأ تقديم الآيديولوجيا على القضية

في أزماتها المتواصلة، تعيش الحركات الإسلامية السياسية والمسلحة مأساة التناقض بين «فن الممكن» و«فن المستحيل». ولا أدل على ذلك سوى المقارنة بين ميثاق حركة «حماس» الصادر قبل 29 سنة. ووثيقتها الجديدة التي صدرت في أول مايو (أيار) الحالي. أزمة «حماس» لا تنفصل عن أزمة «الإخوان». وأحزاب «العدالة والتنمية» التركية والعربية. وحركة «النهضة» التونسية. و«حزب التحرير» الإسلامي، وصولاً إلى تنظيمات العنف الديني المتزمتة كـ«داعش». و«طالبان». و«بوكو حرام». و«القاعدة». و«جبهة النصرة» التي تحولت إلى «فتح الشام». وتمتد الأزمة لتشمل الدولة الدينية الشيعية في إيران.

صندوق العجائب: سقوط أحزاب السلطة

فرنسا ميدان لمعركة انتخاب رئاسية حاسمة، يوم الأحد المقبل، بين «جان دارك» عنصرية. وسمسار مالي أتى به الرئيس فرنسوا هولاند من مصرف آل روتشيلد، مستشاراً له. ثم وزيراً للاقتصاد. فأحرق المستشار طريق هولاند لتجديد رئاسته. وتطالبه أوروبا بإحراق قديسة «الجبهة الوطنية» مارين لوبان أمام ناخبيها الـ7.6 مليون فرنسي (21 في المائة من مجموع الناخبين). كان جورج برنارد شو يسخر من جمهور كرة القدم: «قضيت عمري وأنا أودع أصدقائي الراحلين الذين مارسوا الرياضة». نجحت ديمقراطية الاقتراع عند جارته فرنسا. فقد اجتذب «صندوق العجائب» 70 في المائة من الفرنسيين المولعين بالرياضة، من الملاعب. ليتذكروا واجبهم الانتخابي.

توطين الشيعة وتفتيت السنة

«قربت غريب. وبعدت قريب. ما تقول يا وابور رايح على فين؟!» إلى أين ستؤدي استراتيجية التشييع الإيرانية بالقطار السوري؟ تنظير وكيل الفقيه الإيراني علي خامنئي يرى أن الواجب يقضي بأن لا تبقى سوريا بلا شيعة. ومنذ عدة سنوات، يقوم جيش من الشيعة العراقية والأفغانية، بقيادة ضباط الحرس الإنكشاري الإيراني، بزراعة الشيعة في التربة السورية. ويسقيها بدماء السوريين. هناك احتلال إيراني لسوريا، يضفي عليه غباء النظام السوري «الشرعية».

من يحمي الأقباط؟ الدين أم الدولة؟

دولة الحداثة مسؤولة عن الأمن العام. والسلم المدني في الوطن والمجتمع. لكن المواطن هو أيضاً مسؤول عن أمنه الشخصي. وعن أمن المجتمع. علينا أن نصارح الأقباط في أيام حزنهم. الرئيس عبد الفتاح السيسي يقدّر موقف الأقباط الداعم. لكن رئيس الدولة لا يستطيع أن يضع حارساً لكل قبطي. الأقباط أيضاً مسؤولون عن أمن كنائسهم. كيف يستطيع إرهابي ملفوف بحزام ناسف أن يدخل كنيستين، كان في إحداهما بطريرك الأقباط تواضروس؟ مسؤولية القبطي والمسلم عن أمن كنيسته ومسجده تتقدم على مسؤولية الدولة. والنظام. وأجهزة الشرطة. كان على البطريرك وكهنة الكنيسة تعيين حراس ومراقبين، لتأمين صالة القداديس. والبحث تحت المقاعد والمنابر.

فلسفة التعامل الدولي مع {بشار الكيماوي}

بشار الأسد أنت طبيب. لكنك مدان بالتعامل بغير إنسانية الطبيب مع شعبك. فقد قصفتَ مستشفى الطبيب علي درويش، في ضواحي حماة، ببرميلين جويين متفجرين يحويان غازاً كيماوياً ساماً يوم 25 مارس (آذار) الماضي. الطبيب درويش لم يهرب. ظل في المستشفى لإنقاذ مرضاه. فمات مع 18 مريضاً وممرضاً، مختنقين بالغاز الذي مزق رئاتهم. منذ بداية الانتفاضة، أخضعتَ، يا بشار، 14 ألف سوري لهجمات بغازاتك السامة. فقتلتَ 1400 إنسان منهم. بعد مقتل الدكتور درويش بعشرة أيام، قصفتَ يوم الثلاثاء الفائت، بالبراميل المتفجرة أهالي بلدة خان شيخون الذين هجَّرتهم بالقوة الغاشمة، من قراهم المحاصرة إلى محافظة إدلب، فقتلتَ نحو مائة إنسان.

كفانا سياسة ولنتذكر الإنسانية

شكراً لأنطونيو غوتيريش، الأمين العام الجديد للأمم المتحدة، فقد ذهب إلى العراق. وزار 700 ألف لاجئ من عرب الموصل ينتشرون في العراء على حدود كردستان، فراراً من القتال الدائر بين القوات العراقية و«داعش» في الشق الغربي من المدينة. جاءت الزيارة بعد تبادل الاتهام بين أميركا والعراق، حول الغارات الجوية التي أوقعت عدداً يتراوح بين ألفين إلى أربعة آلاف قتيل من المدنيين أخرجت جثثهم ممتزجة بشظايا أحجار من أنقاض أبنيتهم المقصوفة بقنابل الأعماق، بحجة الفتك بـ«الدواعش» المختبئين في الجحور التي حفروها في الأحياء القديمة. انتهى الجدل بلا غالب ومغلوب.

معركة دمشق

لم أرَ مدينتي دمشق منذ أن غادرتها في السبعينات. لكن تفاصيل أحيائها ما زالت محفورة في ذاكرتي، بما في ذلك ساحة العباسيين، وضاحيتا برزة والقابون العشوائيتان، حيث تدور معارك الكر والفر بين التنظيمات السنية السورية، والميليشيات الشيعية التي يقودها ضباط الغزو الإيراني لسوريا. افتتح المعركة النظام السوري، منذ أكثر من شهر، بغارات سلاح الطيران الكثيفة على أحياء القابون وبرزة التي يعمل في مصانعها المجاورة الفقراء من أبنائها والعمال اللاجئون إليها. وتهيمن المخابرات الإيرانية على سلاح الطيران الذي فقد رئيس النظام بشار السيطرة عليه.

هل يمكن أسلمة أوروبا؟

لو نجح عبد الرحمن الغافقي بفتح فرنسا في القرون الوسطى العربية، لكانت أوروبا اليوم تصوم رمضان. وتصلي الصلوات الخمس. وترفل مارين لوبين تحت النقاب. وتزور الناخبين بيتاً بيتاً، داعية إلى السماح لها بأن تخلف الرئيس فرنسوا هولاند. لا أظن أن هناك قرابة عائلية بين هولندا والرئيس هولاند. لكن أعرف وأتابع هذا البلد الأوروبي ذا الأرض الواطئة، والأخلاق الراقية، وهو يخوض تجربة تعايش سلمية وحضارية بين الإسلام والمسيحية، على الرغم من أن غيرت فيلدرز أساء إلى سمعة بلده في العالم. فخاض الانتخابات التشريعية، متعهداً بأن يغلق حزبه (الحرية) المساجد.

الحل السوري ينتظر القضاء على «داعش»

المتاهة السياسية والعسكرية في سوريا الشمالية أشبه بالسوق المالية في ذروة أزمة تعصف بها. واضح أن «داعش» هو الخاسر الأكبر، نتيجة لتألب كل اللاعبين في «البورصة» ضده. بسبب أسلوبه المنفِّر. والمتزمت جداً في تطبيق الشريعة. وفي تعامله الانتحاري واللاإنساني مع المؤمنين و«الكفار». الغريب إلى حد الطرافة أن «داعش» ما زال قادراً على اجتذاب التمويل! من أين جاءه المدد هذه المرة؟ آه! من سماسرة «البورصة» اللبنانية الموازية (غير الرسمية).

من يحكم ومن يدير عالم الفوضى؟!

في غمرة الفوضى التي تحكم العالم، هناك جيل عاصر الحرب الباردة ما زال على قيد الحياة، بفضل تحسن الوعي بأهمية الصحة الوقائية. هذا الجيل يتملكه الحنين إلى عصر كان محكوماً بعملاقين دوليين ألغيا السياسة. وأدارا العالم بميزان الرعب النووي. امتلكت أميركا وروسيا الحمراء ألوف الصواريخ النووية القادرة على تدمير الحياة على الأرض مرات عدة. غير أنهما لم تمتلكا الجرأة على ضغط زناد الإطلاق. فقد وجدتا في غرف الدبلوماسية السرية فناً للتسوية والتعايش بما يغني عن الحرب الساخنة. ألغت الحرب الباردة السياسة. باتت الدبلوماسية فناً نخبوياً، لتقديم التنازلات المتبادلة.