غسان الإمام
صحافي وكاتب سوري

سوريا الإيرانية: مستوطنات لإقامة دائمة

تشهد كبرى المدن مظاهرات شعبية ضد الغلاء والفساد. وتزدحم بالكثافة السكانية المتزايدة (مليون طفل رضيع كل سنة)، لأن «تخطيط الأسرة» في الدولة ممنوع بموجب العقيدة الدينية. ويموت المؤمنون في الصيف بالسرطانات وأمراض البيئة، نتيجة لِلُهاث الانبعاث الحراري في الصيف. والغبار والغيوم السامة الحاجبة للشمس في الشتاء. وأدى ارتفاع درجة الحرارة. واستهلاك المياه المتزايد إلى جفاف البحيرات. والروافد. والأنهار. وغياب منظر الخضرة، مع ارتفاع السدود في الدول المجاورة.

الـ«روبوت» ينافس الصين في هذا القرن

المكانس الإلكترونية - الكهربائية التي تنظف البساط والسجاد في منزلك، هي المواليد المبكرة من جيل الإنسان الآلي (روبوت) الذي طفحت بصوره الصحف والمجلات، منذ عشرينات القرن الماضي. وبعد الخروج من «الغمة» الاقتصادية في الثلاثينات، اشترى 200 ألف أميركي روبوت الـ«رومبا». رقصوا معه. ثم ذهبوا ليموتوا في خنادق الحرب العالمية الثانية. ولم يطرأ على الـ«روبوت» تغيير يُذكر في الشكل والهندام. فما زال بعد مائة سنة أشبه بفرانكشتاين مصاص الدماء. أو بشار وكيم جونغ أون، في أيامنا البائسة هذه. كان الـ«رومبا» قمة جبل الجليد الذي تمخض عن أجيال روبوتية ذكية.

السلطة والإدارة والتنمية

وضع فلاسفة الإغريق أصول المنطق والفلسفة، في بحثهم عن الحقيقة في الحياة. وأرسى فلاسفة الاجتماع في عصر التنوير مبادئ الرأسمالية والاشتراكية. وكان آخرهم كارل ماركس الذي يعتبره علماء السياسة. والاقتصاد. والماركسية أكبر عقل سياسي واقتصادي واجتماعي، في العصر الحديث. أسقطت الرأسمالية اقتصاد ماركس. وفضلت على الاقتصاد المخطط اقتصاد السوق الخاضع للعرض والطلب. لكنها تعترف بأن لا بديل لمذهب ماركس في التحليل السياسي إلى الآن. فقد رأى المجتمع طبقات تختلف. وتتناقض. وتتصارع رؤاها. ومصالحها. ومكاسبها. وخسائرها. ومن منفاه في مكتبة المتحف البريطاني في لندن، دعا ماركس إلى العنف. والدم، لكبح جماح الرأسمالية.

تسوية فلسطينية من صنع أوروبا؟

ليست مهمة الكاتب إزجاء النصائح والتوصيات للرأي العام أو النظام والحزب السياسي. إنما التحدي الكبير له أن يعبر عن رأي أو موقف يختلف ويتناقض مع الاتجاه الشعبي العاطفي السائد في ظروف دقيقة، كحالة الهياج التي نمر بها إزاء قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس. لو أن العرب، أنظمةً ومجتمعات، يتابعون بدقة الأوضاع الداخلية في دولة كبرى كالولايات المتحدة، لتوجهوا بهذا الهياج الغاضب نحو قنوات أكثر فائدة وأماناً لهم.

تناقضات النظام الدولي في التعامل مع العرب

النظام الدولي جملة معاهدات واتفاقيات عُقدت منذ عصر التنوير في القرون الثلاثة الأخيرة. واعتمدت أساساً للتعامل بين الدول، لإرساء السلام أو شن الحرب. يقول ونستون تشرشل: «التاريخ سيكون مجاملاً لي، لأني أعتزم كتابته». ويقصد أن النظام الدولي سيكون مجاملاً للغرب، الذي صنعه. وفرضه على العالم. وما الفوضى الدولية الراهنة إلا تعبير عن تمرد دول صغيرة على هذا النظام الذي كان مجحفاً بحقوقها ومصالحها، بقدر ما كان مجاملاً لأصحابه. هل النظام الدولي ضروري لهذا العالم المرهق بالقيود؟ الواقع أنه كان هناك دائماً نظام دولي منذ أن عُرف التاريخ.

ولاهم فأباحوا دمه... استقال فتباكوا عليه!

يقول المثل الشعبي: «اسمع مجرِّب. ولا تستشر حكيماً». والحكماء الذين يديرون مراكز البحوث. والدراسات. والتعليقات السياسية في العالم العربي يبشروننا في الإذاعات. والتلفزيون، بأن السلام في سوريا أصبح جاهزاً، مع وصوله على متن «قطار الشرق السريع». لكن تأجل قليلاً، ريثما يتم العثور على رئيس حكومة لبنان المستقيل. كأن عودة سعد الحريري كافية لكي «تشيل الزير من البير». مراكز البحوث والدراسات في العالم المتقدم تضم باحثين وخبراء متخصصين دائمي الزيارة لمناطق الأحداث. أما عندنا فالحكيم. هو مدير المركز. وهو الأعضاء. وهو الخبراء. وهو التسوية التي يخرجها من كمه.

الكاتب الذي تعلّم الكتابة قبل القراءة

كان «سليم» أشهر «غرسون» تولى حكم «هافانا» أشهر مقهى في دمشق الأربعينات إلى السبعينات، بعدما كان ملهى ليلياً في زمن الانتداب الفرنسي. وتعود شهرة سليم «أبو مهدي» إلى كونه كاتباً من فئة الكتّاب الذين تعلموا الكتابة، من دون أن يروا ضرورة لتعلم القراءة. فأبو مهدي هو الذي ابتكر الكتابة المسمارية لمحاسبة زبائنه الذين جلسوا على مقاعد المقهى من أمثال زكريا تامر. وغسان الرفاعي. وصميم الشريف. وسعيد الجزائري. ومحمد الماغوط. وحافظ الأسد. وصدقي إسماعيل. والجاسوس كوهين وصديقه الحميم المقدم صلاح الضلي الذي حكم عليه بالإعدام. وشريكه الجاسوس ماجد شيخ الأرض.

هل التوافق ممكن بين الدين والعلم؟

منذ أن بدأ العلم ينفصل عن الدين في عصر التنوير، بُذلت جهود لعلمنة الدين. والبحث عن أسس له في المنطق والفلسفة. والنأي به عن الأسطورة التي ألصقت به وبالأنبياء. وعُقدت لهذا الغرض سلسلة مؤتمرات في الغرب. وصدرت عدة نشرات ومطبوعات تحت عناوين تدل على البحوث التي جرت في هذا الشأن، مثل العلم والمسألة الروحية. والثيولوجيا والعلوم الطبيعية. والخلاف بين الدين والعلم. وبين الإيمان والعقل. والبرهان على الدين بالعلم. والبرهان على الإيمان باليقين. الغرض النهائي لهذه الجهود محاولة الجمع بين الإيمان الديني والعلوم على أرضية مشتركة.

شخصيات وراثية

عندما تكتب. احذر الألغام الأرضية. فـ«قوات سوريا الديمقراطية» هي قوات كردية مرتبطة بـ«حزب العمال الكردي» في تركيا. و«مجلس الرقة البلدي» هو المجلس البلدي الكردي الحالم بالمعونة الخليجية. و«قوات التحالف الدولي» هي القوات الأميركية. والجيش النظامي السوري هو «القوات الإيرانية» المحتلة لسوريا. والجيش السوري الحر هو «الجيش التركي». وقوات «الحشد الشعبي» هي «الحشد الإيراني» في العراق. والحزب الديمقراطي الكردستاني هو حزب مسعود بارزاني. والاتحاد الوطني الكردستاني هو فلول الراحل جلال طالباني. و«هيئة تحرير الشام» هي غلاف «القاعدة». ومناطق «خفض التوتر» هي «مخافر الشرطة الروسية».

رؤية للمستقبل من خلال الحاضر العربي

هل نستطيع أن نتجاوز شؤم الحاضر العربي، لنصنع رؤية مستقبلية متفائلة لمصير الأمة العربية؟ في هذا التقييم المختصر للوحة العربية الراهنة، قد أبدو متشائماً. لكني أرى نفسي موضوعياً. فالتشاؤم المحدود فيه قدر كبير من الواقعية في التقييم. وفيه حافز لإرادة التغيير. وبالتالي لا يمكن القفز إلى التفاؤل، بتطييب الخاطر. والربت على الأكتاف المتواكلة والبطون الخاوية. والقول: «معلش. بكرة أفضل من اليوم». ما زال العقل والمنطق العربيان عاجزين عن مراجعة الذات. وعن تفكيك. وتفتيت. وتجزئة الكارثة، إلى أزمات يمكن بحثها. وإيجاد حلول لها، بهدوء العقلانية. وتحييدها قدر الإمكان عن التأثر بضغوط وعواطف قوى الشارع السياسي.