قررت صحيفة «لوموند» الفرنسية ومعها عدد من وسائل الإعلام الفرنسية عدم نشر صور منفذي هجمات دامية، معللة ذلك بأنه يحرم التنظيمات الإرهابية من أحد أشكال التمجيد.
سنتذكر طويلاً مشهدية مخاطبة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لشعبه في الساعات الأولى للانقلاب الفاشل عبر تطبيق «فيس تايم». بدا ظهور إردوغان عبر هاتف مذيعة بعد تعثر تواصله مع الأتراك عبر الطرق التقليدية لحظة فاصلة لدى بحث علاقة السلطة بالإعلام وبوسائل التواصل الاجتماعي. حيث لطالما كانت علاقة إردوغان بالإعلام علاقة هشة، يغلب عليها التشكيك والسعي نحو السيطرة، بحيث بات لتركيا في عهده سجل يعد من الأسوأ لجهة حرية الصحافة.
هل يكفي ألا نكون ضحايا مباشرين للقتل وألا نكون جناة حتى نتنفس الصعداء ونعتقد بأننا ناجون.
وأي نجاة هذه التي تختصر بوهم أنه ما لم نكن ضمن العابرين المحتفلين في شوارع نيس الفرنسية، فنحن بخير، وأننا ما دمنا لسنا سائق شاحنة الموت، فكل شيء على ما يرام..
نعم، لسنا الضحية ولسنا الجاني، لكننا ببساطة لم ننجُ.
هل ما يكتبه صحافيون وإعلاميون على «فيسبوك» و«تويتر» وسائر مواقع التواصل الاجتماعي يخضع لمعايير كتابة مقال أو تعليق أو خبر في وسيلة إعلام تقليدية؟
إلى الآن لا يزال هذا السؤال الذي نناقشه منذ سنوات إشكاليا، وإجابته تحمل تأويلات مختلفة، خصوصا مع التغيرات السريعة التي تحصل في كيفية تعاملنا مع ما نقول وننشر عبر تلك الوسائط.
جميعنا يحاول استخلاص الإجابة وفق تجربته ومحيطه، فنحن غالبا ما نتابع كيف يثير تعليق فيسبوكي مثلا زوبعة سياسية وإعلامية، أو كيف تتسبب تغريدة على «تويتر» في خسارة مطلقها لعمله، وتعرضه لحملة تشهير تتجاوز أحيانا قوة ما يقول.
الكلام الذي أطلقه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله عن التمويل الإيراني المباشر لحزبه، ذكرني بهتافات ملأت سماء طهران قبل سبع سنوات. فحينها لم يكن هتاف «الموت للديكتاتور» الوحيد الذي صدح في الشوارع ضمن حركة احتجاج عام 2009، قبل أن تسحقها بقسوة قوات الأمن. فقد ردد حينها المتظاهرون شعارات تتعلق بالحريات والعيش بكرامة، ومن بين ما رفع عبارات «لا غزة ولا لبنان، حياتي لإيران». كانت تلك شرارة الرفض العلني المحلي الأول للدعم المالي والعسكري لحزب الله ولحركة حماس.
في الساعات الأولى التي أعقبت الاقتراع البريطاني على الانفصال عن الاتحاد الأوروبي نشرت صفحة «غوغل» بريطانيا على موقع «تويتر» تعليقًا مفاده أن سؤال «ما هو الاتحاد الأوروبي» كان الثاني ضمن الأكثر تداولاً على «غوغل». يكشف هذا المعطى الصغير أن هناك صدمة ما أصابت شريحة من المقترعين البريطانيين حيال ما ارتكبوه.
لم يصدر حزب الله أي موقف رسمي من تفجير عبوة في أحد المصارف اللبنانية، رغم أنه أسهب في المواقف حيال الأوضاع في البحرين في الفترة نفسها. ولم يشعر بالحرج حيال الحملة الإعلامية والتعبئة التي سبقت العملية، وكانت تستهدف المصارف، بسبب تشددها في تطبيق العقوبات الأميركية ضده، بل بالعكس، فقد اعتبر كل ما يحصل مؤامرة ضده. المفارقة أن الحملة على المصارف تركزت تحديدا على المصرف الذي طاله التفجير، واستهدفته بالاسم.
شعرت الحكومة العراقية بالارتباك حيال ردود الأفعال الدولية الشاجبة للانتهاكات التي رافقت عملية اقتحام الفلوجة فاختارت التبرير التقليدي في حالات كهذه، أي الهروب نحو تحميل الإعلام الملامة. فحكومة حيدر العبادي، خصصت بيانًا مفصلاً لتفنيد ما يقوله الإعلام العربي حيال ما رافق العملية العسكرية، التي هدفت لاستعادة الفلوجة من تنظيم داعش، خالصة إلى أن المقاربات الإعلامية بالغت في تصوير تجاوزات فردية.
مر خبر إهداء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دبابة كان قد غنمها الجيش السوري من الجيش الإسرائيلي إبان اجتياح لبنان عام 1982 بردا وسلاما على إعلام الممانعة.
كتبت شابة مصرية غاضبة تحت وسم #مصر_اتعرّت معترضة على الهاشتاغ الذي انتشر واسعا الأيام الماضية: «مافيش حاجة اسمها سيدة قبطية اعتدوا عليها. اسمها سيدة مصرية». وسريعا أتى الرد عليها من مشاركة أخرى: «بس دي حصلها كدا عشان مسيحية مش مصرية»..
لم يحاول هذا الجدل سوى استكمال ما بدأه تيار بات طاغيا في الإعلام المحلي، يعتمد التهوين من الاهتزازة الجديدة التي أصابت مصر، دون أن يقاربها على نحو مهني وجدي.