منزل يوسف شاهين بالإسكندرية يواجه معاول الهدم

خالد يوسف: عاش فيه طفولته وشبابه واستلهم منه فيلم «أنت حبيبي»

يوسف شاهين - العقار الذي سكن فيه المخرج العالمي يوسف شاهين بحي الشاطبي بالإسكندرية في بدايات القرن العشرين («الشرق الأوسط»)
يوسف شاهين - العقار الذي سكن فيه المخرج العالمي يوسف شاهين بحي الشاطبي بالإسكندرية في بدايات القرن العشرين («الشرق الأوسط»)
TT

منزل يوسف شاهين بالإسكندرية يواجه معاول الهدم

يوسف شاهين - العقار الذي سكن فيه المخرج العالمي يوسف شاهين بحي الشاطبي بالإسكندرية في بدايات القرن العشرين («الشرق الأوسط»)
يوسف شاهين - العقار الذي سكن فيه المخرج العالمي يوسف شاهين بحي الشاطبي بالإسكندرية في بدايات القرن العشرين («الشرق الأوسط»)

بعد أن استعاد وهجه الحضاري مع إعادة إحياء مكتبة الإسكندرية قبل 15 عاما، يفقد حي الشاطبي بعضا من أهم معالمه تدريجيا والعقارات التي كانت تشكل هويته المعمارية ونسقه كحي يشكل هوية المدينة. فمنذ عدة أسابيع تفاجأ أهالي المدينة بإخلاء عقار اشتهر باسم «راقودة» من السكان تمهيدا لهدمه. وهو العقار الذي يقول المخرج خالد يوسف لـ«الشرق الأوسط» بأنه العقار الذي ولد وعاش فيه المخرج العالمي يوسف شاهين حتى وقت سفره إلى نيويورك. يوسف شاهين الذي ولد في 25 يناير (كانون الثاني) 1926. كان يقطن هذا العقار لذا فإن المبنى يعد من تراث المدينة المعماري.
ويضيف يوسف: كان يعلوه نادي شهير اسمه «تيك تاك بوم»، وكان جنود الاحتلال الإنجليزي يقضون سهراتهم فيه، وقد استعان شاهين بهذا الاسم في فيلم «انت حبيبي»، بطولة شادية، وفريد الأطرش، وهند رستم. وحول هدم العقار يقول يوسف: «حقيقة أنا لا أستغرب تماما مما يحدث الآن، فإذا كنا في دولة سمحت بهدم فيلا (أم كلثوم) فليس غريبا أبدا أن يتم هدم العقار الذي عاش فيه يوسف شاهين، لغياب القوانين الرادعة التي تحمي بيوت المبدعين والمشاهير».
المحزن أيضا أن العقار ذا الطراز المعماري المميز يتناسق مع المباني المحيطة به حيث يوجد مبنى جامعة الإسكندرية العريق 1938، ومبنى كلية سان مارك الذي يعود لعام 1926، وحول قيمة العقار التراثية، يقول المعماري الكبير د. محمد عوض، أستاذ الهندسة المعمارية بجامعة الإسكندرية، رئيس لجنة الحفاظ على التراث العمراني بالإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط»: للأسف هذا العقار غير مسجل ضمن قائمة المباني التراثية بالمدينة والتي يحظر القانون هدمها، لأن هناك قائمة معتمدة للمباني والمناطق التراثية بقرار من رئيس مجلس الوزراء رقم 278 لسنة 2008 و2016 بشأن المناطق التراثية، وشملت القوائم 1135 مبنى تراثياً و63 منطقة تراثية و38 شارعاً تراثياً و134 موقعاً أثرياً و33 عملاً فنياً تخضع جميعها لأحكام القانون رقم 144 لسنة 2006، ورغم أن العقار له طابع معماري زخرفي من طراز «آت ديكو»، لكنه غير مسجل، ونظرا لكونه غير مسجل فإن هدمه لا يشكل جريمة قانونية، مضيفا: «جميع الشواهد تؤكد أن هناك نية لهدم المبنى وإن كان ملاك العقار لم يعلنوا بعد عن رغبتهم في هدمه».
«الإسكندرية في طريقها للتلاشي والزوال» بكلمات تختلط فيها نبرة الحسرة بالسخرية يجيب د. عوض على تساؤلاتي حول قيمة العقار، ويبدو أنه لم يعد بالحماس الذي عهدناه عليه من قبل في الاستماتة دفاعا عن كل حجر في المدينة. إذ تعاني مدينة الإسكندرية من تدمير لتراثها المعماري منذ نحو 25 سنة حيث وقعت تحت أيدي «مافيا العقارات» الذين تسببوا في هدم 58 مبنى تراثياً. وقد قام د.عوض الذي يتحدر من أصول يونانية، وعدد من معماريي المدينة بمحاولات عديدة لمنع هدم ما بقي من تراثها للحفاظ على هويتها لكن الكثير من جهودهم لم تكلل بالنجاح في مواجهة معاول الهدم والتشويه. يقول د. عوض في ختام حديثه: «كل ما نحاول التركيز عليه الآن أن نسعى للحفاظ على منطقة وسط الإسكندرية من محطة الرمل إلى الشاطبي، ووضع قيود على البناء والهدم في تلك الرقعة التي تمثل قلب المدينة وهويتها، لأن منطقة الرمل شرق الإسكندرية تم تدميرها تراثيا بشكل بشع، وسيتم تجريم المساس بأي مبنى يقارب عمره 50 عاما».
بينما يقول المعماري الشهير كريم الشابوري، مصمم متحف جمال عبد الناصر: «إن الأمر يتخطى في فداحته كون العقار مسجلا في قائمة المباني التراثية listed أم لا، لأن تلك العقارات تلعب دورا في تشكيل شخصية المدينة»، قائلا: «جميع العقارات التي تحف كورنيش الإسكندرية خاصة في الجزء الذي يمتد من بحري إلى حي الشاطبي لها طراز معماري متميز، وهناك الكثير منها غير مسجل على القائمة، وبعضها لا توجد عنه بيانات توثق لتاريخ تشييده أو المعماري المصمم له».
ويضيف: «للأسف أزمة مدينة الإسكندرية تكمن في أن أغلب المقاولين يخرجون بارتفاعات شاهقة لا تتناسب مع النسق المعماري الخاص بالأحياء التاريخية في المدينة».
ويؤكد د. أحمد حسن مصطفى، المدرس المساعد بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، أن «وجود المباني المميزة ضمن قائمة حفظ التراث أمر مهم لكن يجب أن يكون للمجتمع المحلي وأهل المدينة دور في الحفاظ على تراثهم، ومواجهة مافيا العقارات بكل الطرق، فمن المفترض أن يقوم المجتمع بوضع سقف لكل الجشعين» ويشير إلى أن «منطقة وسط المدينة التي ينتمي إليها هذا العقار تعتبر ملكا لسكان المدينة ولا يجوز التهاون في هدمها وتشويهها».
ومن المعروف أن يوسف شاهين أو «يوسف جبرائيل شاهين»، ولد لأسرة مسيحية كاثوليكية ذات جذور شامية وتحديدا من شرق لبنان، وأيضا جذور يونانية من ناحية والدته، كانت أسرته تنتمي للطبقة الوسطى التي كانت تقطن حي الشاطبي ضمن فئة الحرفيين المهرة من اليونانيين والإيطاليين والفرنسيين. وبالطبع عاصر شاهين ذلك العصر الذهبي للمدينة حيث كانت الجاليات الأجنبية تتعايش جنبا إلى جنب، وحرصت أسرته على تعليمه في أرقى مدرسة بريطانية في الشرق الأوسط هي «فيكتوريا كوليدج». ورغم أنه سافر إلى نيويورك لدراسة فنون المسرح الذي عشقه من خلال مسرح مدرسته، فإنه عاد وخلدها بطريقته وأعطاها الكثير حينما جسد روح المدينة سينمائيا في رباعية سينمائية (إسكندرية ليه، وحدوتة مصرية، وإسكندرية كمان وكمان، وإسكندرية نيويورك)، فهل يترك أهل المدينة يوسف شاهين يئن في مرقده بمقابر الشاطبي المجاورة لمنزله؟



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.