«البهو البانورامي» في الفنادق والأبراج يثير حفيظة «الدفاع المدني» السعودي

دراسة أكدت أن 80 % من الوفيات ليس سببها الحريق بل الدخان

فنادق مكة المكرمة
فنادق مكة المكرمة
TT

«البهو البانورامي» في الفنادق والأبراج يثير حفيظة «الدفاع المدني» السعودي

فنادق مكة المكرمة
فنادق مكة المكرمة

أكد مسؤولون متخصصون في الأنظمة الوقائية أن «البهو البانورامي» الذي تعكف معظم الفنادق والمنشآت السكنية على تصميمه يسهّل وصول الحريق إلى مرافق المبنى.
وأشاروا، في ندوة أقيمت أخيراً بمشاركة جهات حكومية عدة في مكة المكرمة، إلى أهمية إدراج التصاميم الهندسية لجميع المنشآت السكنية، وتحويلها إلى برامج محاكاة عن طريق برامج وتطبيقات متخصصة لدراسة سلوك الدخان وقوة اللهب وتأثيره على الأبراج السكنية.
وذكر الرائد فواز الزايدي، مدير شعبة التخطيط الوقائي في إدارة السلامة في الدفاع المدني في مكة المكرمة، لـ«الشرق الأوسط»، أن غالبية تصاميم المباني المعمارية الحديثة تستند إلى البهو البانورامي، وهو ما يساعد على انتشار الدخان على كامل المبنى، بحكم أنه يطل على الغرف والأدوار كافة، ويساعد على انتشاره بسهولة، ما لم توجد أنظمة للتحكم في سلوك الدخان، تمنع تسربه وتدفعه نحو منطقة التصريف اللازمة، لافتاً إلى أن دراسات أجرتها الإدارة العامة للدفاع المدني أثبتت أن 80 في المائة من الوفيات ليس سببها الحريق، بل الدخان الذي يتسرب إلى المكان ويتشبع فيه، وأيضاً عن طريق الغازات التي تنتج عن الحريق، وهو المسبب للوفيات بشكل رئيسي.
وأضاف أن برنامج المحاكاة يعتبر من البرامج المتقدمة قليلة الاستخدام في السعودية، مؤكداً أنها تنتهج دور المحاكاة في التصاميم الهندسية، وتابع: «كثير من المكاتب الهندسية، وفق البرنامج، ستتمكن من توفيق المباني الهندسية مع متطلبات واشتراطات السلامة من خلال أنظمة المحاكاة، بعد عمل التصاميم اللازمة، واختبار فرضية حريق حقيقي على البرنامج الافتراضي لتوضيح سلوك الدخان ودرجة الحرارة ومدى الرؤية أثناء الحريق».
وأفاد الزايدي أن البرنامج يسهم في التوافق مع معايير الوقاية والحماية من الحريق، ويعطي النتيجة الفعلية لمعرفة ماهية وجاهزية المبنى، مبيناً أن النظام لم يطبق بعد على المباني والأبراج السكنية، ومشيراً إلى أن دراسة سلوك وتحرك أي حريق مهم في السيطرة عليه، إلى جانب التأكد من أن تصاميم المكاتب الهندسية يستطيع توفير الأنظمة المقاومة للحريق، وسيكون التوسع في البرنامج بشكل أكبر في 2018.
إلى ذلك، أوضح عميد كلية الهندسة في جامعة أم القرى، الدكتور حمزة غلمان، لـ«الشرق الأوسط»، أن سلوك الدخان ينبغي دراسته بعناية لكل مبنى أو عمارة سكنية على حده، لاعتماده على سرعة الحريق، وقوة اللهب، وتصميم المبنى، ومدى وجود فتحات التهوية، وارتفاع المبنى، وهذا يعني أن اشتعال الحريق يختلف من مبنى لآخر.
وأضاف أن نصائح قدمت للجهات المعنية باشتراط عدم منح تصاريح من الدفاع المدني لأي منشأة سكنية قبل أن تدرج التصاميم الهندسية في برامج المحاكاة، لدراسة ماهية الحريق داخل المنشأة، وقياس العوامل والمسارات التي ينطلق فيها، مبيناً أن المبنى كلما كبر، احتاج لفتحات تهوية أكبر ومخارج طوارئ أكثر.
وبيّن عميد كلية الهندسة أن صاحب أي منشأة ينبغي عليه تحميل مخططه الهندسي، وتحويله لبرنامج محاكاة حريق افتراضي، لقياس مدة تجمع الحريق وخروجه، وعدد فتحات التهوية، وفترات صعود الدخان للأدوار العليا، وقياسها بشكل علمي، مبيناً أنه تم تدريب المعنيين عن طريق مدرب معتمد، وسط حضور خبراء أجانب، للوصول إلى أحدث النتائج العالمية، بمشاركة مهتمين من دول عربية مختلفة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».