رحيل هرم الفن والعطاء عبد الحسين عبد الرضا

أراد أن يختم مسيرته الفنية بفيلم فكان القدر أسبق

أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح والفنان عبد الحسين عبد الرضا -  الراحل عبد الحسين عبد الرضا يتوسط نجله بشار وحفيده
أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح والفنان عبد الحسين عبد الرضا - الراحل عبد الحسين عبد الرضا يتوسط نجله بشار وحفيده
TT

رحيل هرم الفن والعطاء عبد الحسين عبد الرضا

أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح والفنان عبد الحسين عبد الرضا -  الراحل عبد الحسين عبد الرضا يتوسط نجله بشار وحفيده
أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح والفنان عبد الحسين عبد الرضا - الراحل عبد الحسين عبد الرضا يتوسط نجله بشار وحفيده

ودّع العالم الخليجي والعربي نجماً من نجوم المسرح والشاشة الصغيرة، أمضى أكثر من 4 عقود من عمره يرسم البسمة على شفاه محبيه، بالعطاء الفني والإبداع، وقدم أعمالاً مسرحية وفنية تناولت الأعمال الدرامية والكوميدية؛ إذ توفي مساء أول من أمس، الفنان الكويتي والخليجي، عبد الحسين عبد الرضا (78 عاماً)، إثر تعرضه لمضاعفات خلال علاجه في أحد المستشفيات البريطانية.
ومن المنتظر أن يصل جثمان الفنان الراحل عبد الحسين عبد الرضا، إلى الكويت غداً أو بعد غد، نتيجة الإجراءات التي تفرضها الحكومة البريطانية، وقال ابن الراحل لـ«الشرق الأوسط» إن والده عبد الحسين، كان يتماثل الشفاء قبل ثلاثة أيام من وفاته، وأثناء تقديم ابنه بشار أوراقه تمهيداً لخروجه من المستشفى، إلى مقر إقامته في لندن، داهمه سعال عنيف ومتكرر، واكتشف الأطباء وجود جلطة في الرئة، الأمر الذي استدعى إلى إدخاله إلى العناية المركزة في المستشفى ذاته.
وأعرب الشيخ صباح الأحمد الجابر، أمير دولة الكويت، عن بالغ حزنه وتأثره لوفاة الفنان الكبير عبد الحسين عبد الرضا محمد عوض، مشيراً إلى أن الكويت، قد فقدت برحيله أحد إعلامه الكبار في مجال الفن المسرحي، كما فقدت الساحة الفنية المحلية أحد رواد ونجوم المسرح الكويتي والخليجي والعربي.
واستذكر الشيخ صباح الأحمد الصباح، خلال بيان نشر على وكالة الأنباء الكويتية، الرسالة الفنية التي حملها هذا الفنان العملاق ومسيرته الفنية الحافلة بالعطاء الفني والإبداع، والتي تجاوزت الأربعين عاماً، وما قدمه خلالها من أعمال مسرحية وفنية متميزة وهادفة تناولت الأعمال الدرامية والكوميدية، كانت وستظل محل إعجاب وتقدير الجميع، وستبقى باقية ومدرسة لمن يسير على نهجه في حبه لوطنه وتفاعله مع قضاياه.
وقدر أمير دولة الكويت، دور الفنان الراحل عبد الحسين عبد الرضا، الكبير في النهوض بالحركة والأعمال المسرحية وتطويرها في الكويت وانتشارها وتأثيرها خارج حدود الوطن، مؤكدا أن الوطن لن ينسى أبناءه الأوفياء ممن أسهموا في عطائهم، وبذلوا جهودهم في مختلف المجالات وكل الظروف لخدمة وطنهم ولرقيه ونهضته.
فيما قالت الأمانة العامة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، إن رحيل الفنان عبد الحسين عبد الرضا يشكل خسارة كبيرة، ويترك فراغا حقيقيا في الحركة الفنية والمسرحية في الكويت ودول الخليج العربي والوطن العربي.
وأضافت الأمانة في بيان لها أمس، أن الفقيد كان مثالاً للفنان الملتزم والمثقف الذي أفنى عمره في خدمة قضايا وطنه وشعبه رغم صراعه الطويل مع المرض في محطات مختلفة من عمره.
وذكر البيان أن الفقيد كانت له اليد الطولى في تطوير الحركة الفنية في الكويت والخليج العربي، مع عدد من رفقاء دربه الفني، وتميز بأعماله الكوميدية، وتقديمه العديد من ألوان الفنون كالتمثيل والغناء والتأليف المسرحي والإنتاج الفني، سواء في المسرح أو التلفزيون أو الإذاعة، فاستحق بذلك لقب عملاق الفن الكويتي والخليجي.
وأضافت: «ساهم الفنان الراحل في تأسيس العديد من الفرق المسرحية منذ انطلاقته الفنية في بداية ستينات القرن الماضي كالمسرح الوطني والعربي، وأسس قناة فنون التلفزيونية، مبيناً أن أعمال الفنان تعد شاهدا وتوثيقا صادقا ودقيقا للحياة الاجتماعية الشاملة في الكويت بتفاصيلها السياسية والاقتصادية».
وأوضح البيان أنه استطاع بذكاء منقطع النظير عبر مسيرته الفنية الزاخرة أن يعكس مشاعر الناس في أعماله الفنية الكوميدية وغيرها، واستطاع ببصيرته الفنية الحاذقة أن يوثق محطات رئيسية في تاريخ الكويت بكل شفافية ودون تزييف، مما رسخ مكانة عالية لدى جمهوره داخل الكويت وخارجها.
وذكر أنه من باب رد الجميل لهذا الفنان الكبير كان تكريم المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب له في حفل افتتاح فعاليات مهرجان (الكويت عاصمة للثقافة الإسلامية للعام 2016) وقبلها بتخليد اسمه على مسرح السالمية أثناء حياته.
واشتهر الفنان الراحل طوال مسيرته الفنية بالأعمال الدرامية والكوميدية والمسرحيات، أضاف على طابعها السخرية، وإمتاع جمهوره في العالم الخليجي والعربي، وأصبح اسمه لامعاً في الدراما العربية، وحرص الفنان الراحل بحسب زملائه إلى دعم زملائه الفنانين من الشباب، وتقديمهم على نفسه، مقابل بروز الدراما الكويتية والخليجي، إذ سارع عدد كبير من الفنانين إلى نعيه فور تلقيهم الخبر.
وأوضح الفنان السعودي أبو بكر سالم بالفقيه، أنه بوفاة الراحل عبد الحسين عبد الرضا، خسر الفن الخليجي والعربي أحد أعمدته في الدراما، وأكبر الداعمين له، حيث امتدت صداقته مع الراحل منذ عقود طويلة جمعتهم بلقاءات مع عدد من الفنانين الخليجيين خلال تواجدهم في كل من الكويت أو السعودية.
وقال الفنان أبو بكر سالم في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»، إن وفاته كانت مفجعة ولم أكن أصدق حقيقتها، على الرغم من أني على تواصل مع أحد أبناء الراحل باستمرار للاطمئنان على صحته، وزاد: «لم يغب عن ذاكرتي مشهد إصراره على الحضور في حفل تكريمي بالكويت، منذ 7 سنوات، على الرغم من مشاغله، وأبى أن يكون من الأوائل، تقديراً لشخصيتي والصداقة التي جمعتني به».
وبألم وحسرة، تمنى الفنان أبو بكر سالم، أنه لو كان بصحته وعافيته، لحضر استقبال جثمانه في الكويت، والصلاة عليه، فهو أقل ما نفعله للصديق أبو عدنان، ثم اعتذر عن مواصلة الحديث عن الراحل، نتيجة تأثره بخبر وفاته.
فيما أوضح عبد الله السلمان، المخرج الكويتي، أنه كان يزور الفنان الراحل عبد الحسين عبد الرضا خلال رمضان الماضي، من أجل عمل فني يريد فيه الراحل أن يختم مسيرته الفنية، وكان في ذلك الحين صحته جيدة، إلا أنه يشكو من آلام في قدمه نتيجة كبر سنه.
وقال المخرج السلمان، إن الراحل عبد الحسين عبد الرضا، أبلغه بأن سيزور لندن من أجل عمل فحوصات في قدمه، إلا أن القدر كان أسبق من ذلك.
ونعى الفنان السعودي ناصر القصبي، عبد الحسين، على مواقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، وقال إن غياب المعلم عبد الحسين عبد الرضا، لا يملؤه أحد. ثم عاد مرة أخرى وذكر أن غيابه أصاب القصبي بـ«الكوابيس والأرق»، وقدّم التعازي لعائلة لأسرة الراحل وابنيه عدنان وبشار.
ويعتبر الفنان عبد الحسين عبد الرضا، من كبار ممثلي الكوميديا في الخليج والمنطقة العربية. ولد في الكويت عام 1939، حيث تلقى تعليمه وعمل في عدد من الوظائف الحكومية في بلاده، قبل أن يتفرغ للفن، وقدم خلال أكثر من نصف قرن العديد من الأعمال من تمثيليات ومسلسلات وأفلام تلفزيونية وأوبريتات.
ومن أشهر أعماله مسلسل «درب الزلق» الذي رسخ في الذاكرة والوجدان بالمنطقة، بالإضافة إلى عدد من المسرحيات منها «باي باي لندن» و«سيف العرب» الذي مثل فيه شخصية صدام حسين. ومن الأعمال التلفزيونية أوبريت «شهر العسل» و«بساط الفقر» و«الانحدار» بمشاركة الفنانة سعاد عبد الله.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».