عقد الصداقات أصعب بعد الثلاثين

أقربها إلى النفس العلاقات من مرحلة الدراسة

ليزا ديغليانتوني مسؤولة تنفيذية تعليمية تجمع التبرعات في شيكاغو - كارا باسكين صحافية تعمل في بوسطن
ليزا ديغليانتوني مسؤولة تنفيذية تعليمية تجمع التبرعات في شيكاغو - كارا باسكين صحافية تعمل في بوسطن
TT

عقد الصداقات أصعب بعد الثلاثين

ليزا ديغليانتوني مسؤولة تنفيذية تعليمية تجمع التبرعات في شيكاغو - كارا باسكين صحافية تعمل في بوسطن
ليزا ديغليانتوني مسؤولة تنفيذية تعليمية تجمع التبرعات في شيكاغو - كارا باسكين صحافية تعمل في بوسطن

كان المشهد يشبه مشاهد المواعدة بين شخصين لا يعرفان بعضهما، في أحد أفلام السينما الهندية. التقيت براين كاتب سيناريو من نيويورك منذ بضعة أعوام في سياق العمل، وخرجنا للعشاء مع زوجتينا، وأثمر ذلك اللقاء علاقة صداقة واضحة سريعة. اكتشفنا أننا نحب الأغاني نفسها من ألبوم «بلوند أون بلوند» لبوب ديلان، والجمل نفسها من فيلم «تشاينا تاون». وعند وصول طبق القريدس بالكاري الأخضر، كنا قد وصلنا إلى مرحلة إكمال جمل بعضنا بعضا. اضطرت زوجتانا إلى التدخل والقول: «ألا تريدان الخروج من أجل استنشاق بعض الهواء المنعش؟».
وحين كان براين وزوجته يتجهان إلى القطار، خطر في بالي أنه كان ليصبح أشبيني في حفل زفافي لو كنا قد التقينا في الجامعة. كان هذا منذ أربعة أعوام. ولم نتقابل خلال تلك الفترة سوى أربع مرات، ونحن أصدقاء إلى حد ما. نحاول تجاوز العراقيل، لكن الحياة تفعل فعلها وتمنعنا من ذلك.
قصتنا ليست استثنائية؛ ففي مرحلتَي الثلاثينات والأربعينات من العمر يدخل في حياتنا الكثير من الأشخاص الجدد من خلال العمل، أو أصدقاء أطفالنا وبطبيعة الحال الـ«فيسبوك»، لكن الأصدقاء المقربين حقاً، الذين نلتقيهم أيام الدراسة الجامعية، ونتصل بهم وقت الأزمات والأوقات العصيبة، قليلون.
حين يصل الناس إلى مرحلة منتصف العمر، تذوي سنوات الشباب التي تتسم بالرغبة في الاستكشاف، حين كنا نشعر بأن الحياة موعد مع شخص لا نعرفه. وتبدأ المشاغل في الضغط علينا، فتتغير الأولويات، وكثيراً ما يصبح الناس أكثر تحديداً في اختيار أصدقائهم. وبغض النظر عن عدد الأصدقاء، فإن الشعور بالحتمية سيتسلل إلى نفوسنا، وتنتهي الفترة، التي نكوّن خلالها أفضل الصداقات كتلك التي عشناها في سنوات المراهقة والعشرينات من العمر، وتبدأ مرحلة الاستسلام للأصحاب العابرين الذين يظهرون ويختفون حسب المواقف.
على الرغم من ذلك، كثيرا ما يدرك الناس كيف تجاهلوا الحفاظ على أصدقائهم حين واجهوا موقفا عصيبا في الحياة مثل الانتقال إلى مكان آخر، أو الطلاق.
تلك الفكرة خطرت ببال ليزا ديغليانتوني، مسؤولة تنفيذية تعليمية تجمع التبرعات في شيكاغو، منذ بضعة أشهر حين كانت تخطط للاحتفال بعيد ميلادها التاسع والثلاثين. بعد انتقالها للإقامة من نيويورك إلى مدينة إيفانستون، أدركت أن لديها 875 صديقا على موقع «فيسبوك»، و509 متابعين على موقع «تويتر»، لكنها غير متأكدة مما إذا كان لديها أسماء تملأ قائمة المدعوين. تقول: «حصرت مراحل حياتي التي تمكنت خلالها من تكوين أكثر صداقاتي، واكتشفت أنها كانت أيام الدراسة الثانوية، وسنوات عملي في وظيفتي الأولى».
وأدرك روبرت غلوفر، معالج نفسي في بيليفيو، بواشنطن، بعد طلاقه من زوجته في الأربعينات من عمره، أن قائمة أصدقائه أخذت في التآكل طوال سنوات في ظل تركيزه على عمله وأسرته. ويوضح وهو اليوم في 56 من عمره: «فجأة ومع اختفاء زوجتك من الصورة تدرك كم أنت وحيد. أتلقى دروسا في رقص السالسا، وبدلا من محاولة التعرف إلى سيدات أتعرف الآن إلى رجال، وأعرض عليهم تناول المشروب معاً».
لاحظت لورا كارستنسين، أستاذة في علم النفس ومديرة مركز «ستانفورد أون لونغيفيتي» في كاليفورنيا، في دراسات أجريت بين مجموعات متماثلة، ميل الناس إلى الابتعاد عن التفاعل مع أشخاص جدد كلما تقدموا نحو مرحلة منتصف العمر، والاتجاه أكثر نحو توطيد علاقتهم بأصدقائهم.
وخفضت ليزا ديغليانتوني سقف توقعاتها عند محاولة تكوين صداقات جديدة، وفي ذلك تقول: «أتبع نهج عملي وهو فعال للغاية، وأسعى إلى التعرف إلى أشخاص طريقة تفكيرهم تشبه طريقة تفكيري من أجل تلبية احتياجات محددة».
على الجانب الآخر، ترى سالي راين، في صحيفة «نيويورك تايمز»، أن كل ذلك بسبب وجود منبه داخلي لدى الناس لا يُحدث رنيناً إلا عند وقوع أحداث كبيرة في حياتهم مثل بلوغ سن الثلاثين، حينها يتذكرون أن الزمن يجري، وأنه قد حان وقت التوقف والتأمل والتركيز على اللحظة الآنية. توضح قائلة: «يتجه المرء نحو التركيز على أهم الأمور بالنسبة إليه على الصعيد العاطفي. لذا؛ لا يعد المرء مهتماً بالذهاب إلى حفلات الكوكتيل، بل بقضاء وقت مع أطفاله».
ومع تغير ظروف الحياة وتبدلها يصبح من الصعب تحقيق الشروط الثلاثة التي يرى علماء الاجتماع منذ حقبة الخمسينات أنها ضرورية من أجل الحصول على أصدقاء مقربين وهي القرب، والتفاعل المتكرر المستمر من دون تخطيط، والسياق الذي يشجع الناس على التصرف بحرية ومن دون قيود، والثقة في بعضهم بعضا، على حد قول ريبيكا أدامز، أستاذة علم الاجتماع وعلم الشيخوخة في جامعة نورث كارولاينا في غرينسبورو. وأضافت قائلة إن هذا هو سبب تكوين الكثير من الناس علاقات صداقة قوية خلال فترة الدراسة الجامعية.
في عالم العمل المهني الاحترافي، يصبح «القرب» أمرا صعب المنال، فزملاء العمل ينتقلون من قسم إلى آخر أو إلى وظيفة أخرى. خلال العام الماضي أصبحت إيريكا ريفينوغا، كاتبة في مسلسل «أب أول نايت» الذي يعرض على محطة «إن بي سي»، مقربة جداً من امرأة تدعى جين، وذلك حين كانتا تعملان معا في مشروع تجريبي. وسرعان ما تعارفتا، وعرفت كل منهما مواعيد الأخرى، وأصناف الطعام التي تفضلها. كانت جين تشعر بحاجة ريفينوغا إلى جرعة من الكافيين، ودون أن تنتظر طلبها كانت تحضر لها كوبا من الشاي المثلج. تقول ريفينوغا البالغة التي تبلغ 35 عاماً: «بمجرد انتهاء المشروع التجريبي، بات من الصعب أن نكون مقربين من بعضنا بعضا من دون ذلك التفاعل اليومي المتواصل الذي كان بيننا». أحياناً تتمكن المرآتان من إيجاد وقت لتناول مشروب سريعا، لكن انقضت الأيام التي كانت فترة الظهيرة تمتد فيها إلى فترة المساء على الشاطئ قبل أن يتوجها إلى الحانة لقضاء أمسية.
قد تصبح روح التنافس هي المسيطرة على مكان العمل؛ لذا يتعلم الناس إخفاء نقاط ضعفهم، وعاداتهم الغريبة عن زملائهم، على حد قول دكتور أدامز. كثيراً ما يكون الشعور بتبادل المصالح هو الذي يهيمن على صداقات العمل، ومن الصعب تحديد متى تتحول العلاقة إلى صداقة. كذلك تعقّد الاختلافات في الوضع المهني ومستوى الدخل، الأمور. تقول أدريان داكوورث، مسؤولة تسويق سابقة تعمل حالياً فنانة في هاميلتون باونتاريو: «يصبح الوضع غريباً حين يجني أصدقاؤك مبالغ أكبر أو أقل مما تجنيه بدرجة كبيرة». وقد رحبت أخيراً بزوجين واعدين في دائرة أصدقائها، لكن سرعان ما يبتعد الناس عنهما بسبب هوسهما بالمال. وتوضح أدريان البالغة من العمر 32 عاما قائلة: «في حفل زفافنا، جلس أصدقاء آخرون معهما على الطاولة نفسها، وشكوا إلينا بعد ذلك من الزوجين اللذين يسألان الجميع عن مقدار ما يجنون من مال. شعر الأشخاص، الذين لا يجنون الكثير من المال، بعدم الارتياح تجاه الحديث عن هذا الأمر، في حين شعر الذين يجنون القدر نفسه من المال أو أكثر بأنه من الغريب الحديث عن هذا الأمر بهذه الطريقة».
على الجانب الآخر، بمجرد الارتباط بشخص آخر أو الزواج، تزداد التحديات أمام تكوين الصداقات، حيث يتعين تكوين صداقة مع الشريك الآخر، ويصبح الأمر مثل محاولة «التوفيق المزدوج» على حد قول كارا باسكين، صحافية تعمل في بوسطن. وتوضح كارا قائلة: «لا تصبح قلقاً مما إذا كانت السيدات الأخريات يحببنك فحسب، بل تقلق مما إذا كان أزواجهن معجبين بك أيضاً، ومما إذا كان زوجك معجبا بأولئك الصديقات، وأزواجهن أم لا».
منذ فترة ليست بالبعيدة دعت زميل زوجها الجديد في العمل على العشاء مع زوجته، لكن كان من الواضح أن الزوجة لم تعجب بمنزل باسكين غير المؤثث بالكامل، نظراً لكونهما قد انتقلا لتوهما إلى ذلك المنزل، ولا بعشاء المعكرونة الإسباغيتي. تقول باسكين البالغة من العمر 33 عاماً: «لقد كان من الواضح أن زوجته كانت مضطرة إلى المجيء. لقد جلست على مقاعد طاولة المطبخ لدينا وكأنها تدخل منجم فحم». وغادر الزوجان سريعاً بعد تناول الحلوى. في اليوم التالي في العمل اعتذر الزوج عما حدث بالقول إن زوجته كانت متعبة. تقول باسكين: «وكان من الطبيعي ألا نحرص على أن نكون بصحبتهما مرة أخرى».
ويزيد وجود أطفال من صعوبة الأمر. فجأة تصبح محاطا بدائرة جديدة من الأصدقاء الآباء، لكن يكون من الصعب تكوين روابط عاطفية معهم؛ إذ قال الممثل الكوميدي لويس سي كيه في أحد عروضه الكوميدية: «أقضي أياما كاملة مع أشخاص أود لو أن أقول لهم إنني ما كنت لأرغب أبدا في الخروج معكم ولم أختركم، بل اختار أبناؤنا بعضهم بعضا من دون حتى أي معايير سوى أنهم في العمر نفسه».

*خدمة «نيويورك تايمز»



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.