حماقي على خطى منير وعمرو دياب وتامر حسني

عدوى السير الذاتية للفنانين تظهر مجدداً على الشاشة

تامر حسني - محمد حماقي
تامر حسني - محمد حماقي
TT

حماقي على خطى منير وعمرو دياب وتامر حسني

تامر حسني - محمد حماقي
تامر حسني - محمد حماقي

تعود برامج السير الذاتية للمطربين المصريين للظهور مره أخرى، فيقوم حالياً الفنان محمد حماقي بتسجيل مشواره في برنامج تلفزيوني بعنوان «the story»، ويتناول البرنامج مراحل حياة حماقي، منها إبراز بداياته واحترافه الغناء، كما يتطرق البرنامج إلى حياته الخاصة، ويعرض على هيئة حلقات، كما يظهر خلال الحلقات مجموعة من الفنانين في جلسات خاصة مع حماقي، أبرزهم أحمد حلمي، ومنى زكي، وعمرو يوسف وكندة علوش، ولطيفة، ويسرا، ودنيا سمير غانم، ولاعب الكرة السابق حازم إمام، وقد تم تصوير بعض حلقات البرنامج في عدة دول مختلفة منها أميركا ولبنان ورومانيا.
وتعتبر هذه التجربة الثانية للفنان في تقديم السير الذاتية؛ فقد سبق وقدم برنامجاً منذ 3 سنوات تقريباً حمل اسم «حماقي والحياة» عرض على 4 حلقات، وتناول وقتها البرنامج مشواره في احتراف الغناء وبدايته، والصعاب التي واجهها، لكن البرنامج قوبل وقتها بسخرية من البعض، خاصة على مواقع السوشيال ميديا، لرؤيتهم أن حماقي لا يملك تاريخاً فنياً يؤهله لسرد مشواره... فهل من الممكن أن يقابل برنامجه الجديد المصير نفسه؟!
وقد سبق حماقي في هذه التجربة فنانون لديهم مبرر لتقديم سيرتهم، نظرا لتأثيرهم بشكل كبير في أجيال كثيرة منهم الفنان «عمرو دياب» الذي قدم برنامجا بعنوان «الحلم» منذ سنوات تناول فيه مشواره الغنائي في 25 عاما، ودارت الفكرة حول تسجيل مشوار دياب الفني منذ ولادته، مروراً بمدرسته، والأماكن التي عاش بها أيام طفولته وأصدقاء الطفولة.
كما قدم الفنان «محمد منير» سيرته التي اختلفت في التقديم عن مشوار دياب حيث قدم برنامج بعنوان «أنا والحياة» على شكل حوار مع منير، وكان داخل الاستوديو وأمام المئات من معجبيه الحاضرين، وتحدث خلال الحلقات عن كل مراحل مشواره الغنائي وقصة حياته من جوانبها الإنسانية والاجتماعية، ونشأته في مدينة النوبة وأشهر أغانيه ومحطاته.
أما الفنان تامر حسني الذي جسد مشواره في برنامج بعنوان «قصة الصعود» عن مشوار فني لسنوات قليلة، حكى البرنامج إنجازاته، رغم أن البعض من النقاد الفنيين صرحوا بأن تجربته ليس لها الثقل حتى يتم عمل برنامج عنه، ويكرر التجربة نفسها الآن الفنان محمد حماقي. وقد سبق هذه التجارب سير أخرى لبعض نجوم التمثيل منهم برنامج «الأستاذ والتلميذ»، وحاور فيه الفنان أحمد السقا الراحل أحمد رمزي، وتم سرد حكايات عن حياته الفنية والشخصية، وكان أول من سجل مشواره تلفزيونيا هو الأديب الكبير نجيب محفوظ، وتم بثها عبر التلفزيون المصري الرسمي.
في الماضي كانت السير الذاتية للفنان يتم تناولها على شكل عمل فني سواء في السينما أو الدراما، لكن الآن أصبحت تقدم على شكل برامج كموضة ولا يشترط تقديمها إلا أن يكون لديه مشوار في العطاء الفني طويلا أو قصيرا ويشرفون عليها بأنفسهم وتقدم عبر حلقات تلفزيونية لتوثق مسيرتهم، ولا تحمل سوى وجهة نظر واحدة، وهي الآراء الإيجابية بالاستعانة بمقربين منهم في الأوساط الفنية والإعلامية لكي يتحدثوا عنهم بشكل إيجابي، أما وجهات النظر السلبية فلا يعرضونها.
يعمل الآن الفنان الليبي حميد الشاعري على برنامج قريب من هذه النوعية، وتحدث لـ«الشرق الأوسط» عن تفاصيله قائلاً: أعمل منذ شهور على هذا البرنامج، وأسرد فيه سيرتي الأكاديمية وليست الشخصية، وسأقدم فيه تاريخي الفني الذي يصل إلى 36 عاما باستضافة الكثير من المطربين الذين شاركوني الرحلة الفنية، ونتحدث خلال الحلقات عن كواليس الأعمال، والمراحل التي مرت بها صناعة الأغنية مع إعادة تقديم بعض الأغنيات مرة أخرى.
ويكشف الشاعري: «أتمنى تقديم سيرتي الذاتية الشخصية، ولكن بعد سنوات كي أكون قد خضت أعمالا فنية أكثر، ومررت بتجارب أعمق لتكون سيرتي أقوى وغنية بالتفاصيل المفيدة». كما اختلف النقاد والمحللون الفنيون حول انتشار هذه البرامج، فيرى البعض أنها ظاهرة سيئة، خاصة أنها تنتج لفنانين ليس لهم إنجاز، بينما يرى البعض الآخر أنها برامج تلقى استحسانا من الجمهور ولها شعبية.
ففي البداية يقول المؤرخ والدكتور زين نصار، أستاذ النقد الموسيقي بالمعهد العالي للنقد الفني: تقديم السير الذاتية الآن مختلف عما اعتدنا عليه في الماضي. وسبب اتجاه الجيل الجديد إلى سرد قصة حياته بهذه الطريقة هو التغيير الذي طرأ على الفن. فمن المتعارف عليه أن السير تكتب في كتاب أو تقدم في عمل فني درامي أو سينمائي، لكني لست ضد فكرة تقديمها ببرنامج، بشرط أن يذكر الفنان خلال الحلقات سلبياته قبل إيجابياته.
فمن حق المشاهد أن يعرف الحقيقة كاملة عن الفنان الذي يحبه ويدعمه، خاصة أن هذه البرامج أصبحت تشهد إقبالا كبيرا من الجمهور، كذلك أصبحت مصدر شهرة للبعض وتساعدهم في إثبات حضورهم بشكل أقوى لعدم امتلاكهم مشواراً فنياً كبيراً.
ويضيف نصار: فعلى الفنان الذي ينوي تقديم سيرته في برنامج أن يكون لديه تاريخ فني مؤثر لكي يفيد بتجربته أجيالا قادمة، كما أثر فينا عمالقتنا في زمن الفن الجميل، الذين ما زالوا يستحقون الكثير من الأعمال الفنية التي تتحدث عن مسيراتهم الفنية الثرية، كالراحل بليغ حمدي الظاهرة الفريدة في التلحين، وكمال الطويل، وفريد الأطرش، وفايزة أحمد، ومحمد رشدي، ومحمد العزب، وغيرهم.
كما قدم المؤرخ نصيحة لمن يفكر في تقديم سيرته قائلا: أنصح أي فنان بأن يكون صادقا فيما يقوله وما يقال عنه من ضيوف برنامجه، لأنه يمثل قدوة لدى الكثير من عشاقه، فالفنان بفنه وتفاصيله يؤثر في المجتمع بشكل كامل ويقلده الكثير من الشباب، والكذب لا يدوم كثيرا، ولو تم اكتشافه سيؤثر عليه طوال مشواره.
أما الكاتب المخضرم بشير الديك الذي أبدى اندهاشه بالفكرة نفسها قائلا: لم أشاهد أي برنامج من هذه النوعية، ولكنها ليست في مصلحة الفنان أن يسرد قصة حياته عبر برنامج تلفزيوني ويمجد نفسه من خلال الآخرين. وأرفض هذا الشكل لتقديم السير الذاتية فيه، لأن مكان تقديمها لأي شخصية عامة سواء أكان فنانا أم عالما وغيره من الشخصيات الكتب أو تجسيدها في عمل فني تلفزيوني أو سينمائي.
ويوضح الكاتب: ليس من حق أي شخص أن يقدم سيرته الذاتية إلا من يملك تاريخا في المجال الذي يعمل به، ففي جميع أنحاء العالم تتوقف صناعة أي عمل وثائقي عن أي شخص على الرصيد الذي يملكه، ويكون تأثيره واضحا في المجتمع الذي يعيش فيه، كي تبرز تجربته شكل الحياة في المرحلة الزمنية التي عاش فيها. فالسير الذاتية مقصود بها انعكاس لفترة زمنية على جميع المستويات الاجتماعية والسياسية والفنية وليس حكاية الشخص فقط.
كما بين المؤلف سبب إقبال البعض من الفنانين على هذه الخطوة خاصة الفنان محمد منير موضحا: لا أعرف لماذا أقدم منير على تقديم سيرته الفنية في برنامج، فحياته تستحق الكثير من الأعمال الفنية. فعبد الحليم حافظ الأسطورة لم يفعل ذلك وهو على قيد الحياة، وإذا أراد أن يقدم قصته فسيكون وقتها حدثا كبيرا ويكون حقه، ولكنه من المؤكد أنه لن يقدمه بهذا الشكل. فعندما قرر المخرج يوسف شاهين تقديم سيرته وهو حي قدم شطرات من حياته في أفلام أخرجها وهي: «إسكندرية كمان وكمان، وإسكندرية ليه وليه»، وجسد شخصيته فنان آخر.
وأنهى حديثه مؤكداً أن ما يحدث الآن من إقبال البعض من الفنانين على إنتاج سيرتهم الذاتية فيه شيء من «العبث والاستخفاف» بعقل المشاهد.



لماذا تعثرت خطوات مواهب المسابقات الغنائية؟

لقطة من برنامج إكس فاكتور ({يوتيوب})
لقطة من برنامج إكس فاكتور ({يوتيوب})
TT

لماذا تعثرت خطوات مواهب المسابقات الغنائية؟

لقطة من برنامج إكس فاكتور ({يوتيوب})
لقطة من برنامج إكس فاكتور ({يوتيوب})

رغم تمتع بعض متسابقي برامج اكتشاف المواهب الغنائية العربية بشهرة واسعة خلال عرض حلقاتها المتتابعة، فإن تلك الشهرة لم تصمد طويلاً وتوارت بفعل اختفاء بعض المواهب الصاعدة من الشاشات عقب انتهاء مواسم تلك البرامج، وفق موسيقيين تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» وأثاروا تساؤلات بشأن أسباب تعثر خطوات المواهب الصغيرة والشابة وانطلاقها بشكل احترافي في عالم الغناء.

الناقد الفني المصري أحمد السماحي الذي كان مسؤولاً في أحد هذه البرامج أكد أن «الغرض من هذه البرامج هو الربح المادي وليس الاكتشاف الفني»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «بعض القنوات تستغل طموحات الشباب الباحثين عن الشهرة لتحقيق مكاسب دون إضافة حقيقية للفن، والدليل أن كثيراً من المواهب التي ظهرت من خلال هذه البرامج، وصوّت لها الملايين في أنحاء العالم العربي تعثرت بل واختفت في ظروف غامضة».

محمد عطية ({فيسبوك})

وتعددت برامج اكتشاف المواهب الغنائية عبر الفضائيات العربية خلال الألفية الجديدة ومنها «سوبر ستار»، و«ستار أكاديمي»، و«أراب أيدول»، و«ذا فويس»، و«ذا إكس فاكتور»، و«ستار ميكر».

ويوضح السماحي: «رغم أن كثيراً من هذه الأصوات رائعة، لكنها للأسف الشديد تجلس في البيوت، ولا تجد فرصة عمل، مثل المطرب الرائع الصوت محمود محيي الذي هاجر من مصر بعد حصوله على لقب (ستار أكاديمي) في الموسم التاسع عام 2014، حيث اضطر للتخلي عن حلمه بالغناء، متوجهاً للعمل موظفاً في إحدى الشركات».

نسمة محجوب ({فيسبوك})

ويؤكد الناقد الفني أن «هذه البرامج اكتشفت مواهب حقيقية، وسلطت الضوء على كثير من الأصوات الجيدة، لكن أين هم الآن في عالم النجوم؟».

ورغم أن «مسابقات الغناء كانت تركز على الدعاية والأنشطة التجارية، فإنها في الوقت نفسه قدمت فرصاً لكثيرين، فإن الحكم في النهاية يكون للكاريزما وحلاوة الصوت، ما يساعد على الانطلاق والمضي قدماً، وتحقيق جماهيرية بالاعتماد على النفس». وفق الشاعرة السورية راميا بدور.

محمد رشاد ({فيسبوك})

وأوضحت بدور في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه البرامج كانت النقطة المحورية التي ساعدت بعض المواهب على الانتشار، لكنها ليست منصفة أحياناً وكلما خاضت الموهبة منافسات أكبر واستمرت ذاع صيتها، ولكن بالنهاية أين هم حاملو الألقاب؟».

في المقابل، يشدد الملحن المصري وليد منير على أن برامج مسابقات الغناء تسلط الضوء على المواهب وتمنحهم فرصة الظهور، لكن النجومية تأتي عقب الشهرة المبدئية. ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «صناعة قاعدة جماهيرية للمواهب أمر صعب، ويبقى الاعتماد على اجتهاد المطرب من خلال (السوشيال ميديا) لاستكمال الطريق بمفرده». وحققت كلٌّ من جويرية حمدي ولين الحايك ونور وسام وأشرقت، شهرة على مستوى العالم العربي عبر برنامج «ذا فويس كيدز»، لكن الأضواء توارت عن معظمهن.

أماني السويسي ({فيسبوك})

ويرى الناقد الفني اللبناني جمال فياض أن «جيل ما قبل الألفية الجديدة حقق علامة بارزة من خلال برامج اكتشاف المواهب في لبنان»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هناك نجوم كثر خرجوا من هذه البرامج وأصبحوا نجوماً حتى اليوم، لكن البرامج التي أنتجت خلال الألفية الجديدة لم تؤثر مواهبها في الساحة باستثناء حالات نادرة». وأوضح فياض أن «سيمون أسمر صاحب برنامج (استوديو الفن) كان يرعى النجم فنياً بشكل شامل، ويقيم حفلات كبيرة لتفعيل علاقاته بالإعلام»، وأشار إلى أن «بعض المواهب هي اكتشافات ولدت ميتة، وقبل ذلك تركت بلا ظل ولا رعاية، لذلك لا بد أن يعي المشاركون أن نهاية البرنامج هي بداية المشوار بعد الشهرة والضجة».

فادي أندراوس ({إنستغرام})

وساهمت هذه البرامج في بروز أسماء فنية على الساحة خلال العقود الماضية، من بينها وليد توفيق، ماجدة الرومي، وائل كفوري، راغب علامة، غسان صليبا، نوال الزغبي، ديانا حداد، ميريام فارس، رامي عياش، علاء زلزلي، وائل جسار، إليسا، وإبراهيم الحكمي، وديانا كرزون، و ملحم زين، شادي أسود، رويدا عطية، شهد برمدا، سعود بن سلطان، سعد المجرد، وكارمن سليمان، ومحمد عساف، دنيا بطمة، ونداء شرارة، ومحمد عطية، هشام عبد الرحمن، جوزيف عطية، شذى حسون، نادر قيراط، عبد العزيز عبد الرحمن، ناصيف زيتون، نسمة محجوب، وفادي أندراوس، وأماني السويسي.

لكن موسيقيين يفرقون بين برامج الألفية القديمة التي كانت تعتني بالمواهب وتدعمها حتى تكون قادرة على المنافسة، وبرامج الألفية الجديدة التي كانت تهتم بـ«الشو» على حساب دعم المواهب.

ويؤكد الناقد الفني المصري أمجد مصطفى أن «سيمون أسمر عندما قدم برنامجه (استوديو الفن)، كان الأوحد في العالم العربي، وكانت نتائجه واضحة، لكن عندما انتشرت برامج أخرى لم يكن هدفها اكتشاف أصوات بل التجارة». على حد تعبيره.

ويرى مصطفى أن «(السوشيال ميديا) سحبت البساط من برامج المسابقات التي يعدها (موضة) انتهت». فيما يرهن الملحن المصري يحيى الموجي نجاح برامج اكتشاف المواهب بوجود شركة إنتاج تدعمها أو إنتاج ذاتي لاستكمال المشوار، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «هذه البرامج إذا كانت جادة فعليها أن تتبنى المواهب وتنتج لهم أغانيّ، لكن ذلك لم يحدث مطلقاً، والنتيجة تعثرهم وعدم وجودهم على الساحة».