مصر: انطلاق الدورة الـ26 لـ«مهرجان القلعة»

29 حفلاً يحييها فنانون من تونس وسوريا... وهشام عباس يشارك لأول مرة

شعار «مهرجان قلعة صلاح الدين للموسيقى والغناء»
شعار «مهرجان قلعة صلاح الدين للموسيقى والغناء»
TT

مصر: انطلاق الدورة الـ26 لـ«مهرجان القلعة»

شعار «مهرجان قلعة صلاح الدين للموسيقى والغناء»
شعار «مهرجان قلعة صلاح الدين للموسيقى والغناء»

تتوالى المهرجانات الفنية والموسيقية التي ترعاها دار الأوبرا المصرية، في مختلف المدن المصرية، حيث تشهد القاهرة انطلاق فعاليات الدورة الـ26 لـ«مهرجان قلعة صلاح الدين للموسيقى والغناء»، بدءا من يوم السبت 12 أغسطس (آب) الحالي وعلى مدار 15 يوما.
في حديث لـ«الشرق الأوسط» قالت الدكتورة إيناس عبد الدايم، رئيسة دار الأوبرا المصرية والمهرجان، إن «القاهرة على موعد مع عدد من الحفلات الفنية والمهرجانات التي تقدم الفن والطرب الأصيل ومختلف أنواع الغناء الشرقي والغربي، التي تأتي في أعقاب النجاح الكبير لمهرجان الأوبرا الصيفي بالإسكندرية، سواء على مسرح سيد درويش (دار أوبرا الإسكندرية) أو المسرح الروماني، كما يجري الإعداد لفعاليات مهرجان الموسيقى العربية». وأضافت: «هذا المهرجان من أهم المهرجانات التي تنظمها دار الأوبرا؛ بل وأقدمها، فقد انطلقت دورته الأولى عام 1990 ليصبح أحد أكبر المحافل الفنية المصرية من حيث الإقبال الجماهيري؛ بسبب تنوع وثراء محتواه الفني، كما أدّى نجاح دوراته المتعاقبة إلى ازدياد رغبة كبار الفنانين المصريين والعالميين في المشاركة في فعالياته؛ من سوريا وتونس إلى جانب مشاركة الفنان المصري هشام عباس لأول مرة».
وأوضحت عبد الدايم أنّ هذه الدورة تضم 29 حفلاً مجانياً لمجموعة متميزة من النجوم والمطربين والموسيقيين والفرق التي تقدم تجارب فنية مبتكرة ومتفردة، كما تكرم هذه الدورة 8 شخصيات ساهمت بإنجازاتها ومجهوداتها في إثراء الساحة الفنية المصرية، هم: اسم المايسترو الراحل الدكتور علي عثمان الحاج، والمخرج الدكتور عبد الله سعد، وعازفة الهارب الدكتورة منال محيي الدين، والدكتورة لمياء زايد عميدة معهد البالية، وعازفة الكمان بسمة سعد، من «أوركسترا النور والأمل»، والمنشد والملحن أحمد عبد الله محفظ فرقة الإنشاد الديني، وحسين بدوي مدير عام الريسيتالات بالأوبرا سابقاً، كما تقدم إدارة الأوبرا والمهرجان تكريما خاصا للدكتور رضا الوكيل سوليست فرقة «أوبرا القاهرة» رئيس البيت الفني السّابق؛ تقديرا لما قدمه للمهرجان خلال 9 أعوام متصلة، وذلك بتسليمهم شهادات التقدير ودرع التكريم. وأعلنت عن إحياء المطربة نسمة محجوب (نجمة ستار أكاديمي) حفل افتتاح المهرجان، بعد أن تألّقت في حفلات الأوبرا أخيراً لتقدم مجموعة من أشهر الأعمال الغنائية العربية والأجنبية القديمة والمعاصرة، إلى جانب عدد من أغانيها الخاصة منها «بالنسبة لي»... و«بانوراما أغاني فيروز»، و«هتقولي إيه»، و«مستغربة»، و«فكروني»، و«انت السبب»، و«أسمر اللون» من التراث السوري، و«أرى وجوها» و«أحسن ناس».
وأكدت عبد الدايم أنّ دار الأوبرا المصرية أعدت 5 آلاف مقعد يومياً لاستقبال جمهور المهرجان وأماكن خدمات، بالإضافة إلى توفير وسائل انتقال مجانية من مدخل القلعة إلى مقر المسرح لخدمة جمهور المهرجان الذي يرتاده الآلاف من البسطاء؛ لذا أطلق عليه النقاد «مهرجان الناس الغلابة».
هذا؛ ويشارك في برنامج المهرجان لهذا العام، عدد من الفرق التي تقدم الموسيقى العربية والغربية إلى جانب الإنشاد الديني، على مسرح «المحكي1»، في حفلات تقام يوميا في الثامنة مساء، ومنهم: عازف الإيقاع سعيد الآرتيست وفرقته، و«فريق فؤاد ومنيب»، والمطربة صابرين النجيلى، و«فريق لايف تايم»، و«مجموعة الحضرة» للإنشاد الصوفي، والمغنية منى بوركهارد وفرقتها، وفرقة «سواريه»، وفرقة الإخوة «أبو شعر» السورية، و«ويف جاز باند»، و«المولوية المصرية» بقيادة المنشد عامر التوني، وفرقة «سداسي شرارة»، و«بغدادي باند»، و«فرقة الجيتس»، وعازفة الماريمبا نسمة عبد العزيز وفرقتها.
أمّا حفلات مسرح «المحكي2»، التي ستقام يوميا من العاشرة مساء، فيحييها نخبة من نجوم الغناء في مصر والوطن العربي، وهم حسب ترتيب الحفلات: المطرب أحمد سعد، والتونسية غالية بن علي، والشيخ ياسين التهامى، وريهام عبد الحكيم، ومجد القاسم، وأحمد جمال، ومحمد الحلو، ومحمد محسن، وإيمان البحر درويش، ونادية مصطفى، وخالد سليم، وعلي الحجار، وهشام عباس، ومدحت صالح.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».