اكتشاف علمي: بروتين ينمي عضلة القلب والأوعية الدموية

طريقة عمله تماثل ممارسة التمارين الرياضية

اكتشاف علمي: بروتين ينمي عضلة القلب والأوعية الدموية
TT

اكتشاف علمي: بروتين ينمي عضلة القلب والأوعية الدموية

اكتشاف علمي: بروتين ينمي عضلة القلب والأوعية الدموية

أعلن فريق من الباحثين في 4 مراكز علمية كندية أنهم اكتشفوا أن نوعا من البروتين يسمى «كارديوتروفين» أو «سي تي1 (CT1)». يستثير عضلة القلب ويجعلها تنمو بشكل صحي كي تضخ كميات أكبر من الدم، على غرار ما يفعله القلب لدى ممارسة التمارين الرياضية. وهذا البروتين نوع من البروتينات التي تستخدم في عمليات نقل الإشارات بين الخلايا والتواصل فيما بينها.
وأضافوا أن هذا النمو الصحي يختلف تماما عن حالة تضخم القلب، وهي اعتلال صحي ضار يظهر عند حدوث عجز القلب. وأظهرت نتائج دراستهم على عدد من حيوانات الاختبار المصابة بعجز القلب، أن البروتين بمقدوره أيضا إصلاح المناطق المتضررة في القلب وتحسين عملية تدفق الدم.
ونشر الباحثون من جامعة أوتاوا، ومن معهد القلب فيها، ومستشفى أوتاوا، وجامعة كارليتون، دراستهم الموسومة «كارديوتروفين1 يحفز إعادة تصميم القلب عضليا ووعائيا»، في مجلة «سيل ريسيرتش» المعنية بأبحاث الخلية. وقالوا إنهم شرعوا في الإعداد لتقديم براءة اختراع له بهدف إنتاج عقار لعلاج عجز القلب.
ويعد عجز القلب مشكلة طبية كبيرة حول العالم، وهو من الأسباب المؤدية للوفاة والإعاقة، ولا يستطيع القلب خلاله ضخ ما يكفي من الدم إلى الجسم. وهو يحدث غالبا بعد التعرض لنوبة قلبية تؤدي إلى حدوث أضرار في أنسجة عضلة القلب.
وقالت الدكتورة لين ميغيني البروفسورة بجامعة أوتاوا والباحثة في معهد الأبحاث بمستشفى أوتاوا، المشاركة في البحث: «عندما يموت جزء من القلب، فإن العضلة المتبقية تحاول التكيف، لذا تصبح أكبر. إلا أن ذلك يحدث بشكل مختل وظيفيا، وهو الأمر الذي يؤدي في الواقع إلى عدم تمكن القلب من ضخ كميات أكثر من الدم».
وأضافت: «وجدنا أن بروتين (سي تي1) يتسبب في نمو عضلة القلب بشكل صحي أكثر ويحفز نمو الأوعية الدموية داخل القلب. وهذا ما يؤدي بالفعل إلى زيادة قابلية القلب لضخ الدم على غرار ما تفعله عملية ممارسة التمارين الرياضية أو حالات حدوث الحمل».
وعكف الفريق الكندي على دراسة عدد من حيوانات الاختبار من الفئران والجرذان، إضافة إلى دراسته نمو الخلايا داخل المختبر، ومقارنة عمل البروتين مع عقار «فينيليفرين» أو «بي إي (PE)» الذي يؤدي إلى نمو عضلة القلب بشكل ضار. والفينيليفرين من الأدوية التي تستخدم بشكل أساسي لإزالة الاحتقان، ولتوسيع حدقة العين، ولزيادة ضغط الدم. ويتم أيضا تسويقه بوصفه «دواء مضادا للاحتقان». وتوصل العلماء إلى نتائج مهمة:
* عضلة القلب التي عولجت ببروتين «سي تي1» أصبحت أكثر طولا، وصارت لها أنسجة صحية أكثر، بينما نمت وتحولت إلى عضلة أعرض عند علاجها بعقار «بي إي».
* بروتين «سي تي1» يتسبب في نمو الأوعية الدموية مع نمو أنسجة القلب الجديدة، ويزيد من قدرة القلب على ضخ الدم، بينما لا يؤدي عقار «بي إي» إلى أي من ذلك.
* عندما يتوقف العلاج ببروتين «سي تي1» يعود القلب إلى شكله الأول مثلما هي الحال عند وقف ممارسة التمارين الرياضية، أما العلاج بعقار «بي إي» فإنه يعمل من دون رجعة.
* نجح بروتين «سي تي1» في تحسين حالتين من حالات عجز القلب لدى نوعين من الحيوانات المصابة بعجز القلب. الحالة الأولى نتجت عن تضرر الجزء الأيسر من القلب نتيجة نوبة قلبية، والأخرى حدثت بسبب ارتفاع ضغط الدم الرئوي الأمر الذي أدى إلى تضرر الجانب الأيمن من القلب.
* ظهر أن كلا من بروتين «سي تي1» وعقار «بي إي» يحفزان نمو عضلة القلب بواسطة التأثير على مسالك جزيئية يعرف عنها تقليديا أنها مرتبطة بتشجيع انتحار الخلايا. إلا أن البروتين لديه قدرة أفضل على التحكم بتلك المسالك.
وقال الدكتور دنكان ستيوارت، الاستشاري في القلب المشارك في الدراسة: «العلاج الوحيد لعجز الجانب الأيمن من القلب حاليا هو زرع قلب جديد. ورغم وجود عقاقير لتخفيف أعراض الجانب الأيسر من القلب، فإننا لا نستطيع حل المشكلة، ولذا، فإن العجز في الجانب الأيسر غالبا ما يؤدي إلى عجز في الجانب الأيمن».
وأكد الباحثون أن الجوانب المثيرة في هذا البحث هي قدرة بروتين «سي تي1» على تحفيز النمو الصحي للأنسجة داخل عدد من الحيوانات المختلفة، وهذا ما يفترض أنه يمثل بنفسه كينونة شاملة، وذلك ما يساعد على تطوير عقار على أساسه. وأضاف الباحثون أنه رغم أن التمارين الرياضية يمكنها من الناحية النظرية توفير نفس مزايا بروتين «سي تي1»، فإن المصابين بعجز القلب غالبا ما يعانون صعوبة في ممارستها.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».