هجوم عنيف للنظام على الغوطة يهدد بسقوط الهدنة

تقارب بين «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» يترجم باقتحام مقرات «النصرة»

تجدد القصف على الأحياء السكنية في سقبا وحمورية بالغوطة الشرقية (الدفاع المدني في ريف دمشق)
تجدد القصف على الأحياء السكنية في سقبا وحمورية بالغوطة الشرقية (الدفاع المدني في ريف دمشق)
TT

هجوم عنيف للنظام على الغوطة يهدد بسقوط الهدنة

تجدد القصف على الأحياء السكنية في سقبا وحمورية بالغوطة الشرقية (الدفاع المدني في ريف دمشق)
تجدد القصف على الأحياء السكنية في سقبا وحمورية بالغوطة الشرقية (الدفاع المدني في ريف دمشق)

صعّد النظام السوري هجماته على الطرف الشرقي للعاصمة دمشق، مستهدفاً حيي جوبر وعين ترما بعشرات الصواريخ من نوع أرض أرض، فيما كثّفت الطائرات الحربية غاراتها على مدن وبلدات الغوطة الشرقية المشمولة باتفاق «خفض التصعيد»، في وقت سجّل تقارب بين فصيلي «جيش الإسلام» و(فيلق الرحمن)، اللذين قررا طي خلافاتهما السابقة، والتنسيق معاً في مواجهة النظام وحلفائه، كذلك تنفيذهما هجمات متزامنة على مقرات هيئة «تحرير الشام» (جبهة النصرة) في الغوطة.
وبلغ التصعيد ذروته، أمس، منذ أن دخل اتفاق «خفض التصعيد» في دمشق والغوطة حيز التنفيذ منتصف الشهر الماضي، وأفادت وكالة الأنباء الألمانية أن «جيش النظام والقوات الموالية له قصفت حيي جوبر وعين ترما بأكثر من 40 صاروخاً من نوع أرض أرض، ما تسبب بدمار كبير في المباني والمناطق التي طالها القصف». ونقلت الوكالة عن مصادر في المعارضة، أن الطائرات الحربية التابعة للنظام، شنّت أكثر من 16 غارة صباح أمس على تلك المناطق، مع اشتباكات عنيفة بين المعارضة وقوات النظام على محور وادي عين ترما، مشيرة إلى أن «المناطق المستهدفة بالصواريخ والغارات الجوية، خاضعة لاتفاق تخفيف التصعيد، الذي رعته روسيا الداعمة للنظام السوري في شهر يوليو (تموز) الماضي».
في هذا الوقت، أعلن وائل علوان، الناطق باسم تقارب بين «جيش الإسلام» و(فيلق الرحمن) يترجم باقتحام مقرات (النصرة) المسيطر على حيي جوبر وعين ترما، أن النظام «نفّذ صباح اليوم (أمس)، هجوماً على عين ترما، وسيطر على عدة نقاط في البيوت العربية، بعد قصف عنيف جداً بالطائرات وراجمات الصواريخ». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «فيلق الرحمن نفّذ هجوماً معاكساً، فتمكن من استعادة جميع النقاط التي خسرها، وتدمير دبابتين وقتل 15 عنصراً من فرقة المشاة التابعة للفرقة الرابعة، وأسر أحد العناصر».
ويواصل النظام الدفع بمزيدٍ من القوات إلى جبهة جوبر التي فشل في حسمها منذ أربع سنوات، وكشفت مصادر في المعارضة، أن قوات النظام «أرسلت تعزيزات عسكرية جديدة، منها (قوات الغيث) التابعة للفرقة الرابعة التي يقودها اللواء ماهر الأسد، شقيق بشار الأسد، بعد سحبها من محافظة درعا إثر توقيع اتفاق خفض التوتر».
من جهته، عزا الناطق الرسمي باسم «جيش الإسلام» حمزة بيرقدار، حملة النظام على مناطق سيطرة المعارضة في أطراف دمشق وفي الغوطة، إلى «عدم الالتزام باتفاق وقف النار». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «النظام يواصل اقتحام الغوطة الشرقية على كلّ جبهاتها، ويحاول التسلل مستغلاً الهدنة». وقال إن التصعيد «مستمر منذ الصباح أمس على سقبا وحموريا وكفربطنا وعربين وكذلك جوبر وعين ترما، بالطيران الحربي وقذائف المدفعية»، معتبراً أن «هذا التصعيد لا يبشّر بالخير، لكن ذلك لا يعني أننا غير مستعدين للردّ عليه، إذ أن مقاتلينا متأهبون للردّ على محاولات اقتحام الغوطة الشرقية، ومنعه من التقدم نحوها».
وأعلن بيرقدار عن تنسيق بين «جيش الإسلام» و(فيلق الرحمن) لمواجهة حملة النظام، وأوضح أنه يوم الأربعاء الماضي «عقد اجتماع ضم قادة عسكريين من الطرفين وجرى الاتفاق خلاله على بنود عدة، أهمها وضع كل الخلافات السابقة جانبا، والاتفاق على خطوات عملية بين الطرفين، تؤكد على العمل ضمن خندق واحد وهدف واحد». وقال: «لقد تمت تسوية أحد أهم البنود العالقة، وهو الإفراج عن جميع الموقوفين لدى الطرفين، وإعادة الحقوق لكليهما، وفتح الطرقات بين كل مناطق الغوطة الشرقية، لتكون بقعة جغرافية متكاملة، لا تقبل التجزئة أو التقسيم».
وأشار بيرقدار إلى أن «الأيام القادمة ستكون أكثر إيجابية لجهة التعاون بيننا وبين إخواننا في (فيلق الرحمن) لرأب الصدع، لأننا جميعاً في مركب واحد، ولتكون فوهات بنادقنا باتجاه النظام المجرم وحلفائه وميليشياته، وكل من يعبث بأمن الثورة وأهدافها سواء في الغوطة أو خارجها».
وبعيداً عن معارك الفصائل والنظام، شهدت مناطق الغوطة مواجهات بين (فيلق الرحمن) من جهة وجبهة النصرة من جهة أخرى، وكشف وائل علوان عن «توتر كبير بين الفيلق الرحمن والنصرة، بعد أن عمدت الأخيرة إلى قطع الطرقات بالحواجز ونشرت القناصين في بعض مناطق الغوطة الشرقية»، مشيراً إلى أن الفيلق «تعامل مع الأمر بسرعة، وعمل على تنظيف مواقع عدّة من فلول هذا التنظيم، ومن يؤازره من حركة أحرار الشام».
وهذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها (فيلق الرحمن) بالهجوم على مقرات الهيئة بهدف السيطرة عليها، وهذا الهجوم يتزامن مع هجوم لـ«جيش الإسلام» على مقرات الهيئة، وكأنه ترجمة للتنسيق بين الطرفين.
إلى ذلك، أعلن «جيش الإسلام» عن استكمال حملته للقضاء على (هيئة تحرير الشام) في الغوطة الشرقية، حيث جرت معارك عنيفة بين الطرفين في منطقة الأشعري سقط فيها قتلى وجرحى من الطرفين. وأكد أنه «تمكن من السيطرة على كتلة واسعة من مزارع منطقة الأشعري، إضافة للمسجد والمدرسة في المنطقة، وسط تراجع واضح لعناصر الهيئة».
أما حركة (أحرار الشام)، فهاجمت (فيلق الرحمن) بعنف، واتهمته بنشر «حواجز تشبيحية» على مداخل بلدات الغوطة، ومداهمة منازل مقاتليها. وإذ أعلنت رفضها العودة بالغوطة إلى زمن الظلم والاستبداد، رحبت بـ«أي مشروع يطرح لتشكيل إدارة مدنية للغوطة الشرقية، ترفع إثره الفصائل يدها عن القضاء والشرطة والمجالس المحلية».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.