مدحت صالح نجم ختام مهرجان الأوبرا الصيفي في الإسكندرية

أقيم على مدى 10 أيام وامتزج فيها الطرب الشرقي بالحضارة الرومانية

حفلات المسرح الروماني أعادت الوهج لمدينة الإسكندرية
حفلات المسرح الروماني أعادت الوهج لمدينة الإسكندرية
TT

مدحت صالح نجم ختام مهرجان الأوبرا الصيفي في الإسكندرية

حفلات المسرح الروماني أعادت الوهج لمدينة الإسكندرية
حفلات المسرح الروماني أعادت الوهج لمدينة الإسكندرية

أسدل الستار أمس الأحد على فعاليات مهرجان الأوبرا الصيفي بالإسكندرية على المسرح الروماني، بحفل ساهر للنجم مدحت صالح وفرقته بمشاركة عازف البيانو الشهير عمرو سليم، والذي تغنى بباقة مختارة من أعماله الخاصة إلى جانب عدد من أشهر روائع الطرب العربي التي اشتهر بأدائها لعشاق الموسيقى العربية.
وكانت فعاليات مهرجان الأوبرا الصيفي بالمسرح الروماني في الإسكندرية قد عادت بعد انقطاع دام 6 سنوات، وذلك بهدف الترويج للآثار المصرية وتنشيط السياحة لمدينة الإسكندرية. واستمرت الحفلات على مدار 10 أيام وشهدت ساحة المسرح الأثري 10 حفلات متنوعة، شهدت إقبالا جماهيرياً واسعاً. وكان من بين أهم الحفلات: حفل المطرب أحمد جمال نجم برنامج أراب أيدول، والفنان المصري أحمد سعد الذي صاحبته بالغناء الفنانة والممثلة سمية الخشاب، كما شهد المسرح حفل المطربة التونسية غالية بن علي، حيث كان الإقبال كبيراً واكتظت ساحة المسرح بالكامل بالجمهور. كما شهد حفل المطرب والممثل خالد سليم تفاعلا قويا من الجمهور الذي استقبله بـ«الزغاريد» مرددين أشهر أغانيه، كما أقامت فرقة المولوية المصرية حفل إنشاد ديني مزج الحضارة الإسلامية مع عبق الحضارة الرومانية.
وكانت جميع الحفلات كاملة العدد، وبالفعل أعادت حفلات المهرجان الوهج للمدينة الساحلية، وللمسرح الذي شهد أعمال ترميم بدأت عام 2015 على يد بعثة آثار بولندية. ويعود تاريخ المسرح إلى بدايات القرن الرابع الميلادي، وهو المسرح الوحيد من نوعه والمتبقي في مصر كلها. وهو الأكثر شهرة بين آثار مدينة الإسكندرية.
اكتشف هذا المسرح المفتوح بالصدفة عام 1960، أثناء تنقيب البعثة البولندية عن مقبرة الإسكندر الأكبر بكوم الدكة، وحينما بدأت البعثة في الحفر والتنقيب ظهرت المدرجات الرخامية، واستمر التنقيب لمدة ثلاثين عاماً بواسطة مركز آثار البحر المتوسط والبعثة البولندية وجامعة الإسكندرية، إلى أن تم اكتشاف بعض قاعات الدراسة في شهر فبراير (شباط) عام 2004، وقد اكتشفت بعض النقوش والرسومات على بعض الأجزاء بالمسرح، والتي أوضحت أن المسرح الروماني مر على ثلاثة عصور، هي: الروماني والمسيحي والإسلامي، وظهر هذا مع طراز العمارة والمواد المستخدمة فيه مقارنة بالمباني الأخرى المقامة في هذه الحقبة.
يأخذ المسرح شكل حرف «U» أو حدوة الحصان، ويتكون من 13 صفّاً من المدرجات الرخامية والمصنوعة من أحجار شديدة الصلابة، وبها أرقام يونانية، تحدد تنظيم الجلوس، ويتسع المدرج لنحو 600 شخص، ويوجد أعلى هذه المدرجات خمس مقصورات لم يتبقَّ منها إلا مقصورتان، حيث سقطت الثلاث الأخرى منها على أثر زلزال قوي تعرضت لها الإسكندرية في القرن السادس الميلادي، وسقف هذه المقصورات ذو قباب مكون من مجموعة أعمدة، وكان الهدف من بناء هذه القباب حماية الجالسين من عوامل الطقس الخارجية، كالأمطار وحرارة الشمس، بالإضافة إلى وظيفتها الأساسية في عملية التوصيل الجيد للصوت. وتقع في منتصف المدرج منصة مساحتها 45 متراً بعمق 38 متراً مصنوعة من الخشب، وكانت مكاناً لعزف الموسيقى (الأوركسترا).
وللمسرح الروماني مدخلان أحدهما جهة الشمال، والآخر جهة الجنوب، من خلال ما بين قوسين في الجدار الخارجي، تم غلقها بعد ذلك في العصر البيزنطي، بجانب حجرتين كبيرتين في المدخل إحداهما جهة الشمال، والأخرى جهة الجنوب، كانتا تستخدمان كأماكن انتظار.
كما يضم المسرح الروماني عدة قطع أثرية من عصور مختلفة، منها لوحة كبيرة عليها تصوير للملك سيتي الأول يقدم قرباناً لهيئة غير واضحة، ولوحة أخرى له وهيئة المعبود سيتي، كما يوجد تمثال على هيئة أبو الهول لرمسيس الثاني، ومثله للملك بسمتيك نفردايب رع، ولوحة عليها رأس البقرة «حتحور»، كما يضم المسرح مجموعة من الحمامات الرومانية، بالإضافة لمجموعة من بقايا أعمدة من عصور مختلفة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».