سلامة يتعهد للسراج بدعم الانتخابات المقبلة

مظاهرات في عدة مدن احتجاجا على وجود البحرية الإيطالية في المياه الإقليمية الليبية

فائز السراج خلال استقباله غسان سلامة المبعوث الأممي إلى ليبيا رفقة الوفد المرافق له في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
فائز السراج خلال استقباله غسان سلامة المبعوث الأممي إلى ليبيا رفقة الوفد المرافق له في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

سلامة يتعهد للسراج بدعم الانتخابات المقبلة

فائز السراج خلال استقباله غسان سلامة المبعوث الأممي إلى ليبيا رفقة الوفد المرافق له في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
فائز السراج خلال استقباله غسان سلامة المبعوث الأممي إلى ليبيا رفقة الوفد المرافق له في طرابلس أمس (أ.ف.ب)

استهل غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، أولى مهامه الرسمية في ليبيا أمس بلقاء فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني وحليفه السياسي عبد الرحمن السويحلي، رئيس المجلس الأعلى للدولة في العاصمة طرابلس.
تعهد سلامة خلال هذا اللقاء الذي ضم أيضا عددا من المسؤولين الحكوميين، بالعمل مع حكومة السراج والمفوضية العليا للانتخابات على تقديم الدعم اللوجيستي لكل ما تحتاجه الانتخابات البرلمانية والرئاسية المرتقبة بحلول الربيع المقبل، إذا ما اتفق على إجرائها بمعايير دولية رفيعة.
وجاءت هذه التطورات في وقت اشتعلت فيه الاحتجاجات والمظاهرات داخل عدد من المدن الليبية رفضا للاتفاق الذي أبرمه رئيس المجلس الرئاسي مع الحكومة الإيطالية، والقاضي بمساعدة إيطاليا لحرس السواحل الليبية في مكافحة الهجرة غير الشرعية.
وتناقل ناشطون ليبيون لقطات فيديو وصورا فوتوغرافية تظهر استمرار تواجد قطع بحرية عسكرية إيطالية في المياه الإقليمية الليبية، رغم تسريبات حكومية بأنها غادرت إثر تهديد المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، باستهداف قواته لها، واعتبار وجودها بمثابة انتهاك للسيادة الوطنية الليبية.
وتظاهر العشرات في طرابلس أمام مقر القاعدة البحرية الرئيسية أبو ستة في طرابلس، بينما أضرم محتجون في عدة مدن بشرق ليبيا النار في العلم الإيطالي، احتجاجا على التواجد العسكري لإيطاليا في الأراضي الليبية.
وبحسب وكالة الأنباء الليبية، الموالية للسلطات في المنطقة الشرقية، فقد شهدت مدن شرق ليبيا وكذلك طرابلس مظاهرات شعبية احتجاجاً على دخول القطع البحرية الإيطالية إلى المياه الإقليمية الليبية، حيث أحرق المتظاهرون وداسوا بأقدامهم العلم الإيطالي، كما رفعوا لافتات تندد باتفاق السراج مع الحكومة الإيطالية، معربين عن رفضهم لما سموه بمحاولة إيطاليا إعادة حكم «الفاشيست» إلى ليبيا، في إشارة إلى الاحتلال الإيطالي السابق للبلاد. كما اتهم المتظاهرون السراج بالخيانة والعمالة، وفقا لنفس المصدر.
وكان فتحي المجبري، نائب السراج وأحد أعضاء المجلس الرئاسي المقترح لحكومة السراج، قد أعلن دعمه لقرار المشير حفتر الذي أصدر تعليماته لرئاسة الأركان البحرية والجوية بقصف أي قطع بحرية تقترب من المياه الإقليمية الليبية. وحذّر المجبري في بيان له كافة الجهات الحكومية ورئاسات الأركان العسكرية المعنية بعدم الرضوخ لأي تعليمات تنتهك السيادة الليبية، منددا بدخول قطع عسكرية بحرية إيطالية للمياه الإقليمية الليبية وانتهاكها للسيادة الليبية. وقال في هذا السياق إن معاهدة الصداقة الليبية - الإيطالية ومذكرات التفاهم بين دولتي ليبيا وإيطاليا لا تُجيز بأي حال من الأحوال هذا النوع من التدخلات، بل تعارضها معارضة علنية وصريحة.
لكن في المقابل تجاهل السراج كل هذه الاعتراضات والاحتجاجات، ورحب بمقره في طرابلس بالمبعوث الأممي خلال أول زيارة له إلى ليبيا بعد توليه مهام منصبه رسميا، وأشاد خلال اللقاء بجهود المنظمة الدولية، وما تقدمه من دعم ومساعدة للوصول إلى حل سياسي للأزمة الليبية.
وقال السراج في بيان أصدره أمس إن لديه آمالا كبيرة في أن يتمكن المبعوث الأممي الجديد من حلحلة الوضع السياسي المتأزم والتقدم خطوات هامة تجاه الحل، مؤكدا حرص حكومته على مشاركة كل الأطياف في العملية السياسية، وعلى تحقيق المصالحة الشاملة بين الليبيين.
وقال السراج خلال مؤتمر صحافي عقده مع سلامة في ختام المحادثات «إننا نواجه تحديات كبرى سياسية واقتصادية وأمنية، تتطلب من كافة الأطراف الارتقاء إلى مستوى المسؤولية الوطنية»، مشيرا إلى أن «الخلاف الذي طال أمده ينعكس سلبا على حياة المواطنين ومستقبل بلادهم».
وتطرق الاجتماع بين السراج والمبعوث الأممي إلى تفاصيل خريطة الطريق المقترحة، ونتائج الاجتماع باريس الأخير الذي جمع بين السراج وحفتر، وأيضا إلى الاجتماعات الأخرى مع الأطراف السياسية المختلفة، حيث تم التأكيد على أن الاتفاق السياسي أساس أي حوار.
ودعا السراج خلال هذا اللقاء إلى أن تتحول البعثة الأممية من بعثة سياسية إلى بعثة دعم للاستقرار، وأن تعود للعمل من داخل ليبيا في أقرب وقت ممكن، مؤكدا استعداد حكومته تقديم كل الدعم لإنجاح مهمة المبعوث الأممي. كما طالب الأمم المتحدة بتقديم الدعم الفني واللوجيستي اللازمين لإتمام مرحلة الاستفتاء على الدستور والانتخابات الرئاسية والتشريعية المقترحة العام المقبل، آملا أن يكون هذا المسار محل توافق شعبي لتخرج البلاد من الأزمة الراهنة، حسب تعبيره.
في المقابل، قال سلامة إنه نقل إلى السراج رسالة من الأمين العام للأمم المتحدة لكل الليبيين، مفادها أنه يتطلع أن يرى ليبيا في وقت قريب آمنة مستقرة مستقلة، وفي بحبوحة من العيش، موضحا أن البعثة تعمل من أجل استتباب المؤسسات وتفعيلها.
وأعلن سلامة عن اتخاذ قرار يقضي بعودة تدريجية لبعثة الأمم المتحدة لتعمل من جديد من داخل ليبيا، وقال إنه يسره إبلاغ السراج بتلبية طلبه في أن تعمل البعثة إلى جانب المفوضية العليا للانتخابات، موضحا أنها ستقدم لها الدعم اللوجيستي، وكل ما تحتاجه لتكون الانتخابات بمعايير دولية رفيعة، إذا ما اتفق على إجرائها.
وقال سلامة «أنا هنا لمساعدة الليبيين على الوصول إلى حل، ومهمتي لا معنى لها إذا ما أراد البعض إبقاء الحال على ما هو عليه».
من جانبه، استغل السويحلي، رئيس المجلس الأعلى للدولة غير المعترف به دوليا، لقاءه مع المبعوث الأممي لمطالبة بعثة الأمم المتحدة بالمساعدة في بناء وتفعيل مؤسسات الدولة ليكون لها دور فاعل في الوصول إلى توافق وطني أوسع، ومُصالحة وطنية شاملة قابلة للتطبيق على أرض الواقع، كما دعا الأمم المتحدة إلى القيام بواجبها الإنساني في المساعدة على إنهاء حصار مدينة درنة، مُندداً بما وصفه بالعمل الإجرامي الذي لا يمت للقيم الإنسانية وحقوق الإنسان بصلة.
وجاءت تصريحات السويحلي في بيان رسمي أصدره مكتبه عقب لقائه بسلامة، بينما يفرض الجيش الوطني الليبي حصارا على مدينة درنة معقل الجماعات المتطرفة في شرق البلاد، تمهيدا لشن هجوم لتحرير المدينة من قبضة المتطرفين.
ونجح الجيش، الذي يقوده المشير حفتر من شرق البلاد، في تحرير مدينة بنغازي مؤخرا والسيطرة على منطقة الهلال النفطي الاستراتيجية. وبدأت طلائع قوات الجيش في فرض حصار محكم على المدينة، بينما تصدر دعوات من متعاطفين مع الجماعات الإرهابية في مدينتي طرابلس ومصراتة لتدخل دولي لمنع الجيش من القيام بمهامه في مكافحة الإرهاب، وفقا لما أكده مسؤولون عسكريون تحدثوا أمس لـ«الشرق الأوسط» شريطة عدم تعريفهم.



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.