الأوبرا المصرية تحتفي بـ«الملك» و«الدنجوان» و«الأستاذ»

تشاركوا في أعمال فنية مختلفة وجمعهم القدر في تاريخ وفاة واحد

رشدي أباظة - يوسف شاهين
رشدي أباظة - يوسف شاهين
TT

الأوبرا المصرية تحتفي بـ«الملك» و«الدنجوان» و«الأستاذ»

رشدي أباظة - يوسف شاهين
رشدي أباظة - يوسف شاهين

أسدلت دار الأوبرا المصرية أمس الستار على الاحتفالية الخاصة التي أقامتها على مدار أسبوع، لتكريم ذكرى رحيل 3 من فرسان السينما المصرية، هم «الملك» فريد شوقي، و«الدنجوان» رشدي أباظة، «والأستاذ» المخرج يوسف شاهين، الذين جمعهم القدر في تاريخ وفاة واحد هو 27 يوليو (تموز)، في أعوام مختلفة. ففي مثل هذا اليوم من عام 1980 رحل عن عالمنا الفنان رشدي أباظة، أما في عام 1998 فكان عام رحيل وحش الشاشة فريد شوقي، وأخيرا عام 2008 رحل عنا المخرج العالمي يوسف شاهين.
وقد أقامت الأوبرا أسبوعا لعرض أفلام الثلاثي، الذي بدأ من الاثنين 24 يوليو حتى 3 أغسطس (آب) الجاري، داخل سينما مركز الهناجر، حيث حظي الأسبوع بإقبال كبير من جانب الجمهور، في مشهد يوحي بأن الأفلام تعرض لأول مرة، ليؤكد ذلك أن هؤلاء النجوم ما زالوا حاضرين بيننا. والمفارقة أن الثلاثة جمعت بينهم أعمال مختلفة على الشاشة، وعلاقات أخرى خلف الكاميرات، حيث عمل فريد شوقي مع يوسف شاهين في أكثر من عمل، كان أولها في أولى تجارب شاهين الإخراجية خلال فيلم «بابا أمين» والذي أُنتج عام 1950، وبعدها في عام 1954. شاركه في فيلم «صراع في الوادي»، وبعدها فيلم «باب الحديد»، و«نداء العشاق»، وآخرها فيلم «إسكندرية ليه»، وربطت بينهما الصداقة.
وبشكل عام، قدم الفنان فريد شوقي 400 عمل فني، ما بين التمثيل والكتابة والإنتاج. اشتهر الفنان بألقاب: «ملك الترسو»، و«وحش الشاشة»، و«العملاق»، لتقديمه أدوار الفتوة والبطل القوي، نظراً لما كان يتمتع به من قوة جسدية أهلته للعب تلك الأدوار. قدم منها 300 عمل سينمائي كممثل. ومن أبرز أعماله السينمائية: «الشيطانة»، و«أصدقاء الشيطان»، و«يبقى الحب»، و«عذراء وثلاثة رجال»، و«إعدام ميت»، و«شهد الملكة»، و«يا رب ولد»، و«الشيطان يعظ»، و«الأسطى حسن»، و«أمير الانتقام»، و«صراع في الوادي»، و«رصيف نمرة 5»، و«الفتوة»، و«سواق نص الليل»، و«رابعة العدوية»، و«أمير الدهاء»، و«أفواه وأرانب»، و«رجل فقد عقله»، و«الباطنية».
كما شارك في 10 أعمال تلفزيونية، منها: «البخيل وأنا»، و«عم حمزة»، و«العاصفة»، و«الليلة الموعودة»، و«العبقري»، و«صابر يا عم صابر»، بالإضافة إلى تقديم نحو 20 مسرحية، منها: «شارع محمد علي»، و«البكاشين»، و«الدلوعة»، وغيرها من الأعمال؛ بل امتدت موهبته لتشمل التأليف والإنتاج، حيث شارك في كتابة وإنتاج كثير من الأعمال، منها: «جعلوني مجرماً»، ثم «بورسعيد»، وكان آخر أعماله فيلم «الرجل الشرس»، عام 1996، مع المخرج ياسين إسماعيل ياسين.
حصل على أكثر من 92 جائزة، أبرزها وسام الفنون الذي سلمه له الرئيس جمال عبد الناصر. أما «الدنجوان» رشدي أباظة، فقد جمعته صداقة شخصية وفنية بينه وبين فريد شوقي، فاشتركا سويا في أكثر من عمل، منها: «طريق الشيطان»، و«جعلوني مجرما»، و«سلطان»، و«القضية المشهورة»، و«وكر الأشرار». كما أسسا سويا شركة إنتاج، وتشاركت معهم النجمة نادية لطفي، وكان هدفهم الأول إنتاج فيلم يجمع بينهم، وبلغ رأس مال الشركة 12 ألف جنيه. اشتهر الفنان الراحل رشدي أباظة في السينما المصرية بجاذبيته ووسامته، حتى أصبح المعشوق الأول للنساء في فترة ستينات وسبعينات القرن العشرين، بالإضافة إلى قدرته على التنوع في أدواره بين الرومانسية والكوميدية والتراجيدية.
قدم أباظة علامات في السينما، منها: «جميلة»، و«وا إسلاماه»، و«في بيتنا رجل»، و«الطريق»، و«لا وقت للحب»، و«الشياطين الثلاثة»، و«الزوجة 13»، و«الساحرة الصغيرة»، و«صغيرة على الحب»، و«صراع في النيل»، و«عروس النيل»، و«شيء في صدري»، و«وراء الشمس»، و«أريد حلا»، و«الرجل الثاني»، و«الحب الضائع»، و«ضاع العمر يا ولدى».
كما شارك في بطولة عدد من الأفلام الأجنبية؛ لإتقانه كثير من اللغات الأجنبية، منها الإيطالية، فقدم «أمنية» أمام الإيطالية «آسيا نوريس»، و«امرأة من نار» أمام النجمة المشهورة كاميليا، و«الوصايا العشر» للمخرج سيسيل ديميل، لكنه عاد مرة أخرى للقاهرة ليسترد نجوميته، بفيلم «امرأة على الطريق» عام 1958.
وكان آخر فيلم انتهى من تصويره قبل وفاته بعنوان «سأعود بلا دموع»، ثم اشترك في فيلم «الأقوياء»، الذي مات أثناء تصويره، ولم يستطع إنهاءه، فأكمله الفنان القدير «صلاح نظمي» بدلاًً عنه.
لم يعمل رشدي أباظة مع يوسف شاهين سوى في فيلم وحيد، وهو فيلم «جميلة»، عن قصة المناضلة الجزائرية جميلة بوحريد. وبرر البعض عدم اشتراك رشدي أباظة ويوسف شاهين في أعمال أخرى إلى وجود خلافات بينهما، فكان يقال إن رشدي كان يرفض العمل مع يوسف شاهين.
ويرجع سبب الخلاف بينهما إلى استبعاد شاهين، أباظة من بطوله فيلم «الناصر صلاح الدين» وإسناد البطولة إلى الفنان أحمد مظهر.
«الأستاذ»، كما يطلق عليه، واحد من أهم المخرجين في تاريخ السينما العربية. تجاوزت شهرته حدود العالم العربي إلى العالم كله، وتظل أعماله شاهدة على مجموعة من المحطات الفارقة في السينما المصرية، ومنها مثلا «الناصر صلاح الدين»، و«الأرض»، و«باب الحديد»، و«جميلة بوحريد»، كما أنه يكاد يكون المخرج الوحيد الذي قدم سيرته الذاتية في سلسلة من الأعمال السينمائية، مثل «عودة الابن الضال»، و«إسكندرية ليه»، و«حدوتة مصرية»، و«إسكندرية كمان وكمان»، و«إسكندرية نيويورك».
قدم شاهين للسينما المصرية «بابا أمين» في 1950، وبعد عام واحد شارك فيلمه «ابن النيل» في مهرجان أفلام «كان»، وفي 1970 حصل على الجائزة الذهبية من مهرجان قرطاج، وحصل على جائزة الدب الفضي في برلين، عن فيلمه «إسكندرية ليه» في 1978، كما حصل على جائزة الدولة التقديرية عام 1994.
ونال جائزة اليوبيل الذهبي لمهرجان «كان» عن مجمل أعماله عام 1997.
كما منحته الحكومة الفرنسية وسام شرف من رتبة الفارس عام 2006، كما تم تكريمه كأهم مخرج في الوطن العربي بمهرجان السينما الدولي عام 2007.



لماذا تعثرت خطوات مواهب المسابقات الغنائية؟

لقطة من برنامج إكس فاكتور ({يوتيوب})
لقطة من برنامج إكس فاكتور ({يوتيوب})
TT

لماذا تعثرت خطوات مواهب المسابقات الغنائية؟

لقطة من برنامج إكس فاكتور ({يوتيوب})
لقطة من برنامج إكس فاكتور ({يوتيوب})

رغم تمتع بعض متسابقي برامج اكتشاف المواهب الغنائية العربية بشهرة واسعة خلال عرض حلقاتها المتتابعة، فإن تلك الشهرة لم تصمد طويلاً وتوارت بفعل اختفاء بعض المواهب الصاعدة من الشاشات عقب انتهاء مواسم تلك البرامج، وفق موسيقيين تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» وأثاروا تساؤلات بشأن أسباب تعثر خطوات المواهب الصغيرة والشابة وانطلاقها بشكل احترافي في عالم الغناء.

الناقد الفني المصري أحمد السماحي الذي كان مسؤولاً في أحد هذه البرامج أكد أن «الغرض من هذه البرامج هو الربح المادي وليس الاكتشاف الفني»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «بعض القنوات تستغل طموحات الشباب الباحثين عن الشهرة لتحقيق مكاسب دون إضافة حقيقية للفن، والدليل أن كثيراً من المواهب التي ظهرت من خلال هذه البرامج، وصوّت لها الملايين في أنحاء العالم العربي تعثرت بل واختفت في ظروف غامضة».

محمد عطية ({فيسبوك})

وتعددت برامج اكتشاف المواهب الغنائية عبر الفضائيات العربية خلال الألفية الجديدة ومنها «سوبر ستار»، و«ستار أكاديمي»، و«أراب أيدول»، و«ذا فويس»، و«ذا إكس فاكتور»، و«ستار ميكر».

ويوضح السماحي: «رغم أن كثيراً من هذه الأصوات رائعة، لكنها للأسف الشديد تجلس في البيوت، ولا تجد فرصة عمل، مثل المطرب الرائع الصوت محمود محيي الذي هاجر من مصر بعد حصوله على لقب (ستار أكاديمي) في الموسم التاسع عام 2014، حيث اضطر للتخلي عن حلمه بالغناء، متوجهاً للعمل موظفاً في إحدى الشركات».

نسمة محجوب ({فيسبوك})

ويؤكد الناقد الفني أن «هذه البرامج اكتشفت مواهب حقيقية، وسلطت الضوء على كثير من الأصوات الجيدة، لكن أين هم الآن في عالم النجوم؟».

ورغم أن «مسابقات الغناء كانت تركز على الدعاية والأنشطة التجارية، فإنها في الوقت نفسه قدمت فرصاً لكثيرين، فإن الحكم في النهاية يكون للكاريزما وحلاوة الصوت، ما يساعد على الانطلاق والمضي قدماً، وتحقيق جماهيرية بالاعتماد على النفس». وفق الشاعرة السورية راميا بدور.

محمد رشاد ({فيسبوك})

وأوضحت بدور في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه البرامج كانت النقطة المحورية التي ساعدت بعض المواهب على الانتشار، لكنها ليست منصفة أحياناً وكلما خاضت الموهبة منافسات أكبر واستمرت ذاع صيتها، ولكن بالنهاية أين هم حاملو الألقاب؟».

في المقابل، يشدد الملحن المصري وليد منير على أن برامج مسابقات الغناء تسلط الضوء على المواهب وتمنحهم فرصة الظهور، لكن النجومية تأتي عقب الشهرة المبدئية. ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «صناعة قاعدة جماهيرية للمواهب أمر صعب، ويبقى الاعتماد على اجتهاد المطرب من خلال (السوشيال ميديا) لاستكمال الطريق بمفرده». وحققت كلٌّ من جويرية حمدي ولين الحايك ونور وسام وأشرقت، شهرة على مستوى العالم العربي عبر برنامج «ذا فويس كيدز»، لكن الأضواء توارت عن معظمهن.

أماني السويسي ({فيسبوك})

ويرى الناقد الفني اللبناني جمال فياض أن «جيل ما قبل الألفية الجديدة حقق علامة بارزة من خلال برامج اكتشاف المواهب في لبنان»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هناك نجوم كثر خرجوا من هذه البرامج وأصبحوا نجوماً حتى اليوم، لكن البرامج التي أنتجت خلال الألفية الجديدة لم تؤثر مواهبها في الساحة باستثناء حالات نادرة». وأوضح فياض أن «سيمون أسمر صاحب برنامج (استوديو الفن) كان يرعى النجم فنياً بشكل شامل، ويقيم حفلات كبيرة لتفعيل علاقاته بالإعلام»، وأشار إلى أن «بعض المواهب هي اكتشافات ولدت ميتة، وقبل ذلك تركت بلا ظل ولا رعاية، لذلك لا بد أن يعي المشاركون أن نهاية البرنامج هي بداية المشوار بعد الشهرة والضجة».

فادي أندراوس ({إنستغرام})

وساهمت هذه البرامج في بروز أسماء فنية على الساحة خلال العقود الماضية، من بينها وليد توفيق، ماجدة الرومي، وائل كفوري، راغب علامة، غسان صليبا، نوال الزغبي، ديانا حداد، ميريام فارس، رامي عياش، علاء زلزلي، وائل جسار، إليسا، وإبراهيم الحكمي، وديانا كرزون، و ملحم زين، شادي أسود، رويدا عطية، شهد برمدا، سعود بن سلطان، سعد المجرد، وكارمن سليمان، ومحمد عساف، دنيا بطمة، ونداء شرارة، ومحمد عطية، هشام عبد الرحمن، جوزيف عطية، شذى حسون، نادر قيراط، عبد العزيز عبد الرحمن، ناصيف زيتون، نسمة محجوب، وفادي أندراوس، وأماني السويسي.

لكن موسيقيين يفرقون بين برامج الألفية القديمة التي كانت تعتني بالمواهب وتدعمها حتى تكون قادرة على المنافسة، وبرامج الألفية الجديدة التي كانت تهتم بـ«الشو» على حساب دعم المواهب.

ويؤكد الناقد الفني المصري أمجد مصطفى أن «سيمون أسمر عندما قدم برنامجه (استوديو الفن)، كان الأوحد في العالم العربي، وكانت نتائجه واضحة، لكن عندما انتشرت برامج أخرى لم يكن هدفها اكتشاف أصوات بل التجارة». على حد تعبيره.

ويرى مصطفى أن «(السوشيال ميديا) سحبت البساط من برامج المسابقات التي يعدها (موضة) انتهت». فيما يرهن الملحن المصري يحيى الموجي نجاح برامج اكتشاف المواهب بوجود شركة إنتاج تدعمها أو إنتاج ذاتي لاستكمال المشوار، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «هذه البرامج إذا كانت جادة فعليها أن تتبنى المواهب وتنتج لهم أغانيّ، لكن ذلك لم يحدث مطلقاً، والنتيجة تعثرهم وعدم وجودهم على الساحة».