اجتماعات مصرية ـ سودانية لتخفيف التوتر بين البلدين

غندور وشكري يصفان العلاقة بين القاهرة والخرطوم بـ«المقدسة»

اجتماعات مصرية ـ سودانية لتخفيف التوتر بين البلدين
TT

اجتماعات مصرية ـ سودانية لتخفيف التوتر بين البلدين

اجتماعات مصرية ـ سودانية لتخفيف التوتر بين البلدين

أنهت لجنة التشاور السياسي السوداني - المصري، برئاسة وزيري الخارجية مباحثاتها بالاتفاق على مواصلة الاجتماعات، وتجاوز العقبات للوصول إلى مرحلة «مرضية» في علاقة البلدين، والاعتراف واحترام «شواغل» كل طرف عند الطرف الآخر، بما في ذلك الشواغل الأمنية والعسكرية، وبالاتفاق على عقد لقاءات بين وزيري الدفاع في البلدين لمناقشة هذه الشواغل، عادّة العلاقة بين البلدين «مقدسة».
وانعقدت الاجتماعات وسط أجواء من التوتر في العلاقات السودانية - المصرية حول عدد من الملفات، ومنها تصاعد النبرة في الخلاف التاريخي على السيادة على مثلث حلايب، والموقف من سد النهضة الإثيوبي، ووقف استيراد السلع الغذائية المصرية، وقضية المعدنيين الأهليين السودانيين في مصر، وقضية المعابر الحدودية والغرامات المفروضة على رعايا الدولتين، فضلا عن اتهامات سودانية لمصر بدعم المتمردين السودانيين.
وقال وزيرا الخارجية السوداني إبراهيم غندور والمصري سامح شكري في مؤتمر مشترك بينهما عقد في الخرطوم أمس، عقب نهاية اجتماعات لجنة التشاور السياسي برئاستهما، إن دبلوماسية الاجتماعات التشاورية الراتبة أفلحت في إزالة التوتر بين بلديهما، ووصلت بالعلاقة إلى مرحلة وصفاها بـ«المرحلة المرضية في علاقات الشعبين»، وإنهما تجاوزا كثيرا من العقبات التي كانت تقف بوجه العلاقة.
وقال غندور إن الاجتماعات التي عقدت بمبنى وزارته أفلحت في تجاوز الإشكالات الكثيرة التي شابت علاقة مصر والسودان، وأسهمت في حل إشكالات «الغرامات والإقامات» لرعايا الدولتين، وقضية المعابر الحدودية المشتركة، وتابع موضحا أن «كل الإشكالات وضعناها خلف ظهرنا»، مشددا على أنهما اتفقا على استمرار انعقاد اللجنة شهرياً، وعلى عقد اجتماعات قطاعات اللجنة المختلفة لمتابعة تنفيذ توجيهات رئيسي البلدين في اللجنة العليا، واستمرار عقد لجنة المعابر الحدودية لحل أي إشكالات قد تنشأ، وعلى توقيع مذكرة تفاهم للتدريب الدبلوماسي، واستمرار التعاون القنصلي.
كما كشف عن البدء في تعاون «أمني وعسكري» مصري - سوداني مكمل للمسارات السياسية والثنائية، بقوله: «أشرنا لأهمية التعاون العسكري، ووفقاً لتوجيهات رئيسي البلدين فسيزور وزير الدفاع السوداني مصر قريباً لمناقشة أي ملفات مع رصيفه المصري»، وأقر بأن التواصل المباشر والشفافية والصراحة تعد الطريق الأمثل لحل أي إشكالات أمنية بين البلدين.
من جانبه، سخر الغندور من استخفاف الإعلام السوداني بالاجتماعات المشتركة والنظر إليها بوصفها استهلاكاً للوقت في الكلام، بقوله إن «هذه الاجتماعات ليست (طق حنك)، بل عمل دؤوب في اللجان الفنية، وقد حلت كثيرا من الإشكالات»، مشيدا بتوقف الحملات الإعلامية المتضادة بين إعلاميي البلدين، وعدّه جزءا من نجاح الاجتماعات.
وعلى الرغم من تواصل عقد الاجتماعات الوزارية والرئاسية بين البلدين، فإن تقارير صحافية سودانية ومصرية، نقلت أن تلك الاجتماعات لم تفلح في نزع فتيل التوتر القائم بين البلدين، وهو ما دفع بصحافيين لاعتبارها اجتماعات لتبادل الكلام أو «طق الحنك» بالعامية السودانية.
ووفقا للوزير غندور، فإن الجانبين اتفقا على التنسيق السياسي والبرلماني، وتبادل الزيارات والتنسيق في المنظمات الإقليمية والدولية وتبادل الدعم في هذه المنظمات.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري للصحافيين، إن بلاده تنظر للعلاقة مع السودان على أنها «مقدسة»، وتابع: «دائما نصف علاقتنا بالمقدسة، لأنها علاقة متواصلة وأزلية، وهذا الحرص ليس حكومياً فقط، بل على المستوى الشعبي».
وأوضح شكري أن المشاورات بين البلدين أفلحت في تحريك الملفات العالقة والمتأخرة، وأن لجنة التشاور السياسي التي يترأس الجانب المصري منها، تنفذ توصيات اللجنة العليا المكونة من رئيسي البلدين، بتنفيذ المشروعات الاستراتيجية التكاملية بين البلدين.
وأوضح شكري أن الاجتماعات خلصت إلى الاهتمام بـ«شواغل» كل طرف عند الآخر، ووضعت لها الحلول المناسبة لها، وإلى تقدير كل طرف شواغل الآخر، واستعداده للتعامل معها بإيجابية لإزالتها بالكامل، وقال بهذا الخصوص: «جئت للخرطوم أحمل إجابات وردود كاملة وشفافة على كل الشواغل السودانية التي طرحت علي في الاجتماعات السابقة، وأرجو أن تكون قد حظيت بالاهتمام والقبول من جانبه»، وفي المقابل، أوضح أنه تلقى وعدا سودانياً بأن تجد الشواغل والقضايا التي تهم مصر رعاية واهتمام الطرف السوداني، وبأن ترد عليها الأجهزة السودانية لإزالة معوقات مسار علاقات البلدين، وإعادتها إلى طبيعتها.
كما أبرز المسؤول المصري أن البلدين اتفقا على توحيد مواقفهما تجاه القضايا الإقليمية والدولية لمواجهة الدمار الذي يعيشه الإقليم طوال السنوات السبع الماضية، بقوله: «لقد شهد الإقليم في السنوات السبع الماضية عوامل هوان وضعف وتدمير وتشرذم، وفقد بسببها الأرواح، لذلك يجب أن تكون الخطوة الأولى استعاده الاستقرار والأمن في الإقليم، وحماية الشعوب من نفاذ الإرهاب إليها، واستعادة الوحدة والتضامن بين الشعوب العربية»، وتابع: «نحن نواجه هجمة شرسة من التنظيمات الإرهابية، ولا بد من التصدي لها من خلال التعاون على المستوى الأمني، والتعامل بشمولية للتصدي للظاهرة بكافة جوانبها».



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.