واشنطن تمهد لـ«حرب دولية» في إدلب «أكبر معقل للقاعدة في العالم»

ثلاثة مواقف توضح المقاربة الأميركية للأزمة السورية

TT

واشنطن تمهد لـ«حرب دولية» في إدلب «أكبر معقل للقاعدة في العالم»

أظهرت مواقف ثلاثة من كبار المسؤولين الأميركيين مقاربة واشنطن للوضع السوري القائم على أساس تجميد الصراع بين القوات الحكومية والمعارضة مقابل التركيز على قتال «داعش» و«جبهة النصرة» وتوحيد القوى العسكرية كافة لهزيمة هذين التنظيمين، خصوصاً أن المبعوث الرئاسي الأميركي في التحالف الدولي ضد «داعش» برت ماغورك قال إن بلاده «ملتزمة» قتل جميع المقاتلين الأجانب، بينهم 40 ألفا انضموا إلى «داعش» و«النصرة» في سوريا والعراق، وعدم السماح لهم بالخروج من هذين البلدين.
وكان لافتاً أن ماغورك قال: إن إدلب، وهي المحافظة الخارجة عن سيطرة القوات الحكومية، باتت «أكبر معقل لتنظيم القاعدة في العالم»؛ ما يفتح الباب أمام احتمالات عدة لـ«معالجة هذه المشكلة الدولية» التي لا تثير اهتمام أميركا وروسيا وحسب، بل الصين بسبب وجود آلاف من «إيغور» ضمن «الجيش الإسلامي التركستاني» في ريف إدلب، إضافة إلى تركيا بوابة إدلب إلى العالم.

حل سياسي وخروج إيران
أولاً، الصورة السورية أميركياً، حدد وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في بيان مكتوب تسلمت «الشرق الأوسط» نسخة منها، مبادئ موقف واشنطن من الأزمة السورية، قائلا: إنها الساحة الوحيدة التي وفرت فرصة للتعاون الأميركي - الروسي. وقال: «استكشفنا (مع موسكو) في الأيام الأولى مجالاً من مجالات الاهتمام المشترك، ألا وهو الإرهاب، واخترنا سوريا مكانا نختبر فيه قدرتنا على العمل معاً. نتشارك في اعتبارنا (داعش) تهديداً لكلا البلدين؛ لذا نحن ملتزمون هزيمة تنظيم داعش والمنظمات الإرهابية الأخرى، ثم استقرار سوريا في أعقاب هزيمة (داعش)». وتابع: «نعمل مع روسيا لنرى كيف نستطيع تحقيق الغاية النهائية، ألا وهي سوريا موحدة وغير مقسمة، لكن سوريا تقدم الفرصة للشعب السوري لوضع دستور جديد وإجراء انتخابات حرة ونزيهة واختيار قيادة جديدة. ولا تزال وجهة نظرنا هي أنه ليس لنظام (الرئيس بشار) الأسد دور في الحكم المستقبلي لسوريا. نحن منفتحون لتسلسل مختلف للأمور ما دام هذا ما سيتحقق في نهاية المطاف».
وأضاف نقطة ثانية، وهي «نفوذ إيران العسكري والوجود المباشر للقوات العسكرية الإيرانية داخل سوريا». وقال: «يجب أن يغادروا ويعودوا إلى ديارهم، سواء كانوا من قوات الحرس الثوري الإيراني أم من الميليشيات مدفوعة الأجر أم مقاتلين أجانب جلبتهم إيران إلى سوريا للمشاركة في هذه المعركة». هاتان، أي هزيمة «الإرهاب» وتقليص نفوذ إيران: «هما الحالتان اللتان نريدهما في نهاية المطاف، ويشاركنا في رأينا بشأنهما العديد من شركائنا في التحالف من مختلف أنحاء العالم... ونعمل مع حلفائنا في المنطقة للرد على جهود إيران التوسعية لزعزعة استقرار المناطق، ولا سيما في اليمن والعراق وسوريا، لكننا نراها أيضاً في أفغانستان».
ووضع تيلرسون ضمن ذلك الاتفاق الأميركي - الروسي - الأردني لـ«خفض التصعيد» جنوب غربي سوريا الذي هو «صامد حتى الآن، والإنجاز من هذا الموضوع هو عدم قتل المدنيين وكان هذا هدفنا، أي وقف الهجمات بالقنابل والهجمات المدفعية الضخمة التي أدت إلى مقتل الكثير من المدنيين».
ثانياً: «داعش» و«النصرة»: قدم ماغورك في جلسة مرئية في «معهد الشرق الأوسط» في واشنطن رؤية تفصيلية عن جهود التحالف الدولي لقتال «داعش» في العراق وسوريا ومدى التأثير الإيجابي لدى تفويض الرئيس دونالد ترمب إلى القادة العسكريين المحليين صلاحية اتخاذ قرارات من دون الرجوع إلى القيادة؛ ما أدى إلى استعجال السيطرة على مدينة الطبقة في ريف الرقة قبل القوات الحكومية و«حزب الله» المدعومين من روسيا وإسقاط قاذفة أميركية طائرة سورية في ريف الرقة قبل أسابيع. وقال: إن سوريا والعراق تضمان 40 ألف مقاتل أجنبي و«سيكونون هناك ونحن ملتزمون تحقيق ذلك». وأشار إلى الدور الذي تلعبه «قوات سوريا الديمقراطية» التي تضم 25 ألف مقاتل عربي ومثلهم من المقاتلين الأكراد، في تحرير الرقة، مشيراً إلى عودة الأهالي إلى مناطقهم لدى تحريرها من «داعش».
كان لافتاً، أن ماغورك سجل أن مناطق سيطرة القوات الحكومة السورية «تضم عشرة ملايين شخص 60 في المائة من السنة. هذا لا يعني أنهم يؤيدون النظام، لكن لم يجدوا سبباً لتركه»؛ الأمر الذي يفهم منه أن «قوات سوريا الديمقراطية» تقدم بديلاً للعرب السنة، بالنسبة إلى واشنطن التي دعمت تشكل مجلس مدني لحكم الرقة بعد تحريرها.

معركتا «وادي الفرات» وإدلب
بالنسبة لماغورك، هناك معركتان قادمتان: الأولى، في وادي الفرات بعد طرد «داعش» من الرقة على أيدي «قوات سوريا الديمقراطية» ومن دير الزور بأيدي قوات الحكومة بدعم روسي، خصوصاً أن واشنطن قبلت الأمر الواقع بتوغل هذه القوات من تدمر إلى دير الزور والالتفاف وراء قاعدة التنف الأميركية قرب العراق للوصول إلى البوكمال وشمال شرقي سوريا. الثانية، في إدلب؛ إذ قال ماغورك إنها «أكبر معقل لتنظيم القاعدة في العالم بعد 11 سبتمبر (أيلول) 2011، حيث ركز تنظيم القاعدة على إدلب التي تضم نائب التنظيم أيمن الظواهري» في إشارة إلى «أبو خيري المصري» الذي قتل بغارة أميركية ضمن سلسلة من الغارات ضربت قياديين في «النصرة» وتنظيمات قريبة من «القاعدة».
وانتقد ماغورك دور تركيا في «ترك السلاح» يصل إلى التنظيم في إدلب و«سنناقش ذلك مع حلفائها الأتراك لضبط الحدود». وإذ ذكر هذا بموقف واشنطن السابق بالضغط على أنقرة لإغلاق الحدود في مناطق سيطرة «داعش» شرق سوريا، فإن الخارجية التركية أعربت عن استيائها من موقف ماغورك.
الثالث: التمهيد لمعركة إدلب: وزع المبعوث الأميركي إلى سوريا السفير مايكل راتني أول من أمس بياناً خصصه للموقف من إدلب؛ إذ اعتبر أن الهجوم الذي شنته «هيئة تحرير الشام» ضد «حركة أحرار الشام» في إدلب «يعرض مستقبل شمال سوريا لخطر كبير، وشهد شمال سوريا واحدة من أكبر مآسيه». وقال راتني: «في حالة هيمنة (جبهة النصرة) على إدلب سيكون من الصعب على الولايات المتحدة إقناع الأطراف الدولية باتخاذ الإجراءات العسكرية اللازمة».
وكان تحالف «جيش الفتح» الذي يضم فصائل إسلامية بينها «النصرة» و«أحرار الشام» ويتعاون مع «الجيش الإسلامي التركستاني» (يضم نحو 2500 من إيغور الصين) سيطر على إدلب في ربيع 2015، قبل التدخل العسكري الروسي المباشر الذي أدى إلى تغيير المعادلة لصالح النظام. وبدأت سلسلة من «المصالحات» و«التسويات» التي أسفرت عن نقل مقاتلين معارضين وأسرهم ونازحين إلى إدلب كان آخرهم نحو ثمانية آلاف من جرود عرسال شرق لبنان، لتضم أكبر منطقة للمعارضة، حيث يعيش أكثر من مليوني شخص.
وشكل «جيش الفتح» مجلساً مدنياً لحكم إدلب و«قوة تنفيذية» من الفصائل لفرض السيطرة، إضافة إلى مؤسسات للخدمات وهيئات شرعية وقضائية ومدارسة ومجالس محلية. لكن «النصرة» التي باتت جزءا من «هيئة تحرير الشام» بقيادة هاشم الشيخ القيادي السابق في «أحرار الشام»، شنت الأسبوع الماضي هجوماً على «أحرار الشام» الحليف في «جيش الفتح». وبحسب مسؤول معارض، استخدمت «النصرة» تكتيكات للسيطرة واكتساح «الأحرار» بما في ذلك طردها من معبر باب الهوى مع تركيا. وأعيد فتح المعبر واستؤنف دخول المساعدات والسلع للمحافظة وهو ما خفف معاناة كثيرين.
وقال راتني: «يجب أن يعلم الجميع أن الجولاني وعصابته هم المسؤولون عن العواقب الوخيمة التي ستحل بإدلب» في إشارة إلى زعيم «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني الذي يقود «هيئة تحرير الشام». وحض راتني فصائل معارضة التي اضطرت إلى العمل مع «النصرة» بدافع من تحقيق منفعة أو الحفاظ على النفس، إن عليها أن تبتعد عن التنظيم «قبل فوات الأوان».
وقال راتني، إن واشنطن لا تزال ملتزمة توصيل المساعدات عبر قنوات تتفادى سقوطها في أيدي المتشددين، مكررا مخاوف عبرت عنها منظمات غير حكومية وهيئات معنية بتقديم المساعدات بعد مكاسبهم في الآونة الأخيرة. وقال: «خطة (النصرة) الاختباء وراء إدارة مدنية مجرد أساليب مراوغة... وهذه الإدارة مجرد واجهة زائفة».
وكانت أنقرة، التي لم تفعل الكثير لوقف تقدم «النصرة» على حساب «الأحرار»، أبدت رغبتها في دعم عملية جديدة في إدلب مشابهة لـ«درع الفرات» عندما قدمت غطاء جوياً لفصائل من «الجيش الحر» لطرد «داعش» من ريف حلب والسيطرة على ألفي كيلومتر مربع. كما أن إيران حضت النظام على التوغل إلى إدلب عبر السيطرة على جسر الشغور بين إدلب واللاذقية. وأبدت «قوات سوريا الديمقراطية» الرغبة للتقدم من عفرين، حيث يقع مركز للجيش الروسي، بدعم من موسكو لطرد «النصرة» من إدلب التي تشكل رابع منطقة لـ«خفض التصعيد» بعد غوطة دمشق وريف حمص وريف درعا التي ثبتت روسيا اتفاق «خفض التصعيد» في آستانة عبر اتفاقيات دولية - إقليمية. وأمام الاحتمالات الثلاثة، النظام وحلفاؤه أو الأتراك والمعارضة أو الأكراد وحلفاؤهم، عبر مسؤول غربي رفيع المستوى عن احتمال أن تشكل إدلب نقطة تقاطع بين الجيشين الأميركي والروسي باعتبار أن إدلب تتحول يوماً بعد يوم إلى «مشكلة دولية، وعلاجها يجب أن يكون دولياً». وقال راتني: «من الصعب إقناع الأطراف الدولية بعدم اتخاذ الإجراءات العسكرية المطلوبة» ضد إدلب.



محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
TT

محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)

دعا محافظ حضرموت، سالم الخنبشي، جميع أبناء المحافظة المنخرطين مع المجلس الانتقالي الجنوبي، وقوات الدعم الأمني، إلى العودة صوب منازلهم، أو الالتحاق بإخوتهم في «درع الوطن»، متعهداً باستيعابهم واستقبالهم وترتيب أوضاعهم.

وكشف الخنبشي -في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»- أن القوات التابعة للإمارات بدأت فعلياً الانسحاب من جميع المواقع التي كانت تتمركز فيها، سواء في حضرموت أو شبوة.

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)

وأوضح أن صفارات الإنذار دوَّت، مساء الثلاثاء، بمطار الريان، تمهيداً لسحب القوات الإماراتية الموجودة هناك، لافتاً إلى أن قوات أخرى انسحبت أيضاً من بلحاف في شبوة.

وأوضح المحافظ أن للإمارات وجوداً محدوداً في منطقتي الربوة والضبة بحضرموت بأعداد قليلة، ويقتصر على خبراء وقادة يتولون الإشراف على قوات الدعم الأمني التابعة للمجلس الانتقالي.

وأفادت مصادر متطابقة بأن القوات الإماراتية في محافظة شبوة، وتحديداً في معسكر مُرَّة، بدأت يوم الثلاثاء فعلياً تفكيك أجهزة الاتصالات، في إطار استعدادها لمغادرة البلاد، بناءً على طلب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي.

وشدَّد محافظ حضرموت على أن الحلَّ الوحيد لإنهاء الأزمة الحالية يتمثَّل في انسحاب جميع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي حضرموت والمهرة، بشكلٍ سلمي. وقال إن «الباب ما زال مفتوحاً، ونتمنى أن يستغل الإخوة في (الانتقالي) هذه الفرصة، لتجنيب أنفسهم وحضرموت وكل البلاد أي اقتتال أو مواجهة عسكرية، وأن يعودوا من حيث أتوا، بعدها يمكن الدخول في حوار سياسي حول أي تشكيل مستقبلي، ولكن من دون فرض أمر واقع بالقوة».

ولفت الخنبشي إلى جهوزية قوات «درع الوطن» التي يشرف عليها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، واستعدادها للانتشار في حضرموت والمهرة، وفقاً لإعلان حالة الطوارئ الذي أصدره الرئيس العليمي.

وأضاف أن هناك أيضاً قوات من أبناء حضرموت تُقدَّر بنحو 3 آلاف عنصر، كانوا يخدمون في المنطقة العسكرية الأولى، وهم جاهزون لمساندة إخوانهم في «درع الوطن».

وأوضح محافظ حضرموت، سالم الخنبشي، أن مستوى التنسيق مع السعودية في أعلى مستوياته. وأضاف أن المملكة «تنظر إلى حضرموت والمهرة بوصفهما عمقها الأمني الاستراتيجي؛ إذ تجمعنا حدود تتجاوز 700 كيلومتر، ومن هنا فإن أمن واستقرار حضرموت والمهرة يُعدَّان جزءاً من الأمن الاستراتيجي للمملكة»؛ مشيراً إلى أنهما «يمثلان أيضاً عمقاً بشرياً وتاريخياً وإنسانياً، وتجمعنا أواصر القربى والأخوة»، مؤكداً الحرص على «ألا تتحول حضرموت والمهرة إلى بؤرة خطر تهدد أمن المملكة».

ووفقاً للخنبشي، فإن القرارات التي أصدرها الرئيس رشاد العليمي ومجلس الدفاع الوطني جاءت في توقيتٍ مناسب، بهدف تفويت الفرصة على كل من سعى إلى استغلال الوضع، على حدِّ تعبيره.


مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)

قال بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الثلاثاء)، إن القاهرة تتابع باهتمام بالغ الأوضاع الأخيرة على الساحة اليمنية، وذلك من خلال الاتصالات المكثفة التي تجريها على أعلى المستويات وعلى مدار الساعة مع الأطراف المعنية كافة.

وأضاف البيان أن مصر تؤكد ثقتها التامة في حرص الأشقاء في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على التعامل بحكمة مع التطورات الحالية في اليمن، وذلك في إطار إعلاء قيم الأخوة بين البلدين الشقيقين، وصون وحدة الصف والمصير العربي المشترك في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها اليمن الشقيق والمنطقة.

وتعرب جمهورية مصر العربية في هذا السياق عن تقديرها البالغ لحكمة القيادتين السعودية والإماراتية في التعامل البنّاء مع تطورات الأوضاع في اليمن، والحرص على تحقيق الاستقرار في اليمن، والحفاظ على سيادته ومصالح شعبه الشقيق.

وتؤكد جمهورية مصر العربية أنها لن تألو جهداً في مواصلة اتصالاتها المستمرة مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ومع الجانب اليمني، وباقي الأطراف الإقليمية والدولية المعنية؛ للعمل على خفض التصعيد، وبما يمهد إلى التوصل لتسوية سياسية شاملة في اليمن، تحقق طموحات وتطلعات الشعب اليمني الشقيق المشروعة في مستقبل آمن ومزدهر وتدعم الأمن والاستقرار في المنطقة.


العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
TT

العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)

حذّر الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، من خطورة التحركات العسكرية الأحادية في المحافظات الشرقية، مؤكداً أنها تُمثل تهديداً مباشراً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتقويضاً للمركز القانوني للدولة، وإعادة إنتاج لمنطق السلطات الموازية الذي يرفضه المجتمع الدولي.

جاء ذلك خلال لقائه، الثلاثاء، سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، بحضور وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور شائع الزنداني، حيث خُصص اللقاء لاستعراض آخر مستجدات الأوضاع المحلية، وفي مقدمتها التطورات في محافظتي حضرموت والمهرة، الأمر الذي استدعى اتخاذ حزمة من القرارات والإجراءات الدستورية والقانونية الحازمة، حمايةً لأمن المواطنين، وصوناً لوحدة اليمن وسيادته واستقراره وسلامة أراضيه.

وفي مستهل اللقاء، رحّب الرئيس بالسفراء، مثمّناً وحدة مواقف دولهم الداعمة للشعب اليمني في أصعب مراحله، سياسياً وإنسانياً واقتصادياً، ومؤكداً أن ما تشهده المحافظات الشرقية لا يندرج في إطار خلاف سياسي داخلي، بل يُشكّل مساساً خطيراً بأسس الدولة ووحدة مؤسساتها.

وأوضح الرئيس العليمي أن القيادة اليمنية بذلت خلال الفترة الماضية جهوداً مكثفة للتهدئة وخفض التصعيد، واحتواء تداعيات الإجراءات العسكرية الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي خارج مرجعيات المرحلة الانتقالية، ودون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة تحالف دعم الشرعية، غير أن هذه المساعي قوبلت - حسب تعبيره - بالتعطيل والإصرار على فرض الأمر الواقع.

وأشار إلى أنه بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وجّه صراحة بمنع أي تحركات عسكرية خارج إطار الدولة، وتمت الموافقة على خطة إعادة تموضع تدريجية لقوات «درع الوطن» من ثلاث مراحل، نُفذت مرحلتان منها بالفعل. كما كشف عن تشكيل لجنة تواصل رفيعة المستوى لاحتواء التصعيد وفتح قنوات الحوار، إلا أن تلك الجهود لم تلقَ استجابة.

وشدّد الرئيس العليمي على أن المشكلة لم تكن يوماً نقصاً في الحلول، بل تعطيلها المتعمد، مفنداً في الوقت ذاته ما وصفها بالسرديات المضللة التي تحاول تبرير فرض الأمر الواقع بالقوة تحت لافتة مكافحة الإرهاب. وقال إن مكافحة الإرهاب «قرار دولة ومؤسسات شرعية، وليست ذريعة سياسية»، مذكّراً بالإنجازات التي حققتها المؤسسات العسكرية والأمنية اليمنية، بدعم شركائها، في تفكيك الخلايا الإرهابية، وتجفيف مصادر تمويلها، وتأمين المدن والممرات الحيوية.

وفي ملف القضية الجنوبية، جدّد الرئيس العليمي التأكيد على الموقف المبدئي والثابت من معالجتها، وفق أي خيارات تقررها الإرادة الشعبية الحرة، مع رفض قاطع لفرض أي حلول بقوة السلاح أو الأمر الواقع.

وعدّ أن اختزال القضية الجنوبية في تمثيل حصري أو تحركات عسكرية يسيء إلى عدالتها ويقوّض فرص الحل السياسي المستدام، ويلحق الضرر بأبناء الجنوب قبل غيرهم، لافتاً إلى أن هذا الموقف يتطابق مع ما أكدته المملكة العربية السعودية من أن القضية الجنوبية لا تُحل إلا عبر الحوار وفي إطار تسوية سياسية شاملة.

وحذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي من أن وجود ميليشيات لا تأتمر لأوامر الدولة يعرّض أولويات المجتمع الدولي ومصالحه في المنطقة للخطر، فضلاً عن تطلعات الشعب اليمني للأمن والاستقرار والعيش الكريم.

وأكد أن أي اضطراب في حضرموت والمهرة سينعكس مباشرة على تصدير النفط، ودفع المرتبات، ويعمّق الأزمة الإنسانية، ويقوّض الثقة مع مجتمع المانحين.

وتطرق الرئيس العليمي إلى الدور الإماراتي في التطورات الأخيرة، مؤكداً أن اليمن لا ينكر ما قدمته دولة الإمارات من أدوار ومساهمات في مراحل سابقة، لكنه شدد على أن المرحلة الراهنة تتطلب وضوحاً كاملاً، والنأي بالنفس عن دعم أي مكون خرج على آليات التوافق التي رعتها الإمارات نفسها ضمن تحالف دعم الشرعية. وقال إن أي ضغوط لدفع قوات محلية إلى تحركات عسكرية تشكل تهديداً للأمن القومي اليمني والسعودي، وتتعارض مع الأسس التي قام عليها التحالف.

وأضاف أن المطالبة بمغادرة القوات التي خرجت عن تلك الأسس «مطلب سيادي طبيعي»، لا يستهدف العلاقات الثنائية ولا ينكر التاريخ، بل يهدف إلى حماية فكرة التحالف ذاتها.

وفي ختام اللقاء، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدول الراعية للعملية السياسية إلى موقف دولي موحد وصريح يرفض الإجراءات الأحادية، ويدعم قرارات الدولة اليمنية وجهود التهدئة التي تقودها المملكة العربية السعودية، مع ممارسة ضغط سياسي وقانوني لتمكين الحكومة الشرعية من ممارسة سلطاتها الحصرية، وترجمة ذلك داخل مجلس الأمن والمحافل الدولية وفق القانون الدولي.

وختم الرئيس العليمي بالتأكيد على أن سقوط منطق الدولة في اليمن يعني غياب أي استقرار يمكن البناء عليه أو الاستثمار فيه، محذراً من تحويل اليمن إلى نموذج جديد لتفكك الدول، ومشدداً على أن الشعب اليمني يستحق فرصة حقيقية للسلام والحياة الكريمة.