غطاء سياسي لعمليات الجيش ضد «داعش» على الحدود الشرقية

مصادر عسكرية تنفي مشاركة قوات أميركية في المعركة المرتقبة

TT

غطاء سياسي لعمليات الجيش ضد «داعش» على الحدود الشرقية

منحت السلطة السياسية، الجيش اللبناني غطاء كاملاً لتنفيذ عملية عسكرية في الجرود ضد تنظيم داعش، بعد تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق «حزب الله» و«جبهة النصرة» الذي أفضى إلى ترحيل جميع عناصر التنظيم إلى إدلب السورية.
وبرز تطور لافت عصر، أمس، بإعلان قناة «الحرة» أن 70 عنصرا من القوات الخاصة الأميركية متواجدون في لبنان لمساعدة الجيش في عملياته ضد «داعش». لكن مصادر عسكرية لبنانية، نفت لـ«الشرق الأوسط»، صحة الخبر بقولها، بأن هؤلاء «يتواجدون منذ فترة، ومهمتهم متابعة المساعدات العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة للجيش، ويضطلعون بمهمات تقييم ومراقبة جودة العتاد العسكري»، مؤكدة أنهم لن يشاركوا في العملية المتوقعة ضد «داعش».
ورغم أن الحكومة لم تناقش أمس في اجتماعها موضوع التطورات في جرود عرسال، فإن مصادر لبنانية رسمية قالت لـ«الشرق الأوسط»، بأن الجيش «منح الغطاء السياسي الكامل لتحرير الأرض من تنظيم داعش الإرهابي»، في وقت لا يزال موعد انطلاق العملية مرهوناً بالعسكريين اللبنانيين الـ9 المخطوفين لدى التنظيم، والذين تحتل قضيتهم أولويات الحكومة والجيش اللبناني.
وقالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» بأن «كل الخيارات العسكرية مفتوحة لتحرير الأرض من داعش»، مشددة على أنه «لا قيود على الجيش وهناك غطاء سياسي». وقالت المصادر بأن توقيت العملية «تحدده الظروف الميدانية، والجيش لا يتحرك وفق أجندة أحد».
وأشارت المصادر إلى أن الإجراءات التي ينفذها الجيش «تتكثف» في منطقة الحدود الشرقية، لافتة إلى أن «التحضيرات متواصلة، وكل السيناريوهات مفتوحة»، وذلك بانتظار المستجدات التي قد تطرأ على ملف العسكريين اللبنانيين المختطفين لدى التنظيم، والذين يعتبر ملفهم «أساساً بالنسبة للقيادة».
وغداة إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري «أننا نفتح باب التفاوض مع داعش إذا كان من صلبه مصير العسكريين المخطوفين»، يتحدث المتابعون عن أن المفاوضات مع «داعش»، كما المعركة ضده، ستكون أصعب من المفاوضات والمعركة ضد «النصرة» بالنظر إلى أن التنظيم يحتل مواقع جغرافية أكثر وعورة وصعوبة وأكبر مما كانت تسيطر عليه النصرة، كما أن مناطقه خالية من المدنيين، وهي عوامل «قد تعقّد المفاوضات أكثر». وتُضاف إلى أن عناصر «داعش» يتصرفون وفق قاعدة «إما قاتل أو مقتول». وعليه، لا يستبعد المراقبون أن تستغرق العملية ضد «داعش» وقتاً أطول مما هي عليه العملية ضد «النصرة».
ميدانياً، نفذت وحدات الجيش المنتشرة في المنطقة الحدودية الشرقية قصفاً مدفعياً استهدف مراكز ومواقع وتحركات «داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع، أدى إلى إصابات محققة وتدمير مراكز للمتشددين.
وبينما تتضاعف التحضيرات العسكرية في المنطقة المقابلة لسيطرة تنظيم داعش في الجرود الحدودية مع سوريا، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية بأن الجيش وسّع انتشاره باتجاه وادي حميد ومدينة الملاهي في أطراف بلدة عرسال، التي كانت خاضعة لسيطرة «النصرة» غداة رحيل عناصرها. وقالت إن الجيش بدأ عملية انتشار جديدة في جرود عرسال على السلسلة الشرقية، حيث سجل دخول عدد من الدبابات واستحداث مراكز جديدة على التلال، استكمالا لما بدأه أول من أمس.
وقالت المصادر العسكرية بأن الجيش «ثبت نقاطاً متقدمة عن نقاطه السابقة، ولا تبعد كثيراً عنها، ما يمكنه من الإشراف على منطقة وادي حميد والملاهي»، مشيرة إلى أن الهدف من هذا الإجراء «منع تمدد عناصر داعش الموجودين في شمال شرقي وادي حميد في منطقة معبر الزمراني من التمدد إلى وادي حميد أو التسرب إلى عرسال وأطرافها».
وكان الحريري أكد مساء أول من أمس الأربعاء «أننا مستمرون في العمل لحل مشكلة داعش لأننا لا نقبل وجود أي نوع من الإرهاب على الأراضي اللبنانية»، لافتا إلى «أننا نفتح باب التفاوض مع داعش إذا كان من صلبه مصير العسكريين المخطوفين». وأشار الحريري بعد لقائه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم في السرايا، إلى «أننا تمكنا من إنجاز هذا الإنجاز كدولة بشكل سريع، وأجرينا مفاوضات صعبة وحصلنا على ما نريده وأنهينا هذا النوع من المشاكل في جرود عرسال»، لافتا إلى «أننا وضعنا خطة لنساعد أهالي عرسال للخروج من الأزمة التي عانوها، والجيش سيمتد في المنطقة، وهذا يصب في مصلحة عرسال ولبنان ككل». وكشف أن «الحكومة تعمل على إنهاء ملف الجنود المخطوفين لدى داعش بأفضل وسيلة ممكنة».
وفي جرود عرسال، أعلنت «غرفة عمليات حزب الله» في بيان «انتهاء عملية تطهير جرود عرسال اللبنانية، وجرود فليطة في القلمون الغربي من الإرهاب المتمثل بـ(جبهة النصرة)»، مشيرة إلى إنهاء وجود التنظيم في المنطقة.
سياسيا، شدد أمين عام تيار «المستقبل» أحمد الحريري على «ثقة تيار المستقبل بالمؤسسة العسكرية، أداة شرعية وحصرية لحماية الاستقرار الداخلي، وصون السيادة الوطنية، والتصدي لكل الأخطار التي تهدد أمن الوطن، وفي مقدمها خطر الإرهاب».
وإثر زيارته قائد الجيش العماد جوزيف عون، أكد أحمد الحريري على «موقف» تيار المستقبل الثابت بأنه لا سلاح يعلو على سلاح الجيش، وأن لا شرعية خارج إطار هذه المؤسسة الوطنية الجامعة.
وأبدى تقديره «لقيادة الجيش وعناصره على ما قاموا به من إجراءات وجهود مشرفة لحماية عرسال وتأمين سلامة أهلها والنازحين السوريين في محيطها، وعزلها عن تطورات الجرود».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.