«صمت انتخابي» في موريتانيا استعداداً للاستفتاء على تعديل الدستور

اختبار لشعبية الرئيس وسط دعوات المعارضة للمقاطعة

TT

«صمت انتخابي» في موريتانيا استعداداً للاستفتاء على تعديل الدستور

دخلت موريتانيا مرحلة الصمت الانتخابي، عند منتصف ليل الخميس - الجمعة، استعدادا لاستفتاء شعبي سينظم يوم غد السبت على تعديلات دستورية تشمل تغيير العلم الوطني من خلال إضافة شريطين أحمرين، وإلغاء مجلس الشيوخ، الغرفة العليا في البرلمان، ودمج بعض المؤسسات العمومية ذات الأدوار المتقاربة. ولكن هذا الصمت الانتخابي لن يحد من حالة الاستقطاب السياسي الحاد الذي تعيشه موريتانيا منذ انطلاق الحملة الانتخابية، إذ يرمي نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز بثقله لإنجاح هذه التعديلات الدستورية، بينما تكتلت عشرات الأحزاب السياسية والنقابات العمالية وهيئات المجتمع المدني في تحالف لرفض تعديل الدستور من خلال مقاطعة الاستفتاء الشعبي. وبينما يحتدم الصراع بين النظام والمعارضة، دخل مجلس الشيوخ على خط الأزمة، وهو الذي سبق أن صوت بأغلبية ساحقة ضد التعديلات الدستورية، ما أرغم النظام على اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي المباشر لتمريرها، في خطوة وصفها الشيوخ بغير الدستورية، ودخلوا أول من أمس (الأربعاء) في اعتصام مفتوح داخل مبنى المجلس احتجاجا على الاستفتاء «غير الشرعي» في نظرهم.
الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز في مهرجان عقده بالعاصمة نواكشوط مساء أمس (الخميس)، قال إن مجلس الشيوخ يثقل كاهل الخزينة العامة بالمصاريف، مشيرا إلى أن الدولة صرفت 16 مليار أوقية (أي قرابة 40 مليون يورو) على المجلس منذ تأسيسه عام 1992، في حين لم تستفد من ورائه أي شيء سوى تعطيل مشاريع القوانين، على حد تعبيره.
واتهم ولد عبد العزيز أعضاء مجلس الشيوخ بالوصول إلى مناصبهم عبر «الرشوة»، منتقدا الطريقة التي يتم بها انتخاب أعضاء مجلس الشيوخ عبر «الانتخاب غير المباشر»، وأضاف أن لديه أدلة تؤكد أن الشيوخ تلقوا رشى مقابل تصويتهم ضد التعديلات الدستورية عندما عرضت عليهم في شهر مارس (آذار) الماضي.
وأشار ولد عبد العزيز، في خطابه أمام الآلاف من أنصاره، إلى أن التعديلات الدستورية المقترحة خلال استفتاء يوم السبت تلغي مجلس الشيوخ، وتقترح مكانه «مجالس جهوية للتنمية»، تتولى تسيير وإدارة المشاريع التنموية في الولايات البالغ عددها 15 ولاية، مؤكدا أن ذلك سيضمن «نوعا من اللامركزية» في تسيير وإدارة مشاريع التنمية.
الحديث عن مضمون التعديلات الدستورية غاب عن النقاشات التي شهدتها موريتانيا في الأيام الأخيرة، ليتحول الاستفتاء إلى اختبار فعلي لشعبية الرئيس الذي يحكم موريتانيا منذ عام 2009، عندما انتخب رئيسا للبلاد لولاية رئاسية أولى انتهت عام 2014، ليعاد انتخابه لمأمورية ثانية وأخيرة بموجب الدستور، وتنتهي عام 2019. ولكن ولد عبد العزيز الذي أكد في أكثر من مرة أنه لا ينوي تعديل الدستور من أجل البقاء في السلطة، أعلن أن النظام سيبقى في الحكم وسيواصل العمل فيما سماه «مسيرة البناء»، وأكد أن «الباب مسدود أمام المعارضة» للوصول إلى الحكم في موريتانيا، بل إنه وصل في بعض المرات إلى أبعد من ذلك حين تحدث عن إمكانية دعمه لمرشح يختاره خلال الانتخابات الرئاسية المنتظرة عام 2019 من أجل ضمان استمرار نظام الحكم.
من جانبها، تؤكد المعارضة الرافضة لتعديل الدستور أن ولد عبد العزيز يصر على تعديل الدستور، من أجل أن يتمكن في النهاية من خلافة نفسه والبقاء في الحكم، وأكدت في أكثر من مرة أن الاستفتاء الشعبي الذي دعا له النظام يوم السبت، هو التعديل الدستوري الأول من ضمن سلسلة تعديلات ستجري خلال العامين المقبلين ستمكن ولد عبد العزيز من البقاء في الحكم.
وتراهن المعارضة على ضغط الشارع من أجل منع تعديل الدستور، إذ نظمت مساء أمس (الخميس) ثلاث مظاهرات في مناطق مختلفة من العاصمة نواكشوط، بالتزامن مع المهرجان الذي عقده الرئيس وسط المدينة، ولأن السلطات الإدارية رفضت الترخيص لمظاهرات المعارضة قامت الشرطة باستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع من أجل تفريقها.
وكان الأمن الموريتاني قد فرق خلال الأسابيع الماضية عدة مظاهرات «غير مرخصة» للمعارضة، فيما سمح بتنظيم عدة مظاهرات أخرى نالت ترخيص السلطات، وجابت عددا من شوارع العاصمة وهي تدعو السكان إلى عدم الذهاب إلى مكاتب التصويت يوم غد السبت.
ويبقى اللافت في هذا الاستفتاء الشعبي هو غياب الصراع بين «نعم» و«لا»، لصالح التنافس الشرس ما بين دعاة المقاطعة والمشاركة، لتتحول نسبة المشاركة في التصويت إلى رهان يريد نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز كسبه بنسبة كبيرة، بينما تريد المعارضة المقاطعة إقناع الموريتانيين بعدم التصويت لإثبات ضعف شعبية الرئيس.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.