لبنان يسهل تنفيذ اتفاق عرسال و{النصرة} تعيده إلى نقطة الصفر

تقديرات بنقل المدنيين ومسلحي الجبهة وعائلاتهم في مائتي حافلة إلى الشمال السوري

صحافيون ينتظرون انطلاق حافلات ستقل مقاتلي «النصرة» ومدنيين سوريين من جرود عرسال أول من أمس (رويترز)
صحافيون ينتظرون انطلاق حافلات ستقل مقاتلي «النصرة» ومدنيين سوريين من جرود عرسال أول من أمس (رويترز)
TT

لبنان يسهل تنفيذ اتفاق عرسال و{النصرة} تعيده إلى نقطة الصفر

صحافيون ينتظرون انطلاق حافلات ستقل مقاتلي «النصرة» ومدنيين سوريين من جرود عرسال أول من أمس (رويترز)
صحافيون ينتظرون انطلاق حافلات ستقل مقاتلي «النصرة» ومدنيين سوريين من جرود عرسال أول من أمس (رويترز)

تخطت السلطات اللبنانية، أمس، العراقيل المرتبطة بإنجاز المرحلة الثانية من الصفقة بين «حزب الله» و«جبهة النصرة»، عبر الإفراج عن 4 موقوفين يُحاكمون أمام القضاء العسكري اللبناني بتهمة متصلة بالإرهاب، بعد أن اشترطت «النصرة» إطلاق سراح عدد من الموقوفين لقاء استئناف تنفيذ الاتفاق القاضي بنقل مسلحي «النصرة» وآلاف المدنيين الآخرين إلى الشمال السوري.
وأدخلت «النصرة» عامل ضغط إضافيا على الاتفاق الأوليّ، بعدما تمكّن عناصرها من أسر 3 مقاتلين من «حزب الله» ضلوا الطريق ليل الجمعة الماضي، ليرتفع عدد أسرى الحزب لدى التنظيم إلى 8. وعلى أثره، رفعت «النصرة» سقف شروطها، مطالبة بالإفراج عن موقوفين لدى القضاء اللبناني بقضايا إرهابية، وهو ما وضع عراقيل أمام تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، القاضية ببدء مغادرة 9 آلاف مدني ومسلح تابع لـ«النصرة» من جرود عرسال إلى الشمال السوري.
لكن السلطات اللبنانية، دخلت أمس على خط «تسهيل» تنفيذ الاتفاق، بالإفراج عن 4 موقوفين لدى القضاء. وقال مرجع قضائي بارز لـ«الشرق الأوسط»، إن القضاء العسكري «أصدر قراراً بإخلاء سبيل 4 موقوفين، وتم تسليمهم إلى الأمن العام اللبناني» من غير الإدلاء بمزيد من التفاصيل. وقال المرجع نفسه إن هؤلاء «كانوا ما زالوا يخضعون للمحاكمة في المحكمة العسكرية، ولم تصدر أي أحكام بحقهم بعد».
ولم تفلح التسهيلات التي منحتها السلطات اللبنانية لتنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق «حزب الله» و«جبهة النصرة»، عبر الإفراج عن أربعة موقوفين لديها، بإزالة العقبات من أمام تنفيذ الصفقة، إذ وضعت «النصرة» عقبات جديدة، دفعت مدير العام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم للإعلان أن لبنان رفض الشروط الجديدة التي طلبتها «جبهة النصرة» لأنّها تمس بالسيادة اللبنانية.
ونقلت قناة NBN مساء أمس عن مصادر مطلعة على المفاوضات الجارية لانسحاب المسلحين والمدنيين من جرود عرسال، أنّ «المفاوضات تعطلت والأمور عادت إلى نقطة الصفر»، مشيرة إلى أن «أحد الشروط الذي عقّد المفاوضات هو طلب النصرة إخراج شادي المولوي ومجموعته من مخيّم عين الحلوة».
من جهتها، أفادت قناة LBCI بأنّ «الاتفاق بين حزب الله وجبهة النصرة يواجه بعض التعقيدات علما بأن الترتيبات اللوجيستية والأمنية باتت جاهزة للبدء بعملية إجلاء المسلحين وعائلاتهم من عرسال».
بدورها، نقلت قناة «الميادين» عن مصادر قولها: «إذا استمرت النصرة في الابتزاز فإن لغة القوة العسكرية ستعود».
وكانت قناة «الميادين» التلفزيونية المقربة من «حزب الله»، أفادت بأن القضاء العسكري اللبناني «وافق على الإفراج عن عدد من المحكومين السوريين بقضايا إرهاب». لكن مصدراً قانونياً، أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن القضاء لا يمكنه الإفراج عن محكومين لا يمكن أن يخلى سبيلهم إلا بعفو خاص من رئيس الجمهورية، وهو ما لم يتحقق أمس. وقال إن القضاء يمكنه الإفراج عن موقوفين لم تصدر أحكام بحقهم بعد، استناداً إلى حيثيات قانونية.
وكان المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم، المشرف على المفاوضات، أكد صباح أمس أن «تواصل المفاوضات يشمل بعض المطالب بالإفراج عن موقوفين في السجون اللبنانية».
ولاحقاً، نقل موقع «المدن» عن مصادر متابعة للملف، قولها إن موافقة القضاء العسكري على إطلاق الموقوفين الأربعة، الذين أُوقفوا بين عامي 2014 و2015 «ترجع إلى أن التهم المنسوبة إليهم هي قضايا إرهابية ثانوية، ولا دور تنفيذياً لأي منهم في عمليات تفجير أو قتل».
ومن المتوقع أن تزيل هذه المطالب، العقبات التي تواجه تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق «حزب الله» و«النصرة». وزار المشرف على المفاوضات مدير عام الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم بلدة اللبوة حيث رعى لقاء بين فاعليات من بلدة عرسال المحاذية للبوة. وأكد «أن لبنان أكبر من أن يكون متقوقعا أو ضمن حدود طائفية؛ فهو أوسع من ذلك، وأنا مدعوم من جميع القوى السياسية».
ولفت إبراهيم إلى «أن التفاوض بين (حزب الله) و(النصرة) قد ينتهي خلال ساعات»، مشيرا إلى أن هذه المفاوضات دقيقة جدا ومعقدة، معرباً عن رغبته في أن «تبقى شروط التبادل سرية». وقال إبراهيم: «من أفاوض لإطلاق سراحهم هم لبنانيون بغض النظر عن الانتماء الحزبي، وسنوافق على الشروط وفقا لكرامتنا وسيادة وطننا، ولن يستمر لبنان إلا بوحدتنا».
وكشف إبراهيم أن «المفاوضات مستمرة منذ 6 أيام»، وقال: «إذا تكلمنا عن العقبات، فستظهر عقبات جديدة، لذا أفضل عدم التكلم، لأن الأمور دقيقة جدا، ولكل مفاوض الحرية في وضع الشروط». وردا على سؤال، قال إبراهيم: «الهدف في المفاوضات هو هدف سام وإنساني، لأن (حزب الله) هو حزب لبناني، ومن نفاوض لإطلاق سراحهم هم لبنانيون». وقال: «أنا لم أفاوض في أي مرة على أساس ديني أو حسب الهوية، وأنا فاوضت للراهبات في معلولا، فكيف إذا كان من نفاوض لأجلهم هم لبنانيين دافعوا عن أرضنا».
في غضون ذلك، تواصلت الاستعدادات اللوجيستية لتنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، حيث وصلت 155 حافلة إلى عرسال لتهمّ بنقل المسلحين وعائلاتهم ومدنيين آخرين إلى الشمال السوري، وسط تقديرات بوصول أعداد الحافلات إلى مائتين بهدف نقل سائر المغادرين على دفعات.
وقال لاجئ سوري في عرسال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن مستعدون للمغادرة، لكن لم نبلغ حتى الآن بموعد الصعود إلى الحافلات»، مشيراً إلى أنه «لم يتم تحديد موعد دقيق للمغادرة».
وكانت المرحلة الأولى من الاتفاق في جرود عرسال، أنجزت مساء الأحد الماضي وقضت بتسليم 5 جثث للحزب؛ أربعة منها كانت لدى «النصرة»، وخامسة لدى «سرايا أحرار الشام»، مقابل جثث 9 مسلحين من «النصرة»، وميادة علوش وابنها اللذين كانا موقوفين لدى الأمن العام اللبناني.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.