«النواب» الأردني يلغي مادة إعفاء المغتصب من العقاب إذا تزوج بضحيته

الملقي: نتمسك بالقرار حفاظاً على الأسرة والمجتمع

 ناشطات يتظاهرن أمام مبنى مجلس النواب الأردني للمطالبة بإلغاء المادة «308» (أ.ب)
ناشطات يتظاهرن أمام مبنى مجلس النواب الأردني للمطالبة بإلغاء المادة «308» (أ.ب)
TT

«النواب» الأردني يلغي مادة إعفاء المغتصب من العقاب إذا تزوج بضحيته

 ناشطات يتظاهرن أمام مبنى مجلس النواب الأردني للمطالبة بإلغاء المادة «308» (أ.ب)
ناشطات يتظاهرن أمام مبنى مجلس النواب الأردني للمطالبة بإلغاء المادة «308» (أ.ب)

ألغى مجلس النواب الأردني، أمس، المادة «308» من قانون العقوبات، التي تعفي المغتصب من العقوبة في حال زواجه بالضحية. وذلك بعد حملة نظمها حقوقيون ونشطاء أردنيون استمرت أشهرا طويلة للمطالبة بإلغاء هذه المادة التي رفض البرلمان على مدى عقدين إلغاءها.
وقال رئيس الوزراء الأردني هاني الملقي، أمام مجلس النواب، إن الحكومة متمسكة بإلغاء المادة «308» من القانون للحفاظ على الأسرة والمجتمع. وبذلك ينضم الأردن إلى دول؛ منها مصر والمغرب وتونس، ألغت من تشريعاتها نصوصا تعفي الجاني من العقاب في حال تزوج بالمجني عليها.
ووفقا لوكالة الأنباء الرسمية «بترا»، ألغيت المادة بعد أن أقر المجلس مشروع قانون معدل لقانون العقوبات لسنة 2017.
وتابعت الوكالة أنه «بشطب المادة (308)، ينضم الأردن إلى قائمة دول أجنبية وعدد قليل من الدول العربية ألغت من تشريعاتها نصوصا تعفي الجاني من العقاب في حال تزوج بالمجني عليها».
بدورها، ثمنت وزيرة التنمية الاجتماعية الأردنية هالة لطوف، قرار مجلس النواب، مشيرة إلى أن ذلك يعد إنجازا للأردن وحماية للنساء والقاصرين.
وكانت الحكومة الأردنية تقدمت بنص معدل لقانون العقوبات يلغي المادة «308» التي تعفي مرتكب الجريمة الجنسية من عقوبته في حال زواجه بالضحية، لكن اللجنة القانونية في مجلس النواب أعادت المادة وعدلت عليها بحيث حصرت تطبيق المادة «308» من قانون العقوبات في 3 حالات؛ هي: مواقعة قاصر بالرضا، وهتك العرض لقاصر دون عنف، ومن خدع بكرا بالغة بوعد الزواج. لكن النواب رفضوا في جلستهم تعديل اللجنة القانونية لمجلس النواب، وأبقوا على النص المعدل الوارد من الحكومة الذي ينص على الإلغاء.
وقالت لطوف للصحافيين إن «الأصل أن تكون الأسرة مبنية على المودة والرحمة، فيما كانت المادة (308) لا تحقق هذا الهدف»، موضحة: «الغاية من زواج الجناة في هذه الحالات الإفلات من العقاب، فيما يشكك في عنصر الرضا لدى الفتيات فيما إذا كان الضغط أو التهديد، بالتالي فإن الزيجات التي كانت تنجم عن المادة (308) لا تحقق الغاية في إنشاء أسرة مبنية على المودة والرحمة».
وتابعت أن «الإلغاء التام للمادة جاء ضمانا لحماية الفتيات، وحتى الفتيان القاصرين من التغرير بهم واستغلالهم»، لافتة إلى أن «غالبية الحالات التي تعاملت معها دور الإيواء التابعة للوزارة هي حالات تم فيها استغلال فتيات قاصرات من قبل بالغين من أصحاب أسبقيات، وذلك بوهم الزواج، أو لإجبار ذوي الفتيات على تزويجهن بأشخاص غير مناسبين، حيث كانت المادة (308) تسمح بهذا النوع من الاستغلال».
وفي ردها على بعض الملاحظات من أن عدم إسقاط العقوبة يتعارض مع إرادة الأفراد في قرارات تتعلق بالزواج، أوضحت لطوف أن «إلغاء المادة لا يمنع أيا من كان من الزواج، ولا يتدخل بقرارات الأفراد بخصوص الزواج، وإنما في حال وجود شكوى، فإنه يجب التحقيق في القضية وإحقاق العدالة».
ووصفت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الحقوقية إلغاء المادة بأنه «خطوة إيجابية لتعزيز سيادة القانون ووضع حد للإفلات من العقاب في العنف ضد النساء». وقالت سارة ليا ويتسون، مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة، إن هذه المادة «أفسدت السجل الحقوقي الأردني طوال عقود».
من جهتها، قالت المحامية إيفا أبو حلاوة، مديرة مركز «ميزان» الأردني للقانون الذي يقدم العون القانوني لضحايا الاغتصاب، إن «إلغاء هذه المادة انتصار لكل ضحايا الاغتصاب، وأثبت البرلمان تقدم الأردن وتقدم تشريعاته»، وفق ما نقلت عنها وكالة الصحافة الفرنسية.
وكان مجلس النواب الأردني ألغى قبل يومين الأعذار المخففة للقاتل بداعي جرائم الشرف، وأبقى على العقوبة المنصوص عليها في قانون العقوبات التي تصل إلى الإعدام أو السجن المؤبد، بعد أن كان الجاني يعاقب بسجنه لمدة تصل في أقصاها إلى 5 سنوات.
يذكر أن 12 امرأة و6 أطفال قتلوا في النصف الأول من عام 2017 في جرائم أسرية بعضها كان بذريعة الشرف، حسب جمعية «تضامن» الأردنية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم