احتشاد مصري حول مبادرة «تثبيت الدولة»

أطلقها الرئيس السيسي وتدعو لمواجهة {الأفكار الهدامة}

احتشاد مصري حول مبادرة «تثبيت الدولة»
TT

احتشاد مصري حول مبادرة «تثبيت الدولة»

احتشاد مصري حول مبادرة «تثبيت الدولة»

مع إعطاء الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، تعليمات صارمة بالبدء في تنفيذ مشروعات استثمارية ضخمة في أكبر منطقتين على الحدود الشمالية الشرقية والشمالية الغربية، تزايد الاحتشاد الشعبي حول مبادرة «تثبيت الدولة» لمواجهة الإرهاب، التي أطلقها الرئيس نفسه، الأسبوع الماضي، في مؤتمر للشباب، والتي تدعو لمواجهة التطرف والأفكار الهدامة.
وتلقفت أحزاب ومنظمات وإذاعات وبرامج تلفزيونية مصرية، المبادرة التي تأتي في ظروف أمنية واقتصادية صعبة، وبدأت خلال اليومين الماضيين في التفاعل معها. وقال اللواء عادل العمدة، المستشار في أكاديمية ناصر العسكرية العليا في القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»: «نعم، الأمر يتطلب بالفعل عرض التحديات والتهديدات التي تواجه الدولة المصرية وأسبابها ودلالتها... كل هذا يعكس مدى وعي الشعب بما هو آت»، بينما أكد العميد سمير راغب، رئيس المؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية، لـ«الشرق الأوسط»، أن الإجراءات المصرية الأخيرة «بداية حقيقية لمواجهة التهديدات الإرهابية».
وتأتي التحركات الأخيرة لمواجهة التطرف في سياق التزام الدول العربية الأربع (السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين) بمحاربة الإرهاب، وتجفيف مصادر تمويله، وملاحقة المتورطين فيه، ومكافحة حواضن خطاب الكراهية.
وقال مسؤول في الرئاسة المصرية إن مبادرة «تثبيت الدولة» جاءت ضمن حزمة إجراءات أمنية واقتصادية اتخذها الرئيس السيسي قبل أيام، كان من بينها إنشاء مجلس قومي لمواجهة الإرهاب والتطرف، برئاسته، ويضم في عضويته كبار رجال الدولة ومثقفين وخبراء، مع توجيهات بتنفيذ مشروعات استثمارية في سيناء (شمال شرق) ومطروح (شمال غرب).
وفي استجابة سريعة للحراك الداعي لمواجهة الإرهاب والحفاظ على الدولة، وضعت شبكات الإذاعة والتلفزيون المصرية، أمس، خريطة برامج متنوعة تضمنت عدة محاور لإبراز جهود الدولة ومؤسساتها للنهوض بالوطن، والتأكيد على مبدأ المواطنة، والتوعية بظاهرة الإرهاب، وجهود الدولة في مكافحته.
وتخوض مصر حرباً ضد الجماعات الإرهابية في سيناء، وعدة محافظات أخرى، منذ نحو أربع سنوات، سقط فيها مئات القتلى والجرحى، كما تواجه مخاطر تسلل العناصر المتطرفة من حدودها الغربية مع ليبيا، التي تعاني من الفوضى، وتنتشر فيها الجماعات المتشددة.
وقال اللواء العمدة، الذي يشغل أيضاً عضوية المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن المصريين عليهم أن يختاروا بين «دولة قوية» و«دولة فاشلة»، وعليهم أن يقارنوا بين دولتهم المتماسكة وبعض الدول التي أنهكها الاقتتال الداخلي، وتحولت إلى دول فاشلة.
وفي استجابة لمبادرة «تثبيت الدولة»، بدأت شبكة قنوات النيل المتخصصة، التابعة للهيئة الوطنية للإعلام، في استضافة متخصصين في شؤون الإرهاب الدولي لتوعية المواطنين بالمخاطر الخارجية، ومواجهة الأفكار الهدامة، وفضح أساليب الإرهابيين. وتشمل الحملة أيضاً مواجهة المنصات الإعلامية التي تهدف إلى التشكيك في الدولة المصرية، وقدرتها على علاج المشكلات الأمنية والاقتصادية.
وفي هذا الإطار، أفاد مسؤول في الهيئة الوطنية للإعلام بإطلاق برامج لنشر الصور الإيجابية، والجهود التي يقوم بها الرئيس السيسي للنهوض بالدولة، والحفاظ على مقدرات الشعب، وتسليط الضوء على المشروعات الكبرى التي أطلقها خلال الشهور الماضية، ومنها مشروعات في البنية الأساسية، وأخرى تخص توسيع الرقعة الزراعية، وتوسيع شبكة الطرق وغيرها.
وقال اللواء العمدة: «لو لم نكن نسير على الطريق الصحيح، ما تعامل معنا صندوق النقد الدولي»، مشيراً إلى أن الرأي العام المصري لا بد أن يدرك موقعه وما هو فيه، مقارنة بما يجري حوله في المنطقة، من حروب واقتتال وفوضى. وأضاف: «لا بد من بذل مزيد من الجهد لتوضيح الصورة للمواطنين».
وفي محافظة الإسكندرية، التي شهدت الأسبوع الماضي لقاء الرئيس السيسي بالمؤتمر الرابع للشباب، أمر حسين زين، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، قطاعات البرامج بإعداد خريطة متميزة تهدف إلى توعية المواطنين بالتحديات والمخاطر، وبما يحاك لمصر من مؤامرات تهدف لإسقاطها، وقال إن الإعلام الوطني لا بد أن يضطلع بدوره في تعزيز وحدة الصف لمواجهة المخاطر، والتغلب عليها.
ومن جانبه، قال العميد راغب عن الإجراءات المصرية الأمنية والاقتصادية التي اتخذها الرئيس السيسي أخيراً، إنها خطوة مهمة تأتي ضمن حزمة من القرارات الأخرى، وأضاف: «نحن في حاجة لمثل هذا التحرك... إنشاء المجلس القومي لمواجهة الإرهاب والتطرف، على سبيل المثال، يعد خطوة مهمة في إطار ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من تهديدات وقلاقل».
وفي حين أكد اللواء عبد الفتاح حرحور، محافظ شمال سيناء، أن السيسي يولي اهتماماً كبيراً بتنمية وتعمير سيناء، خلال لقاء له مع أساتذة جامعات الليلة قبل الماضية، اجتمع السيسي مع اللواء علاء أبو زيد، محافظ مطروح، وبحث معه تنفيذ عدد من المشروعات التنموية الكبرى في نطاق المحافظة، تتضمن مركزاً اقتصادياً وسياحياً عالمياً، وتجمعات عمرانية، ومركز استشفاء، ومنطقة صناعية ولوغستية، وإقامة ميناء تجاري جديد على البحر المتوسط، في أقصى شمال غربي البلاد.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).