واشنطن تريد توسيع مناطق وقف التصعيد

نشاط دبلوماسي في موسكو يستبق {آستانة} و{جنيف}

وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون
وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون
TT

واشنطن تريد توسيع مناطق وقف التصعيد

وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون
وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون

قال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إن بلاده ترغب بتكرار نموذج مناطق وقف التصعيد التي توصلت إليها بالاتفاق مع روسيا، في أجزاء أخرى من سوريا.
وأعرب الوزير في تصريحات أمس، عن أمله «بتفادي اندلاع حرب أهلية في سوريا بعد هزيمة تنظيم داعش».وشدد على أن «وجهة نظر أميركا لا تزال أنه لا مستقبل للأسد في حكم سوريا، وينبغي أن يعود المقاتلون الإيرانيون إلى بلادهم».
وتشهد العاصمة الروسية نشاطاً دبلوماسياً حول الأزمة السورية، وسط ترجيحات بعقد الجولة السادسة من مفاوضات التسوية السورية في آستانة، منتصف الشهر الحالي، أي قبل أسبوعين عن الموعد المعلن سابقاً. ويجري رمزي رمزي، نائب المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، مشاورات في موسكو، اليوم (الأربعاء)، مع نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، يركزان خلالها على آخر تطورات الوضع في سوريا، والعملية التفاوضية في جنيف وآستانة.
وفي غضون ذلك، قالت وسائل إعلام روسية وإيرانية إن حسن جابر أنصاري، نائب وزير الخارجية الإيراني رئيس وفد طهران إلى مفاوضات آستانة، قد وصل أمس (الثلاثاء) إلى العاصمة الروسية. وقالت وكالة «ريا نوفوستي» إنه من المتوقع أن يجري أنصاري محادثات مع نائب وزير الخارجية الروسي المبعوث الرئاسي الخاص إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ميخائيل بوغدانوف، وكذلك مع المبعوث الرئاسي الروسي الخاص إلى الأزمة السورية ألكسندر لافرينتيف، فضلاً عن محادثات مع نائب وزير الدفاع الروسي ألكسندر فومين. وستركز المحادثات مع المسؤولين الروس على تطورات الوضع في المنطقة، لا سيما الأزمة السورية ولقاء آستانة المقبل.
وفي حديث أمس لوكالة «تاس»، قال غينادي غاتيلوف إن الجزء الأكبر من المشاورات مع رمزي رمزي سيكون مخصصاً لبحث الجانب الإنساني، ولفت إلى أن إقامة مناطق خفض التصعيد ساعد في تحسين وصول المساعدات لمن يحتاجونها. وعبر نائب وزير الخارجية الروسي عن ارتياحه لاستمرار مفاوضات جنيف «دون فترات توقف وانقطاع»، ووصف أجواء المفاوضات بأنها إيجابية، وقال إن «تلك الأجواء الإيجابية في مفاوضات جنيف تكونت إلى حد كبير بفضل سير المفاوضات في آستانة».
وأشار إلى ما قال إنه «تحول جدي في مجال إقامة مناطق خفض التصعيد»، معرباً عن أمله في أن يعطي هذا الأمر «دفعة إيجابية إضافية لمفاوضات جنيف»، داعياً إلى الاستفادة من هذه الأجواء لضمان الدينامية الإيجابية في العملية التفاوضية. وأكد غاتيلوف أن روسيا تدعو إلى مفاوضات مباشرة بين الأطراف السورية، دون شروط مسبقة، لافتاً إلى أن «موسكو تعمل في هذا المجال مع دمشق، ومع مجموعات المعارضة السورية المسلحة، التي لنا اتصالات معها، وكذلك مع كل الدول المعنية، المنخرطة في المفاوضات».
وبالتزامن مع هذا الحراك الدبلوماسي في موسكو حول الأزمة السورية، انطلقت في طهران أمس مشاورات تقنية على مستوى الخبراء من الدول الضامنة، تستمر حتى اليوم، وتبحث نتائج الجولة الأخيرة الخامسة من المفاوضات في آستانة، بينما ذكرت وسائل إعلام أن الجولة المقبلة (السادسة) من مفاوضات آستانة، التي كانت مقررة في الأسبوع الأخير من أغسطس (آب)، ستعقد في موعد مبكر، وتحديداً يومي 14 و15 أغسطس.
وفي تعليقه على الأنباء حول تقريب موعد «آستانة - 6»، قال أنور جايناكوف، المتحدث الرسمي باسم الخارجية الكازاخية، في تصريحات أمس، إن الجانب الكازاخي لا علم له بأي موعد جديد للقاء.
وتجدر الإشارة إلى أن الجولة الخامسة من المفاوضات في آستانة انتهت، مطلع يوليو (تموز) الماضي، بالفشل في التوقيع على أي وثيقة، بما في ذلك عدم تمكن وفود الدول الضامنة من التوصل لاتفاق حول كثير من تفاصيل 3 من مناطق خفض التصعيد، لذلك توافق المجتمعون على إحالة كل تلك المسائل إلى المشاورات التقنية بين الخبراء من الدول الضامنة، للتوصل إلى اتفاق حولها وعرضه على جولة آستانة المقبلة في أغسطس. وأعلن في البيان الختامي، حينها، أن الجولة السادسة من لقاءات آستانة ستجري في الأسبوع الأخير من أغسطس، بينما لم تستبعد مصادر روسية تغيير الموعد إلى وقت مبكر. وأشارت تلك المصادر إلى أن الأمر رهن بإنجاز الخبراء لتفاصيل مناطق خفض التصعيد.
وفي شأن متصل، لا تزال روسيا تشعر ببعض القلق إزاء احتمال تراجع مستوى التعاون مع الولايات المتحدة في الملف السوري، على خلفية التوتر بين موسكو وواشنطن، بسبب العقوبات الأميركية ضد روسيا، والرد الروسي عليها. إلا أن المسؤولين الروس والأميركيين يؤكدون استمرار الاتصالات بفعالية في هذا المجال.
ويوم أمس، أشار غينادي غاتيلوف إلى أهمية الاتصالات الروسية - الأميركية لتسوية الأزمة السورية، وأكد أن «الاتصالات تجري مع الأميركيين حتى الآن، وبصورة خاصة حول منطقة خفض التصعيد جنوب سوريا»، لافتاً إلى «استراحة قصيرة في تلك الاتصالات حالياً». وعبر بعد ذلك عن أمله في ألا تنقطع تلك الاتصالات، وأن «يستمر لاحقاً التعاون بين البلدين، الرامي إلى القضاء على التهديد الإرهابي في سوريا. ونرى أن الجميع مهتم بهذا الأمر، روسيا والولايات المتحدة، وبالطبع الشعب السوري الذي يتعرض للتهديد المباشر من جانب الإرهابيين».
وأكد غاتيلوف أن روسيا مستعدة للمحادثات مع الأميركيين، ومواصلة الاتصالات حول الشأن السوري، بغض النظر عن كل العوامل الأخرى. وأضاف: «عازمون على الحفاظ على الاتصالات العملية، وعلاقاتنا مع الشركاء الأميركيين».
وعلى الجانب الأميركي، أكد البنتاغون، على لسان المتحدث الرسمي جيف ديفيس، أن كل قنوات الاتصال بين العسكريين الأميركيين والروس، حول الوضع في سوريا، ما زالت تعمل بالفعالية ذاتها.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.