المرأة والدراما... تشويه أم واقع؟

المجلس القومي المصري يتهم المسلسلات بارتكاب 990 مخالفة ضد النساء

نيللي كريم في مشهد من مسلسل «تحت السيطرة»
نيللي كريم في مشهد من مسلسل «تحت السيطرة»
TT

المرأة والدراما... تشويه أم واقع؟

نيللي كريم في مشهد من مسلسل «تحت السيطرة»
نيللي كريم في مشهد من مسلسل «تحت السيطرة»

أحصى المجلس القومي للمرأة في مصر، الصورة السلبية التي أصبحت لصيقة ببنات حواء في الدراما، من واقع المسلسلات التي عرضت في شهر رمضان الماضي. والأرقام التي انتهى إليها التقرير مستعينا ببيان إحصائي، لو أنّنا قرأناها بعيدا عن التحليل والظلال، لاكتشفنا أنّنا بصدد أكبر جريمة في التاريخ، تحاك ضد النساء للحط من الصورة الذهنية للمرأة المفترى عليها.
جاء في التقرير الذي أشرفت عليه الدكتورة مايا مرسي رئيسة المركز، أنّ الحالة سيئة جدا، 990 مشهدا به عنف، وهو متعدد الأوجه وكأنه قنبلة عُنقودية، وعنف أدبي ومادي، والقضايا التي نوقشت، 20 قضية منها متعلقة بالمرأة، تنوعت بين التحرش والعنف والتعذيب والطلاق والابتزاز والزواج غير الشرعي والزواج القهري والدجل والشعوذة. وقد أشارت الأرقام صراحة إلى 530 مشهد عنف معنوي، و326 معنوي ومادي، ناهيك عن الشتائم التي تناثرت في المسلسلات وكأنّها توابل توضع على طبخة فاسدة. نعم، من حقك أن تقول وعلى طريقة عميد المسرح العربي يوسف بك وهبي، بعد قراءتك لهذه الأرقام: «يا للهول»، المخالفات نظريا هي الهول بعينه، وتؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أنّ هناك خطة ممنهجة توجّه فيها ضربات متلاحقة للنساء. ولكن تمهل قليلا ودعنا نتأمل معا هذا الافتراض النظري، لو أنّ هناك مجلسا قوميا موازيا، وهذه المرة عنوانه الرجل، وهذا المجلس منوط به متابعة الوجه الآخر للعملة، أقصد صورة الرجل في الدراما، ألن يتضاعف عدد المخالفات التي ارتكبها الرجال، وفي هذه الحالة سيشير التقرير الذكوري إلى أنّه على العكس تماما، وأنّ الدراما أساءت أكثر للرجل، فهو الذي يعذّب أو يتحرش بالمرأة، وهو الذي يغويها بالانحراف، وفي هذه الحالة ستعتبرها مؤامرة مكتملة الأركان ضد الرجل. الاستسلام المطلق لمثل هذه الأرقام باعتبارها عنوان الحقيقة، هو أول الأسباب التي تطمس تماما الحقيقة. من البديهي أنّ النموذج السيئ لا جنس له، سواء كان رجلا أم امرأة، ولكن كيف توثّق تلك الأرقام؟ هذا هو السؤال.
لا تتناول زاوية رؤية المركز القومي للمرأة بطبعها، كل أبعاد الصورة، ولكنّها قد تتوقف أمام جملة حوار بها تجاوز أو ربما يستوقفها فستان ساخن ترتديه ممثلة، أو كلمة تحمل انفلاتا توجه لامرأة، وغيرها طبعا، إلا أنّ الدراما لا تقيم أبدا بتلك المعايير الأخلاقية المباشرة، وليس معنى ذلك أنّ الدراما تقف على الجانب الآخر من الأخلاق، إلا أنّها لا تُقيم بمثل هذا المعيار.
قبل نحو عامين مثلا قدّمت الدراما مسلسلا تحذيريا ضد مخاطر الإدمان، هو «تحت السيطرة»، تناولت الأحداث وقوع بعض المراهقين تحت غواية التعاطي، إلا أنّ بعض المراكز العلمية المتخصصة في مكافحة الإدمان، وجدت من خلال كثير من التفاصيل التي تخللت المسلسل، وكأنّه بات يروج للتعاطي، واستوقفتهم الأرقام التي تضمنتها مرات تناول الجرعات، فكان الرقم كبيرا ومزعجا، بينما الآن «تحت السيطرة» يُقيّم باعتباره المسلسل الأكثر نجاحا في التنبيه لخطورة الإدمان.
لا أنكر طبعا أنّ الفضائيات صارت عند كثيرين، المصدر الأول لحالة الانفلات اللفظي التي بات عليها الشارع العربي، في كثير من ممارساته بسبب ما تبثه، خصوصا المسلسلات الرمضانية، من ألفاظ لم تتعوّد عليها الأذن العربية، فأصبحت مستأنسة ومتداولة بل ومستحسنة عند البعض. فهل نحمّل الدراما تبعات المسؤولية كاملة؟
لا نستطيع أن ننكر أن كثيرا من العادات تنتقل إلينا عبر الشاشة، إلا أنّنا في الوقت نفسه، لا يمكن أن نستسلم ونضع محاذير على كل ما يبث إعلاميا، خوفا من انتقاله إلى البيت. قبل نحو 25 سنة، أخرج أوليفر ستون فيلمه «وُلدوا ليقتلوا»، ينتقد فيه وسائل الإعلام، وكيف أنّها صدّرت العنف للمجتمع فبات أكثر دموية.
العلاقة كانت ولا تزال تبادلية بين الشارع والشاشة، تنقل الدراما ما يجري في الشارع، ثم تُصدّره للناس.
في العالم تُولد كلمات جديدة، وتتغير الأطر الدلالية لبعضها من حقبة إلى أخرى، ويجب علينا أن نذكر أنّ الكلمة قبل أن يجري تداولها، لا تأخذ ضوءا أخضر ولا تصريحا رسميا من مجمع اللغة العربية، ولكنّها تنتزع حضورها عنوة في الحياة، وكل زمن يطرح مفرداته، ولو تابعت لغة التخاطب عبر «النت»، ستكتشف أنّ ما تسمعه في المسلسلات، كلمات مهذبة جدا بالقياس لما هو متداول بكثافة الآن في العالم الافتراضي من خلال «فيسبوك» و«تويتر».
من البديهي أن تتسلّل هذه الكلمات أيضا إلى الشاشة، ليس هذا تبريراً ولا دفاعاً عنها، فهي في جزء منها تجرحنا كلنا، ولكنّ المنطق يقول إنّ الدراما لا يمكن أن تنعزل عن الشارع أو تعيش في غرف معقمة. الشارع مليء بكثير من التجاوزات، ويظل الفيصل قدرة الفنان على أن يأخذ من الشارع ما يُعبّر عنه، وفي نفس الوقت لا يلعب دور المروّج لعبارات تجرح الناس في البيوت.
يجب أن نذكر في هذا الصّدد أنّ سوق الكتابة الدرامية اقتحمه جيل جديد، القليل منهم موهوب والغالبية موهومة، معتقدين أن مجرد كلمات مما يوصف حاليا بقاموس «الروشنة»، من الممكن أن يمنح الحوار نكهة عصرية. ولكن كل ذلك لا يعني أن ننتقل للوجه الآخر وهو التجاوز وخدش الحياء، وبالطبع علينا أن نذكر أنّ إحدى أهم وسائل المواجهة، هو التصنيف العمري الذي لجأت إليه الرقابة بكثافة هذا العام، وصار متصدرا المشهد في كثير من المسلسلات. وقبل أن تقرأ أسماء المشاركين في العمل الفني، يحدد لك، هذا مثلا فوق 18، وذاك فوق 12، إذ يطالعك التحذير الذي يحدد الفئة العمرية التي يجوز لها فقط مشاهدة المصنف الفني.
في كثير من دول العالم يُعتبر التصنيف بمثابة تعاقد بين المحطة والجمهور، ومع الزمن سوف يبدأ المشاهد العربي في التعاطي الصحيح مع هذا التحذير، باعتباره القانون الجديد السائد حاليا.
علينا في كل الأحوال ألا نُحمّل الدراما كل موبقات الشارع، كما يعتبرها البعض مروجة للجريمة مثلا في مسلسل «الأسطورة» الذي عُرض في رمضان قبل الماضي، وأحدث ضجة في الشارع، ولا يزال يُشار إليه باعتباره المسؤول عن كثير من حالات الانفلات التي تجري في المجتمع. تضمّن المسلسل مشهدا لرجل يجبره محمد رمضان على ارتداء زي امرأة، وذلك انتقاما منه لأنّه في سنوات غيابه داخل السجن، أساء إلى أسرته. وقبل أن ينتهي شهر رمضان تحوّل إلى مشهد واقعي، تجري أحداثه في إحدى قرى محافظة الفيوم. على الفور، أُشير بأصابع الاتهام نحو المسلسل، على الرغم من أنّ الحقيقة هي أنّ هذا المشهد متعارف عليه في عدد من القرى، ويوصف بالتجريس (التشهير)، وهو في معناه الأشمل يؤكد تفشي ثقافة سلبية في المجتمع، وهي أنّ الناس تأخذ حقّها بيدها بعيدا عن القانون، كما أنّه يحمل في جانب منه، نظرة دونية للمرأة. أقصد أنّ المسلسل لم يروّج لتلك الجريمة النكراء، ولكنّه حرص على تقديمها لأنّها أصلا موجودة في الشارع. أنا أرى أنّ المكاشفة واحدة من طرق الإصلاح، بينما غض الطرف عمّا يجري في المجتمع، بحجة ترديد مقولة «عدم نشر الغسيل القذر»، هو أسوأ الحلول.
أنا مثل الملايين غير راضٍ عن حال الدراما، ولكنّ هذا لا يعني أن هناك مؤامرة تحاك ضد المرأة، والمخالفات التي رصدها المجلس القومي، حملت في جزء كبير منها نظرة متحيزة، مع المرأة. وعلينا الإشارة لهذه البديهية، وهي أنّ الانحراف والجرائم طوال تاريخ المسرح والرواية قبل السينما والتلفزيون، تُشكل في العالم كله القسط الأوفر من الأعمال الفنية، ويبقى فقط أسلوب المعالجة في طريقة انتقالها للشاشة. علينا أن نقف على شاطئ التحذير وليس الترويج، وفي هذه الحالة تنتفي الفوارق بين المرأة والرجل.



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.